كثّفت الأممالمتحدة اتصالاتها مع دمشق أمس لاستعجال تنفيذ قرار الحكومة السورية بعد «تدخُّل روسي» للسماح بإدخال إغاثة إنسانية إلى بلدة مضايا المحاصرة في شمال غربي دمشق، قرب حدود لبنان. واتسعت حملات التضامن مع حوالى 40 ألف سوري محاصرين بعد أنباء عن مقتل عشرات بينهم 23 ماتوا جوعاً، في وقت وصل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق، في إطار الإعداد لمفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة في جنيف قبل نهاية الشهر. ويستقبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في باريس الاثنين، رئيس الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة السورية رياض حجاب . وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن موافقة دمشق على إدخال مساعدات إنسانية، جاءت بعد «تدخُّل روسي خصوصاً أن مجلس الأمن سيناقش الملف الإنساني» بعد غد. وأشارت إلى أن الحكومة السورية كانت رفضت أربعة طلبات من الأممالمتحدة لإدخال مساعدات، بعد آخر قافلة أُدخِلت إلى مضايا المحاصرة في 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأعلن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر الخميس، تلقّيهما موافقة دمشق على إدخال مساعدات إنسانية في أقرب وقت إلى ثلاث بلدات سورية، هي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، ومضايا في ريف دمشق. ورجّح الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية بافل كشيشيك وصول «قافلة مساعدات مشتركة بين الأممالمتحدة والهلال الأحمر العربي السوري واللجنة» إلى مضايا غداً. وركّزت الأممالمتحدة على «تقارير موثوقة تفيد بأن الناس يموتون من الجوع ويتعرضون للقتل أثناء محاولتهم مغادرة مضايا التي يعيش فيها حوالى 42 ألف شخص». وتحاصر قوات النظام والمسلّحون الموالون قرى في ريف دمشق منذ أكثر من سنتين، ولكن شُدِّد الحصار على مضايا قبل نحو ستة أشهر. وهي واحدة من أربع بلدات سورية تم التوصُّل إلى اتفاق في شأنها في أيلول (سبتمبر) بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة، ينص على وقف النار وإيصال المساعدات، وينفّذ على مراحل. وأشارت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» إلى أنه «على رغم توقيع اتفاق الهدنة لم يُسمح بدخول المواد الغذائية إلا مرة في 18 تشرين الأول»، لافتة إلى أنها «وثّقت مقتل 63 مدنياً، بينهم 29 بسبب نقص المواد الغذائية والطبية، و21 شخصاً بينهم 8 أطفال ماتوا جوعاً». وأعلنت «منظمة أطباء بلا حدود» أن 23 شخصاً «قضوا جوعاً في بلدة مضايا منذ كانون الأول (ديسمبر)». ويُتوقع أن يهيمن هذا الملف على محادثات دي ميستورا مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق اليوم، إضافة إلى الإعداد لمفاوضات جنيف في 25 الشهر الجاري. وقبل دمشق، زار دي ميستورا الرياض حيث التقى الهيئة التفاوضية العليا لبحث موعد المفاوضات وتحديد أسماء الوفد، على أن يتوجّه بعد العاصمة السورية إلى طهران. ويستقبل الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته لوران فابيوس الاثنين الهيئة التفاوضية برئاسة حجاب. وقال مصدر فرنسي ل «الحياة» أن هولاند «يريد طرح أسئلة على حجاب والوفد المرافق حول تنظيم المعارضة بعد مؤتمر الرياض الذي يؤيده (هولاند) بقوة وقبل مؤتمر جنيف»، إضافة إلى الاستعداد لتقديم الدعم إلى الوفد. وأضاف أن «الأمر الرئيسي في هذا اللقاء هو إظهار فرنسا دعمها القوي للمعارضة، خصوصاً أنها في رأي الفرنسيين لم تجد الدعم الكافي المتوقّع بعد مؤتمر الرياض الناجح». وتابع أن «مؤتمر جنيف سيشهد توتّرات بين الطرفين (النظام والمعارضة) وتبادل الكلام الشديد اللهجة، لكن ما تهتم به باريس هو أن تحظى المعارضة التي انبثقت من مؤتمر الرياض بدعم قوي من مجموعة أصدقاء سورية». وانتقد المصدر «موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي يريد عدم التركيز على رحيل (الرئيس) بشار الأسد كي تسير المفاوضات، وهمّه الوحيد تجنُّب التطرق إلى الموضوع لعدم عرقلة المفاوضات». إلى ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في «فرص تسوية النزاع في سورية»، إضافة إلى أهمية «التنسيق الوثيق لجهود مكافحة الإرهاب الدولي».