قتل زهران علوش قائد «جيش الإسلام» وكبار مساعديه بغارة روسية، في واحدة من أكثر الضربات الموجهة إلى قادة الفصائل المقاتلة في غوطة دمشق، بعد أيام على مشاركة قياديين في «جيش الإسلام» في المؤتمر الموسع للمعارضة السورية في الرياض الذي تبنى الحل السياسي عبر التفاوض مع النظام السوري بموجب «بيان جنيف»، في وقت يتوقع أن يبدأ في الساعات المقبلة خروج مئات العناصر من «داعش» من جنوبدمشق عبر «ممرات آمنة» إلى الرقة وريف حلب معقل «داعش» والمتشددين بالتزامن مع وصول عشرات من «جبهة النصرة» إلى مناطق النظام في درعا جنوب البلاد استعداداً لنقلهم إلى إدلب شمال غربي البلاد. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل «علوش وخمسة من قيادات الجيش أحدهم قيادي أمني، جراء قصف من قبل طائرة حربية بضربات جوية عنيفة استهدفت اجتماعاً في منطقة أوتايا شرق دمشق». وأكدت مصادر المعارضة مقتل علوش بالغارة التي استهدفت اجتماعاً لقادة «جيش الإسلام» قرب منطقة مرج السلطان شرق دمشق، التي تشهد معارك عنيفة بين قوات النظام وعناصر المعارضة منذ أسبوع. وكانت روسيا وضعت اسم «جيش الإسلام» ضمن 22 تنظيماً كي يشملهم الأردن في قائمة «التنظيمات الإرهابية» بموجب تكليف «المجموعة الدولية لدعم سورية» في الاجتماع الوزاري الأخير في فيينا، في حين دعمت أميركا اعتبار «جيش الإسلام» و «أحرار الشام الإسلامية» ضمن الفصائل المشروعة للمعارضة، وحضر محمد مصطفى علوش ومحمد بيرقدار من «جيش الإسلام» المؤتمر الموسع للمعارضة في الرياض بين 9 و10 الشهر الجاري، ضمن 15 فصيلاً مقاتلاً شاركوا في المؤتمر الذي تبنى الحل السياسي عبر التفاوض مع النظام. وإذ عبر موالون للنظام عن «سعادتهم» بمقتل علوش لأنه «المسؤول عن قصف دمشق»، اعتبره نشطاء معارضون «شهيد الثورة السورية» وتحدثوا عن «بطولاته ونجاته أكثر من مرة من الاغتيال». وعلوش، من مواليد 1971 في مدينة دوما التي باتت معقل «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقيةلدمشق، ووالده هو الشيخ عبد الله علوش من مشايخ دوما المشهورين. وتلقى زهران التعليم الشرعي عليهم، ثم التحق في كلية الشريعة في جامعة دمشق وتخرج منها. سببت له النشاطات الدعوية التي كان يمارسها في سورية ملاحقات أمنية عدة، بدأت عام 1987 وانتهت بتوقيفه بداية سنة 2009 من قبل أحد فروع الاستخبارات السورية. ونقل إلى سجن صيدنايا لاحقاً إلى أن أطلق سراحه في 22 حزيران (يونيو) العام 2011 بموجب عفو رئاسي بعد اندلاع الثورة السورية في آذار (مارس) من العام نفسه. وخرج من السجن في 22 حزيران (يونيو) 2011 أي بعد بداية الثورة بثلاثة أشهر. ورأى علوش أن النظام «لا يمكن إسقاطه إلا بالقوة»، فانخرط في العمل المسلح منذ بداية تسليح الثورة السورية، وأسس تشكيلاً عسكرياً لقتال النظام السوري باسم «سرية الإسلام»، ثم تطوّر مع ازدياد أعداد مقاتليه ليصبح «لواء الإسلام». وفي أيلول (سبتمبر) 2013 أعلن توحّد 43 لواء وفصيلاً وكتيبة في كيان «جيش الإسلام» الذي كان يعد وقتها أكبر تشكيل عسكري في الثورة