طالب العضو المنتدب ل «بيت أبو ظبي للاستثمار» رشاد الجناحي، بضرورة «التحرك في شكل ايجابي لتشكيل فريق عمل خليجي من الخبراء يجتمع دورياً، بهدف درس أوضاع الاقتصاد الخليجي، والتنبؤ بأية هزات اقتصادية يمكن أن تحدث، والعمل على تلافيها والإعداد لمواجهتها». واعتبر الجناحي، في حديث إلى «الحياة»، أن «الظروف العالمية تحتم علينا المضي قدماً في هذا الاتجاه، خصوصاً أن الاقتصاد العالمي ليس في أفضل حالاته». وكانت إمارة دبي تعرضت لهزة اقتصادية كبيرة، عكست أجواء تخوف في الأوساط الاقتصادية، لا تزال تبعاتها تؤثر في المنطقة. وأوضح الجناحي في هذا المجال، أن «ما حصل في إمارة دبي يدعونا إلى التفكير، لتشكيل فريق يتولى وضع الاحتياطات من مثل هذه الهزات». ولفت إلى أن «درجة التنسيق السياسي بين دول المجلس تجلّت خلال غزو الكويت، لكن لم يبدُ واضحاً في الشأن الاقتصادي، وكنا ننتظر تحركاً خليجياً لاحتواء الأزمة والوقوف مع الإمارة، التي تشكل جزءاً من دولة عضو في مجلس التعاون». وأشار إلى أن الأزمة التي تعرضت لها دبي، «عكست الصورة المعروفة عن الاستثمارات الأجنبية»، معتبراً أن «الدول المعتمدة بنسبة اكبر على الاستثمارات الأجنبية، معرضة للهزات أكثر من نظيرتها المعتمدة على مستثمريها الوطنيين». وحذّر من «الاندفاع خلف جذب المستثمر الأجنبي، من دون إيجاد خطط تضمن استقرار الاقتصاد أمام أي ظرف محلي أو دولي». وعن توقعاته لمستقبل المنطقة، رأى أن المنطقة «باتت قادرة على التعامل مع الأزمات، ليس فقط سياسياً بل اقتصادياً». وفي موضوع أسعار النفط، رأى أن الارتفاع «مؤشر إيجابي لاقتصادات المنطقة، التي ستدعم بدورها الاقتصادات الأخرى، خصوصاً إذا واصل النفط ارتفاعه، فسيكون حافزاً لكل دول المنطقة». وأوضح أن اقتصادات دول الخليج «تعتمد على النفط في الدرجة الأولى، ويليه العقار، وعلى رغم أهمية هذا القطاع، فهو لم يحظَ بما يستحق من إجراءات تنظيمية». لذا طالب بضرورة «تحديث أنظمة العقار، وإيجاد مناخ ملائم لضبط سوقه، مع تسهيل الاستثمار فيه، لتعزيز الثقة في القطاع، وتعزيز مساهماته في دعم الاقتصاد الوطني لكل الدول». ودعا الجناحي إلى الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، مؤكداً أهمية «الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي». وأشار إلى أن «معظم موارد دول الخليج تُستورد، ونحن مدعوون إلى الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي». وشدد على أن «المواطن يحتاج إلى الحصول على كل الخدمات التي يتمتع بها نظيره في الدول الأوروبية والأميركية». ولاحظ أن بعض الصناديق السيادية «بدأ في التوجه إلى الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، لكن الطموح هو تسريع عجلة هذه الاستثمارات والتشجيع عليها ودعمها». وضم الجناحي صوته إلى أصوات المطالبين بتعديل القوانين الاقتصادية المعرقلة لطموح الراغبين في الاستثمار في السعودية، ورأى أن «السعودية من اكبر اقتصادات دول الخليج، وهي مغرية للاستثمارات وجاذبة لها، لكن أمام كل هذه المغريات يقف بعض القوانين ليعرقل بعضاً من طموح الشركات الراغبة في الدخول إلى هذه السوق الكبيرة». وأعلن أنها «لا تزال تحتاج إلى قوانين أكثر مرونة، إذ يشكل عامل الوقت لقطاع الأعمال أمراً حيوياً ومصيرياً أحياناً. ونحن إذ نتحدث عن هذا الجانب، فذلك لأننا نتابع الخطوات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي مهدت طرقاً كثيرة أمام المستثمرين للدخول والعمل، في مناخ يتسم بمغريات كثيرة». وأكد الثقة في أن توجهات الملك عبدالله، ستعزز الرغبة لدى المستثمرين للدخول إلى السوق السعودية». وبالنسبة إلى البحرين، اعتبر الجناحي أنها «اعتمدت منذ البداية فلسفة تتواءم مع جغرافيتها ومواردها»، وقال: «إذا كان النفط أحد أهم تلك الموارد، فإن الحكومة تبنت فكرة الاستفادة من أقوى أصولها، والمتمثل في الموارد البشرية». وأضاف: «مع تبني هذا النوع من الموارد، عاشت البحرين طفرات لافتة في التعليم والصحة، ما مكّن من تبوؤ مواطنين كثر في البحرين، مناصب قيادية في شركات عملاقة، بخلاف تعزيز السياحة ودعمها لتنويع موارد الدولة وتعزيزها». واستبعد الجناحي الفكرة القائلة بأن قطر ستحل مكان دبي، ورأى أن «المقارنة مجحفة في حق الطرفين، فدبي هي إمارة تتبع دولة، ويعتمد اقتصادها على الطفرات، بينما قطر دولة تعتمد على الموارد الطبيعية، وتسابق الزمن لتعويض ما فاتها، وبالتالي لا مجال للمقارنة بينهما». وأعلن أن «الاستثمارات القطرية، تبدو مبنية في شكل واضح على طريقة سليمة ومدروسة». وعن الوصاية الحكومية على القطاع الخاص، أوضح الجناحي أن «السنوات الماضية، شهدت نجاحها في بعض الدول، خصوصاً مع وجود اقتصادات تحتاج إلى الوقت لتلمس احتياجاتها، ولا بد من الأخذ بيدها». وتوقع عودة الاستثمارات الخليجية في الخارج، وأكد وجود «مَن يستثمر بهدف الاستفادة من العقول والتجارب وتطبيقها في بلاده، وهو استثمار ايجابي، بينما يوجد استثمار تنحصر فائدته في المستثمر فقط، وهذا غير مرحب به، لأن بلاده أولى بذلك الاستثمار».