استدعت الحملة التي تستهدف المملكة العربية السعودية، سلسلة ردود لبنانية، وأمل حزب «الكتائب» ب «تفعيل التواصل الداخلي الثنائي والجماعي درءاً للأخطار المتأتية من خارج الحدود». ورأى في بيان بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل، أن «التوتر الإقليمي يرتد بشكل مباشر على الداخل اللبناني ويساهم في ترسيخ الانقسام وحالة التشنج على خلفية الاصطفاف الإقليمي والمذهبي»، لافتاً إلى أن «هذا التوتر في المنطقة وترجمته بحركة انفعالية في الداخل يحتمان لمعالجته خياراً واحداً هو اعتماد الحياد كأساس ونهج صالح لحماية لبنان وصون وحدته الداخلية». وندد الحزب «بالمواقف التي أطلقت في الساعات الماضية والتي من شأنها توريط لبنان وإقحام اللبنانيين في صراعات لا علاقة للبنان بها». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب سمير الجسر: «صحيح ان كلام الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله أمس كان عالي النبرة قابله ردّ من الرئيس سعد الحريري، الا انهما شددا في مضمون كلامهما على عدم الانجرار الى الفتنة المذهبية». وإذ استبعد ان يصل التوتر الاقليمي الى «الأسوأ»، لفت الى ان «المطلوب من الحوار الثنائي معالجة مسائل داخلية»، املاً بألا «ينعكس التوتر الاقليمي سخونة أمنية في لبنان، لأن الأطراف السياسيين «واعون خطورة توريط لبنان في مشاكل الإقليم». واعتبر عضو الكتلة ذاتها النائب أحمد فتفت أن نقطة الخلاف الأساسية مع «حزب الله» هي ربط لبنان بالمحاور الإقليمية، وقال: «إننا نحاول فصل الوضع في لبنان عما يجري في المنطقة في حين أن «حزب الله» مستمر بزجّ لبنان في هذه النار». ووصف كلام نصرالله ب«الفتنوي والتحريضي»، معتبراً أن «ليس صحيحاً أن نصرالله يريد الهروب من أية فتنة سنية شيعية بل العكس هو يسعى إليها بكل إمكاناته وبالتالي نرى أن هناك قراراً إيرانياً ينفذه السيد نصرالله لضرب المصالح العربية في المنطقة والمصالح اللبنانية في مقدّمتها». ولفت عضو الكتلة أيضاً النائب جمال الجراح إلى ان «إعدام الشيخ نمر النمر فصل من فصول العراك السياسي في المنطقة، والسعودية دولة ذات سيادة ولديها نظامها القضائي، والشيخ النمر كان يهدد استقرارها وأمنها». وقال في تصريح: «أنا ضد منطق الاعدام وأوافق على منطق القصاص، والشيخ النمر مرتبط بالمشروع الفارسي الذي يحاول تخريب السعودية ولا يجوز تشبيهه بالثوار»، مشدداً على ان «لا يحق للنظام الإيراني التكلم بحقوق الإنسان وهو يمارس الإرهاب على شعبه». واذ ذكّر بأن «السعودية كانت إلى جانب لبنان دائماً في كل أزماته ولا يجب إسقاط الصراع الحاصل في المنطقة على الواقع اللبناني»، لفت إلى «وجوب النظر إلى الواقع اللبناني قبل الاهتمام بموضوع إعدام الشيخ النمر، وخطاب السيد نصرالله امس تصعيد للتوتر». واتصل عضو كتلة «الكتائب» النائب نديم الجميل بالسفير السعودي علي بن عواض عسيري، مستنكراً «الهجوم غير المبرر الذي شنه السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية الصديقة، خصوصاً أن هذه القضية هي قضية سعودية داخلية بحت ولا تمت إلى الشأن اللبناني بأي صلة». مجلس العشائر العربية ودان مجلس شورى العشائر العربية في لبنان، في بيان «الاعتداءات على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها»، مستنكراً «التصريحات الإيرانية العدائية والتحريضية في شأن تنفيذ السعودية للأحكام الشرعية الصادرة بحق الإرهابيين»، مؤكداً ان «من حق المملكة أن تدافع عن أمنها واعراضها واستقرارها وأن تحرص على الامة واستقامتها من أي