في عملية دقيقة ومعقدة، انتهى إجلاء مسلحين وجرحى سوريين وعائلاتهم من مناطق الزبداني والفوعة وكفريا السورية عبر منفذين لبنانيين: نقطة المصنع الحدودية ومطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، بمواكبة من الأممالمتحدة والصليب الأحمر الدولي والصليب الأحمر اللبناني والأمن العام اللبناني. وكانت طائرة تركية من نوع «إرباص 321» حطت في مطار بيروت قبيل الرابعة بعد ظهر أمس آتية من مطار هاتاي في تركيا، استعداداً لنقل المصابين والجرحى وعائلاتهم الذين كان يتم إخراجهم من منطقة الزبداني (129 شخصاً) لنقلهم من بيروت إلى تركيا، في وقت كان يتم إجلاء 379 شخصاً من الخارجين من كفريا والفوعة إلى تركيا ومنها الى لبنان ثم سورية. واتخذت تدابير أمنية مشددة من قبل السلطات الأمنية اللبنانية في المطار لإتمام العمليتين. وانتظر عناصر الأمن العام في المصنع (الحدود مع سورية) وبقية الأجهزة الأمنية نقطة الصفر لانطلاق عملية الإجلاء. وانتظر على جانبي الطريق سوريون من الزبداني، بينهم أهالي جرحى. وكانت ساعات انتظار طويلة، وتحدث مراسلون عن عراقيل تسببت بالتأخير، منها وجود أسماء أشخاص من غير الواردة أسماؤهم على لوائح الإجلاء، ما أدى الى تأخر انطلاق حافلات أهالي الفوعة وكفريا الموجودة في الجانب السوري باتجاه الأراضي التركية، وتوقف قافلة المسلحين والجرحى من الزبداني قبل انطلاقها باتجاه نقطة المصنع. وكان موكب الأمن العام اللبناني مع قافلة مؤلفة من سيارات للصليب الأحمر وإسعاف وأجهزة اتصال لوجيستية (تضم 6 باصات و13 سيارة إسعاف) عبرت صباحاً نقطة المصنع الحدودية باتجاه الأراضي السورية لإخلاء المسلحين والمدنيين باتجاه الحدود اللبنانية. في الرابعة والنصف بعد الظهر انطلق الضوء الأخضر لعملية الإجلاء باتجاه لبنان، ودخل موكب سيارات سود للأمن العام اللبناني، تبعتها سيارات للأمم المتحدة وسيارات إسعاف تابعة للصليب الأحمر الدولي وثم الصليب الأحمر اللبناني وأربع حافلات يستقلها مقاتلون مجردون من سلاحهم بعضهم أطلق لحيته وبدا الإعياء على وجوههم. وقوبل مرور القافلة بهرج ومرج من الأهالي الذين رفعوا علم الثورة السورية ولافتات ترحب ب «أشرف الناس»، وأخرى حملها أطفال تقول: «هذا أنا يا بابا نحن ناطرينك»، وأخرى «أنتم فخرنا وعزنا». ورفع السوريون المنتظرون، وجلّهم من النازحين السوريين الى لبنان في السنوات السابقة، أياديهم بعلامة النصر، فيما الحافلات تعبر أمامهم بسرعة. ورددوا «الله أكبر» وامتزجت الدموع مع صيحات «بالدم والروح نفديك يا شهيد». ورد بعض المقاتلين في الباصات برفع شارة النصر. الموكب لم يتوقف في نقطة المصنع بل تابع طريقه ومعه 24 حافلة فارغة للوصول إلى مطار بيروت. واكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ان جهاز الامن العام يشرف على عملية التبادل القائمة بموجب الاتفاق من الجانب اللبناني ومطار بيروت. وقال الأمين العام لفرع الإسعاف في الصليب الإحمر اللبناني جورج كتانة، إن «القافلة التي دخلت لبنان أقلت 126 شخصاً من الزبداني: 8 حالات تستدعي الاستشفاء و14 حالة إصابات لا تستدعي دخول المستشفى وأكثر الحالات يمكنها السفر جواً، على أن يجري التقييم النهائي لها في مطار بيروت». وفي المطار، فصل جديد من عملية التبادل، حيث انتظرت الطائرة المخصصة للقادمين من الزبداني، طائرتين آتيتين من تركيا تقل القادمين من الفوعة وكفريا، لتدخل عملية التبادل مرحلة أخرى تتمثل بمعالجة المصابين من الفوعة وكفريا ثم نقل الجميع الى سورية عبر نقطة المصنع الى ريف دمشق وتحديداً الى منطقة الست زينب، حيث جرى تأمين منطقة لإقامتهم بعدما يتسلمهم الهلال الأحمر السوري. والمرحلة الأخيرة تتمثل بإعادة القادمين من الزبداني عبر لبنانوتركيا مرة أخرى إلى شمال سورية، على أن يبدأ -وفق الاتفاق- بعدها تطبيق هدنة تمتد لستة أشهر. وكانت قناة «المنار» (حزب الله) بثت مشاهد مباشرة من الزبداني تظهر تجمع العشرات من المقاتلين معظمهم بلباس عسكري، وهم يصعدون إلى حافلات تواكبها سيارات تابعة لمنظمات دولية. ومعلوم ان «حزب الله» يشارك في حصار الزبداني مع الجيش النظامي السوري منذ الصيف الماضي. كما تم نقل عدد من الجرحى والمصابين، وعدد منهم يستخدم العكازات، إلى داخل سيارات إسعاف. وفي الساحة، حيث توقفت الحافلات، بدت الأبنية المحيطة متضررة جراء القصف والاشتباكات، وجدرانها متصدعة. وانتشر مقاتلون مع أسلحتهم على أسطح الأبنية المرتفعة. وكان بعض المقاتلين يدققون في لوائح اسمية للتثبت من أن أسماء الذين يصعدون في الحافلات مدرجة عليها. وسمح لكل من الخارجين بحمل حقيبة كتف معه. وقال السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي، إن «اتفاق الزبداني- كفريا والفوعة أمر جيد، وكان يعمل عليه منذ فترة، وإلقاء السلاح هو في مصلحة أبناء سورية»، موضحاً أنّه «هناك تنسيق تم بين الجيشين اللبناني والسوري في ما خص الاتفاق».