لم ينته المشهد بمقتل البطل، ولا انسدل الستار على النهايات الأليمة في مسلسل الإرهاب الدامي، ولكن يبقى هناك كثير من الجنود المجهولين خلف هذا الستار ممن لم تظهر وجوههم للعلن، ولكن معاناتهم كانت الفيصل في تجديد ذكرى رحيل آبائهم وأبنائهم الشهداء عند القصاص من الإرهابيين الذين خاضوا حرباً ضروساً ضد أبرياء لم يكن لهم ناقة ولا جمل في أفكار الإرهابيين المتطرفة. ووثّق أحد أقارب الشهيد نايف الخبراني صوت تقليده لأذان الحرم المكي قبل وفاته بستة أيام، ونشره عبر موقع «يوتيوب»، وقال شقيقه الأكبر ل«الحياة»: «إن شقيقه كان مولعاً منذ صغره بالأذان، وكان يرفعه في أماكن عدة، كلما سنحت له الفرصة، وعرف بين أصدقائه بحبّه للأذان كثيراً». واعتبر شقيق ووالد الخبراني، أن حكم التعزير الذي وقع أخيراً على الإرهابيين الذين غدروا بوطنهم وأبنائه، أخذ حق أيتام يبكون آباءهم ليل نهار، وآباء فقدوا فلذة أكبادهم في صراع المعتقدات والمذاهب التي لا تمت إلى الدين الإسلامي بصلة. أما الشاب حسين ابن الشهيد مفلح سعد الرشيد، الذي حمل على عاتقه مسؤولية أسرته المكونة من 15 فرداً في مقتبل عمره عندما استشهد والده في 2004، في أحداث مداهمة إرهابيين في القصيم، فكان حمله ثقيلاً، وامتزج الحمل بالحزن على فقد والده وصديقه كونه أكبر أشقائه والأقرب إلى والده، ونذر حياته لمراعاة أسرته والعمل على راحتهم وتحمل مسؤولياتهم بعد رحيل سندهم الأول والدهم. ويبلغ حسين اليوم 33 عاماً، لكنه يقول: «أشعر بأن ما حدث كأنه بالأمس القريب، حيث أن مصابنا جلل بتلقينا خبر استشهاد الوالد، واستشعر ذلك لحظة بلحظة، ولكن القصاص جاء بعد انتظار طويل، والحمد لله الذي سخر لنا حكومة تحكم بشرع الله وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم». وكان علي الموسى الصديق المقرب للشهيد سالم رشيد الموسى، الذي استشهد في أحداث اشتباك «أم سدرة»، في طريق القصيم، مستبشراً بالقصاص من الذين تسببوا في مقتل رفيق دربه وقريبه سالم الموسى، وأثنى على تنفيذ حدّ الله في من لا يخافون الله وينشرون الإرهاب بقتلهم أبناء بلدهم ظلماً وعدواناً. وقال الموسى: «السنوات مرّت سريعاً وبقدر انتظارهم خبر القصاص، إلا أن أطفال الشهيد البالغ عددهم خمسة كبروا وأكملوا تعليمهم، فلديه ابنة موظفة، وابنتان في الجامعة، وابن في المرحلة الثانوية، والأصغر في مرحلته المتوسطة، كبروا وهم يفخرون بوالدهم الذي قدم روحه فداء لدينه ووطنه».