في تصريح للأمين العام للهيئة السعودية للحياة الفطرية الأمير بندر بن سعود كشف أن إحدى المحميات تعرضت لاعتداء، حيث ذبح الجناة ثلاثة وعول، وحين باشر رجال الحماية مهمتهم بعد سماع إطلاق النار وطوّقوا الجناة من جميع الجهات حاول الجناة تفريقهم بإطلاق الرصاص تجاههم. وأن رجال الحماية الفطرية أبلغوا مركز الشرطة بالواقعة ولم يباشر أحد الحادثة. وتابع الأمير بندر: «أبلغت محافظ المنطقة بنفسي وأخبرته بالواقعة، وقال لي: «أنا في إجازة». وأضاف: أبلغت أيضاً قسم الشرطة التابع للمحافظة، ولم يكن رئيس المركز أو نائبه موجودين، بل شخص برتبة رقيب، وأمرته بمباشرة الحادثة وقال «أبشر» ولم يقم بشيء، ولم يأت الفرج إلا بعد مكالمة أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز». وأردف الأمير بندر: «النظام التابع للحماية الفطرية يدعو رجال الشرطة ومراكز وزارة الداخلية إلى مساندة رجال الهيئة عند الضرورة». هذا التصريح جاء ضمن مسلسل كشف اختراق المحميات وقتل الظباء والغزلان، ونشرته صحيفة «الوطن» في ما يتعلق باختراق محمية الربع الخالي، والتي استطاعت أن تلخص أهمية دور الصحافة في كشف الجريمة والإيقاع بأصحابها. وهذه رسالة ناصعة الوضوح لمن يحاولون كلما اختلفت حرية الصحافة مع مصالحهم المطالبة بتقليم أظافرها وإخماد صوتها، لكنها اليوم مع مراسليها من الصحافيين، ومن القراء، تقوم بدور رقابي يستطيع أن يفهمه كل مسؤول يشعر بمسؤوليته ويقتنع بأن الصحافة هي من يساعده على تقصّي حقائق ما يدور في مؤسسته أو حول مؤسسته. قصة اختراق المحمية، باعتراف المسؤولين فيها، بدأت منذ شهور، لكنها أوقعت بالمعتدين في أيام بمجرد نشرها في الصحافة وتفاعل المسؤولين معها. لكن القارئ يكتشف أن المخترق ليس شخصاً واحداً أو مجموعة متسللين، يستغلون غياب عين الرقابة والحماية، بل إن الخلل يتعداه إلى نظام حماية يشتكي من الكثير من الفجوات، وتلخصه شكوى الأمير بندر بن سعود من عدم تجاوب المراكز الأمنية مع تبليغات الاختراق. إنها حلقة متشابكة ما أن يعلن عن ثغرة واحدة فيها حتى تتكشف مزيد من الثغرات. ففي نظام حماية الحياة الفطرية، اتضح أن رجال «الهيئة» يطاردون المتسللين المسلحين من دون سلاح، فما الفائدة من مطاردتهم سوى تعريض حياتهم للخطر؟ وفي مراكز الشرطة يغيب مدير المركز ونائبه ويتلقى الرقيب البلاغ ويقول «ازهلها» وينام، ولو لم يستطع الأمير بندر الاتصال بالأمير سلمان لبقي الأمر في هامش الفعل. واليوم تنتهي المسألة بالمطالبة بأن يدعو الأمير بندر رجال الشرطة ومراكز الداخلية لمساندة «الهيئة السعودية للحياة الفطرية». ماذا لو قالوا لكم «ازهلوها» ثم ناموا؟ وهل صيغة «ندعو» هذه هي دعوة أخلاقية متروكة لأخلاق العاملين وحماستهم، أم أنها مسؤولية تستدعي المراقبة والعقاب لمن يتخلى عن عمله؟ [email protected]