وضعت لجنة التعاون المشترك الخليجية الأوروبية برنامج عمل لفترة 2010 - 2013 يبدأ تنفيذه خلال النصف الثاني من السنة الحالية بعد أن يعرض للمصادقة على اجتماع الدورة العشرين للمجلس الوزاري الخليجي - الأوروبي المشترك في 14 حزيران (يونيو) المقبل في لوكسمبورغ. وأكد المدير العام للعلاقات الاقتصادية الدولية في الأمانة العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن برنامج العمل المشترك يمتد على ثلاث سنوات ويشمل مجالات التعاون الاقتصادي والمالي والتجاري والعلمي كافّة. وقال الدكتور عبدالعزيز حمد العويشق إن كثيرين «اختزلوا علاقات المجموعتين في صعوبات مفاوضات التبادل التجاري الحر، بينما تشمل في الحقيقة متسعاً هائلاً من المصالح والمنافع المشتركة في شتى المجالات». وتعد الخطة خريطة طريق لتعزيز التعاون بين الكتلتين. وذكر العويشق أن برنامج العمل يضمن «تفعيل اتفاقية التعاون لعام 1988 على نحو أكثر شمولية وعمقاً مما مضى، ويضع العلاقات بين الجانبين في الإطار الصحيح». ووافقت لجنة التعاون المشترك خلال اجتماعها الاثنين والثلثاء الماضيين في بروكسيل، على قائمة ضباط اتصال من الجانبين لتسهيل الحوار في أي من المجالات المعنية. وتعد محادثات أسبوع مكملة للنقاشات التي أجراها خبراء من الجانبين يومي 9 و10 شباط (فبراير) الماضي في الرياض. وأوضح حمد العويشق في حديث خاص إلى «الحياة» أن الخطة تمكن كلاً من الطرفين التعلم من التجربة الاندماجية للطرف الآخر «وتعكس الطموح المشترك إلى تعزيز التعاون». وتعد تجربة الاندماج الأوروبية رائدة في قضايا تعميم التكامل الاقتصادي، مثل السوق الواحدة، وتوحيد المعايير والقوانين والإجراءات. لذلك يهدف برنامج العمل إلى نقل الخبرات المتوافرة في دول الاتحاد الأوروبي والاستفادة منها في تطوير آليات التكامل في دول المجلس. وتشمل خطة تفعيل اتفاقية التعاون ل (1988)، 14 برنامجاً لتعزيز العلاقات خلال الفترة 2010 - 2013 في مجالات التعاون الاقتصادي والمالي والنقدي، الاستثمار، التعاون التجاري، الطاقة، الكهرباء والماء، السلامة النووية، النقل، البيئة والتغير المناخي، الطاقة، مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حقوق الملكية الفكرية، قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التعليم العالي والبحث العلمي، السياحة، الثقافة والتفاهم المشترك والمتاحف والآثار. ويتطلع الجانب الخليجي إلى الاستفادة من تجربة الاتحاد النقدي الأوروبي والصعوبات التي تجتازها منطقة يورو لأسباب تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتدهور موازنات بعض دول عملة يورو مثل اليونان بحيث تهدد الاستقرار المالي لمنطقة العملة الأوروبية. وتهيئ دول الخليج من ناحيتها مشروع العملة الواحدة. ويعقد محافظو البنوك المركزية في دول الخليج العربية ومجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي اجتماعاً نهاية حزيران المقبل في روما. وفي «الحوار الاقتصادي الخليجي الأوروبي» المقرر في بروكسيل في نهاية حزيران أيضاً، يبحث الخبراء الحلول التي انتهجتها كل من المجموعتين في مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية. ويبحثون أيضاً البنيات الهيكلية لكل من المجموعتين في ضوء بدء الاتحاد الأوروبي تنفيذ معاهدة لشبونة بما يترتب عنها من توزع جديد في الصلاحيات بين مؤسسات الاتحاد وبخاصة التأثيرات التي تنجم عن تعيين قادة الاتحاد رئيس المجلس الأوروبي. وعهدت إلى رئيس الوزراء البلجيكي السابق هيرمان فان رومبوي مهمة أول رئيس للاتحاد. كما عينت القمة بمقتضى معاهدة لشبونة منسقة السياسة الخارجية والأمنية المشتركة البارونة كاثرين اشتون. وتشرف البارونة في الظرف الراهن على تنظيم قيام «قسم العلاقات الخارجية» وهو شبيه بوزارة الخارجية. ويعرض الأوروبيون تجربة السوق الواحدة (1986) على الشركاء في مناطق الجوار. وتمتلك المجموعة الخليجية تجربة فتية في مجال التكامل الاقتصادي حيث أقامت السوق المشتركة في 2008. وقال الدكتور عبدالعزيز حمد العويشق إن دول الخليج «منفتحة» على تجارب الاتحاد الأوروبي في السياسات المشتركة في مجالات الصناعة والزراعة والبيئة والبنية التحتية والخدمات والنقل وغيرها. وأبرز «تقدم التجربة الخليجية على المسيرة الأوروبية في مجال تقديم الخدمات الصحية للمواطنين بحيث يمكن المواطن الخليجي أين ما وجد على تراب دول المجلس الحصول على الخدمات الصحية في المستشفيات العامة. كما يفيد المواطنون الخليجيون من تسهيلات التعليم العالي بينما لا تزال الدول الأوروبية تسعى إلى تعميم التسهيلات وتوحيد المناهج وملاءمة الشهادات العلمية». وتتفاوت تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية بالنسبة لكل من المجموعتين حيث «كانت محدودة في منطقة الخليج العربية لأن أسواق المال ليست مرتبطة بالأسواق العالمية وبالتالي نجت من عدواها باستثناء بعض المحافظ الاستثمارية في مؤسسات مالية. بل إن غالبية التأثيرات كانت نفسية ناجمة عن المناخ العالمي». وفي المقابل فإن «العدوى انتقلت إلى المنطقة الخليجية بسبب الأزمة وركود النشاط الاقتصادي في الدول الصناعية والأسواق الكبيرة ما انعكس على طلب النفط فمال إلى الانخفاض». وأوضح المدير العام للعلاقات الاقتصادية الدولية في الأمانة العامة، أن منطقة الخليج واجهت الأزمة العالمية «مزودة بقدرات مالية ساعدت الحكومات على التدخل واحتواء التداعيات لأنها جمعت فوائض كبيرة خلال فترة ارتفاع أسعار النفط». وساعد تدخلها على خفض مستويات أسعار الفائدة. وعلى عكس الدول الأوروبية، فلم تكن حكومات دول الخليج «في وضع الضائقة التي شهدتها أوروبا». إلا أن أزمة السوق الأوروبية أدت إلى خفض واردات الطاقة من الخليج وتقليص الطلب عليها. ويتميز ميزان المبادلات بين المجموعتين بعجز دائم لفائدة الجانب الأوروبي. وبلغت قيمة صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول الخليج العربية نحو 110 بليون يورو في 2008 في مقابل 49 بليوناً تقريباً قيمة الصادرات الخليجية نحو الاتحاد الأوروبي.