بدأ أمس تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني - الفوعة - كفريا الذي توصلت إليه الأطراف المتحاربة في سورية برعاية الأممالمتحدة. إذ تم إجلاء مقاتلين معارضين من الزبداني المحاصرة في ريف دمشق عبر معبر المصنع على الحدود السورية - اللبنانية ومنه إلى مطار بيروت لنقلهم جوّاً إلى تركيا، بالتزامن مع إجلاء قرابة 350 مدنياً ومقاتلاً من بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب باتجاه تركيا عبر معبر باب الهوى تميداً لنقلهم جوّاً إلى بيروت. وأفادت «فرانس برس» بعد ظهر أمس أن قافلة تقل أكثر من 120 مقاتلاً معارضاً من مدينة الزبداني عبرت الحدود السورية - اللبنانية متجهة إلى مطار بيروت عند نقطة المصنع الحدودية في شرق لبنان. ونقلت عن مصوّرها: «عبرت 22 سيارة إسعاف وسبع حافلات نقطة المصنع الحدودية من سورية في اتجاه لبنان»، وهي تقل مقاتلين من فصائل معارضة تم إجلاؤهم من الزبداني في عملية تبادل نادرة بين الحكومة السورية والفصائل برعاية الأممالمتحدة. وفيما كانت تتم عملية إجلاء مقاتلي الزبداني كانت تتم في الوقت ذاته عملية إجلاء نحو 350 مقاتلاً ومدنياً من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المؤيدتين للحكومة والمحاصرتين في شمال غربي سورية صوب معبر حدودي مع تركيا. ووفق الاتفاق حصل مقاتلون من مجموعة «أحرار الشام» وغيرها من الفصائل السورية المحاصرة في الزبداني منذ شهور على وعد بممر آمن إلى مطار بيروت ثم إلى تركيا. وبالتزامن مع ذلك تتوجه في قافلة برية نحو 300 عائلة في بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب إلى الحدود التركية ومن هناك يسافرون جواً إلى بيروت. وقال شاهد لرويترز إن عمال إغاثة ومقاتلين ساعدوا في حمل عدد من الشبان على مقاعد متحركة ونقلهم لسيارات الإسعاف في ساحة بالزبداني. وكانت هذه المدينة التي تقع شمال غربي العاصمة دمشق مقصداً سياحياً شعبياً. وكانت آخر معقل لمقاتلي المعارضة على طول الحدود. وقبل الانتفاضة في 2011 شكّلت المدينة أيضاً جزءاً من ممر إمدادات لنقل الأسلحة من سورية إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية الشيعية. ودُمر معظم البلدة في هجوم كبير نفذه الجيش السوري وحلفاؤه من «حزب الله». وفي المقابل نفذت الجماعات المقاتلة هجمات على قريتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب وهي منطقة متاخمة لتركيا وقع معظمها تحت سيطرة المعارضة بعد سلسلة من المكاسب على حساب الجيش السوري هذا العام. وحاولت الأممالمتحدة وحكومات أجنبية التوسط في اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار وتوفير ممرات آمنة في إطار تحركات نحو الهدف الأشمل وهو إنهاء الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها الخامس وتسببت في مقتل أكثر من ربع مليون شخص. وفي وقت سابق هذا الشهر قال مسؤولون في الحكومة السورية إنهم توصلوا إلى اتفاق يقضي بانسحاب مقاتلي المعارضة من حي الوعر آخر معقل لهم في مدينة حمص مع أسلحتهم في إطار اتفاق محلي لوقف إطلاق النار. وفشل اتفاق آخر كان يهدف إلى إخراج أكثر من ألفين من مقاتلي «داعش» من جنوبدمشق الأسبوع الماضي في ضربة لمساعي الأممالمتحدة لإنهاء حصار تضربه القوات الحكومية منذ أعوام على أجزاء من العاصمة تحت سيطرة مجموعة من الجماعات المعارضة والإسلامية الأمر الذي عرقل تدفّق المساعدات الغذائية والإنسانية وترك الكثير من السكان يتضورون جوعاً حتى الموت. وساعدت إيران التي تدعم الحكومة وتركيا التي تدعم المقاتلين في ترتيب اتفاقات الهدنة المحلية في الزبداني وكفريا والفوعة في أيلول (سبتمبر) في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي تشرف عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ووفق مصادر معارضة مقربة من المفاوضات سيتاح لمقاتلي المعارضة ومعظمهم من السنّة الذين سيتوجهون إلى تركيا بعد ذلك إما العودة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سورية عبر الحدود الشمالية مع تركيا أو البقاء للعلاج. وأضافت المصادر أن السكان الشيعة الذين غادروا البلدات المحاصرة في إدلب سيتاح لهم التوجه إلى لبنان حيث سيكونون تحت إشراف «حزب الله». وقال علي حيدر الوزير السوري المعني بشؤون المصالحة الوطنية لقناة المنار التابعة ل «حزب الله» أمس الاثنين إن من المتوقع أن يعود هؤلاء إلى مناطق أخرى في سورية.