عمل ارهابي أو كل من يقوم بإنشاء منظمات ارهابية، وأي تدخل في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية هو تدخل سافر». وأعلن انه «يقف في صف المملكة ويدعم القرارات التي اتخذتها لمحاربة الإرهاب بأشكاله كافة وملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومثيري الفتن والقلاقل وتقديمهم للقضاء العادل». وانتقد رئيس حزب النجادة مصطفى الحكيم «التدخل في شؤون المملكة الداخلية»، رافضاً «كل المواقف والبيانات التي أطلقها المحور الإيراني والتي ليست سوى محاولة للنيل من سيادة واستقرار المملكة وأمنها»، ومشيراً إلى «ان إعدام الشيخ النمر من حقوق السيادة للسعودية وليس لأحد التدخل في ما يصدره القضاء الشرعي السعودي من أحكام تتعلق بالمواطنين السعوديين». ريفي وكان وزير العدل اللواء أشرف ريفي، رد مساء أول من أمس على نصرالله، عبر بيان قال فيه: «تابعنا، كما تابع الرأي العام اللبناني، أمين عام حزب الله المكلف شرعياً من إيران تنفيذ أجندتها التوسعية في لبنان والعالم العربي، وهو يحاضر في مفهوم حقوق الانسان، وفي نبذ الفتنة المذهبية، ورفض العنف، ومواجهة نظم الاستبداد، في مشهد يوحي بالتعامي الكامل عن الواقع وأحداث التاريخ التي تشهد على نظام ولاية الفقيه، وحزبه اللبناني، وسائر فروعه في العالم العربي، بأنه الأعتى في الاستبداد والبطش والعنف والارهاب المنظم، الذي مورس منذ العام 1979، بحق الشعب الإيراني وقياداته، ونخبه الفكرية والثقافية التي سحقها ابان الثورة الخضراء بالحديد والنار والدم، لمجرد مطالبتها بالحرية، والذي استنسخ بالنموذج نفسه، في لبنان وسورية والعراق واليمن، قمعاً واغتيالاً وسحقاً للشعوب الناشدة للحرية، وخصوصاً في سورية التي نفذت فيها إيران وغطت أكبر مجزرة شهدها العالم المعاصر». وذكّر ريفي، نصر الله «بما مارسه حزبه منذ النشأة، في حق النخب وأهل الفكر، في مشهد جاهلي لا يمكن ان تمحوه الذاكرة». وقال: «إن هذا التمادي في التضليل، والتنكر لوقائع التاريخ الأسود لحزب نصرالله، القائم على العنف والخطف والارهاب والاغتيال، وتصفية الخصوم، وتخوينهم وتكفيرهم، وافتعال الفتن المذهبية، يحتم علينا التذكير بما قام به هذا الحزب، في لبنان بدءاً من قتل ضباط الجيش اللبناني بدم بارد، مروراً باستهداف قادة المقاومة الوطنية، وصولاً إلى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء ثورة الارز، من دون أن ننسى السابع من ايار(مايو) وما شهده من جرائم مروعة، وما أعقبه من استمرار تعطيل الدولة والمؤسسات بقوة سلاح الأمر الواقع». ولفت إلى «ان هذا التاريخ الحافل، يجرد صاحبه من أي صدقية، ولا يجيز له الاعتداء على سيادة دولة شقيقة كالمملكة العربية السعودية التي كانت على الدوام الداعمة الأولى للبنان ومؤسساته، وللوحدة الوطنية، وهي التي وقفت بكبر وأخوة قل نظيرها، مع الشعب اللبناني، وساندته على كل الصعد». وسأل رئيس كتلة «الكتائب» النائب ايلي ماروني: «لماذا اقحام لبنان بما يحصل في الخارج؟ واليوم، وبغض النظر عن موقفنا مما حصل في السعودية، نسأل: الشيخ نمر النمر رجل دين سعودي، حكم عليه القضاء السعودي وأعدمه الأمن السعودي، فما دخل لبنان بهذا الموضوع؟ وماذا يستطيع لبنان أن يفعل؟ ولماذا اقحامه في أزمات، خصوصاً مع السعودية، وهي الدولة التي تدعم لبنان، في اقتصاده وسيادته وسياسته؟ ثم، لمَ إصرار السيد حسن نصر الله على تشويه العلاقة بين البلدين؟ هذا أمر مرفوض. نحن نطالب بالحياد لإنقاذ لبنان، وما يحصل اليوم ليس إلا مزيداً من الاقحام في الوحول السورية وغيرها».