غازل باللهجة المصرية، وتاجر باللهجة الشامية، وحالف باللهجة اللبنانية (الكل عنده ولاء ثانٍ) وخانق باللهجة المغاربية، وعارض باللهجة الكويتية، وفاوض باللهجة القطرية. موضوعي اليوم هو الغزل مكملاً ما بدأت أمس عن نيكولا ساركوزي وكارلا بروني وعشيقته المزعومة وعشيقها، وأنا أميل الى تصديق الزوجين الرئاسيين في إنكار الإشاعات، ثم أسأل كيف يغازل رئيس الجمهورية وزيرة، أو كيف تغازل السيدة الأولى مغنياً؟ هل يقول لها أو تقول له وهما في مكان معتم بعيداً من عيون الحراس: لا أحتاج الى ضوء الشمس، نور عينيك يكفيني؟ أو تبدأ العشيقة بالقول: السيد الرئيس... ويُدفن الغزل التالي تحت الرسميات. ربما كان الأمر أن الغزل من نوع: يا مهلبية، يا قشطة، أموت ركن، تقبريني، تقبري عضامي... راح ضحية تكنولوجيا العصر، فالعاشق كان يركع على ركبتيه ويبث حبيبته لواعج قلبه (بالفصحى)، أما الآن فهو يرسل اليها عرضاً بفاكس أو تكست. في الفضيحة الفرنسية هناك جانب فات مروجي الإشاعات، فأبطال القصة مثقفون، ولكن كنت أعتقد أن المثقف هو انسان يعتقد أن هناك أموراً أهم من الجنس، أو يفكر فيه دائماً ويكتم سره ويفشل لأن مكان الجنس ليس الرأس. نيكولا ساركوزي لم يضبط مع شانتال جوانو وكارلا بروني لم تضبط مع بنجامين بيولاي، لذلك نفوا جميعاً الإشاعة وهددوا باللجوء الى المحاكم. ولو أنهم ضبطوا كما ضبط تايغر وودز لكان خط الدفاع الثاني، بحسب تكنولوجيا العصر، أن يدعي المذنب أنه يعاني من ادمان الجنس، ثم يلجأ الى مصح نفسي، أو جنسي، ليطلب العلاج، كما فعل بطل الغولف ومشاهير آخرون قبله. ماذا يقول المريض بالجنس؟ قد يقول إنه مظلوم فهو يحب نوعين فقط من النساء، المحلي والمستورد. مقابل الإشاعة الفرنسية هناك الثابت المعروف عن بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي، وعن جون بروفيومو وكريستين كيلر قبلهما. ومع ذلك فالصحافتان الأميركية والبريطانية عاملتا الموضوع وكأنه في أهمية اتفاق خفض الأسلحة النووية بين أميركا وروسيا، وكل يوم خبر جديد أو تحقيق أو احصاءات، وملحق «التايمز» في نهاية الأسبوع ضم عشر صفحات عن قصص نساء بين الأربعين والستين والغرام في خريف العمر أو شتائه، وكانت هناك أخبار كل يوم عن الفضيحة - الإشاعة في «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» الى جانب الحرب في أفغانستان وسقوط طائرة الرئيس البولندي. لم أتعلم شيئاً مهماً من كل ما قرأت، أو ما يمكن أن ينفع القارئ إذا وقع «ولا حدش سمى عليه»، فالإحصاءات قالت إن معدل عمر الرجل في الطلاق 43 سنة، والمرأة 40 سنة، وإن استطلاعاً أظهر أن التغلب على محنة الطلاق يحتاج الى 17 شهراً و 26 يوماً، ولا أفهم الحسم في هذا الرقم فلو زاد أصحاب الاستطلاع أربعة أيام فقط لكانوا استطاعوا أن يأتوا برقم يسهل حفظه، هو 18 شهراً، أو سنة ونصف السنة. أعرف مطلقة حسناء بقيت جميلة بعد الأربعين وبعد الخمسين، حتى أن الجيوب التي برزت تحت عينيها بدت وكأنها من صنع «لوي فيتون». وفي حين أنني أهذر فأنا أجد الهذر أفضل من دراسات عن النساء والرجال أشك في صدقيتها ثم لا أجد لها فائدة إذا صدقت، مثل: لماذا تطلب النساء الجنس، أو الأميركيات و «عقدة ميراندا» فبعضهن ينكر أنه يحصل على دخل عالٍ حتى لا يشعر الرجل بعقدة نقص، أو أن النساء الفرنسيات، لا الرجال، أصبحن يبدأن التحرش أو المعاكسة، أو كيف تطلب المرأة شريك حياة أو علاقة عابرة. ما سبق لا يفيد في شيء سوى أنه يوفر عملاً للذي يكتب التحقيق أو يجري الاستطلاع، وما أعرف من دون درس كثير هو أن المرأة تقول للرجل نعم مرة واحدة عندما تُسأل هل تقبل به زوجاً. ومع ذلك هناك محظوظون مثل الذي يتزوج فتاة عن حب ويكتشف أن أباها مليونير. وفي تجربتي في العمل، المتزوج أفضل من العازب فهو يعرف كيف ينفذ الأوامر، ولا يريد أن يذهب الى بيته باكراً، وإذا صرخت فيه يسكت. ربما كان الزوج في الغرب مضطهداً في بيته غير أن هذا لا ينطبق على الزوج العربي، فهو قط في الشارع ونمر في بيته، ولعل التعويض الوحيد للمرأة العربية هو أن تصبح أرملة. وهذه هي الحقيقة، أما النكتة فتقول إن رجلاً كان ملحداً قبل أن يتزوج ولا يصدق بوجود الجحيم، ولكن بعد زواجه أصبح مؤمناً بوجوده. وهو الآن أصبح يخاف من التقمص، ويعتقد أنه إذا رجع على شكل كلب فسترجع زوجته على شكل برغوت. في غضون ذلك، أتابع أخبار الفضيحة الفرنسية التي لم تكن وأتمنى لكارلا راحة البال ولساركو ما يستحق. [email protected]