السورية. ويقود زهران «جيش الإسلام» وانضم إلى «الجبهة الإسلامية» التي تضم كبريات الفصائل الإسلامية وشغل منصب القائد العسكري فيها. وبحسب شبكة «أورنت - نت» المعارضة، فان «جيش الإسلام» يضم 26 مكتباً إدارياً و64 كتيبة عسكرية. وشارك في كثير من العمليات العسكرية في مختلف المدن السورية «منها تحرير كتيبة الباتشورة للدفاع الجوي بالغوطة الشرقية وتحرير الفوج 274 ثاني فوج عسكري للنظام السوري وتحرير رحبة إصلاح المركبات الثقيلة وقاعدة الجيش السوري وكتيبة المستودعات وكتيبة البطاريات وكتيبة الإشارة والدفاع الجوي وغيرها». كما ساهم «جيش الإسلام» في قتال «داعش» في ريف العاصمة. وتزامن اغتياله، الذي صادف الذكرى الثانية لمقتل صديقه قائد «لواء التوحيد» عبد القادر صالح في ريف حلب، مع بدء تنفيذ اتفاق لإخراج عناصر «داعش» من جنوبدمشق. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن اتفاقاً جرى عبر وسطاء تضمن «تدمير عناصر داعش سلاحهم الثقيل جنوبدمشق مقابل خروج مئات العناصر ومدنيين راغبين بالخروج من مناطق الحجر الأسود والقدم ومخيم اليرموك» جنوب العاصمة إلى الرقة وريف حلب، ذلك بموجب اتفاق غير مسبوق بين وجهاء من السكان والحكومة السورية. وبدأت المفاوضات مع دمشق بمبادرة من وجهاء تلك المناطق بسبب الوضع الاقتصادي الخانق الناتج من حصار تفرضه قوات النظام منذ العام 2013 وسط استمرار القصف العنيف، بحسب «المرصد». وقال مصدر رسمي سوري أنه «تم التوصل إلى اتفاق بخروج أربعة آلاف مسلح ومدني، من كافة الجهات الرافضة لاتفاق المصالحة في المنطقة الجنوبية، بينهم عناصر من النصرة وداعش». ويبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق بخروج المسلحين اليوم (السبت) «لتكون وجهتهم الرقة ومارع» في ريف حلب. ويأتي الاتفاق بعد فشل أربع مبادرات خلال العامين الماضيين. وقال المصدر الحكومي إن العدد الإجمالي للمغادرين يبلغ «حوالى 3567 شخصاً بينهم ألفا مسلح، وينتمي غالبيتهم إلى تنظيم داعش بالإضافة إلى جبهة النصرة» وفصيل آخر. ودخلت أمس إلى منطقة القدم «18 حافلة برفقة فرق الهندسة التابعة للجيش النظامي السوري مهمتها استلام العتاد والأسلحة الثقيلة التابعة لمسلحي داعش وبعض مجموعات النصرة قبل نقلهم». تزامن هذا مع إعلان «المرصد» أن عملية انتقال عناصر «جبهة النصرة» ال 212، من محافظة درعا إلى محافظة إدلب «التي جرت على مرحلتين في الشهر الجاري مقابل إفراج جبهة النصرة عن أسرى وضباط إيرانيين، تمت وفقاً لتعليمات أبو محمد الجولاني القائد العام لجبهة النصرة». وقال إن غالبية ال 212 «من أبناء محافظة دير الزور بينهم «الشرعي العام» للنصرة، أبو ماريا القحطاني، وأن التعليمات بخصوص انتقالهم جاءت من أجل ترتيب البيت الدخلي للنصرة بعد مقتل «أميرها» في درعا الملقب بأبو جليبيب وهو من الجنسية الأردنية، وتعيين أمير جديد ينحدر من القلمون بريف دمشق». وشككت «شبكة شام» المعارضة بهذين الاتفاقين. وألمحت إلى احتمال أن يكونا ضمن «عناصر سرية، شملت تبادلاً بين ضباط وقعوا بالأسر لدى التنظيم مقابل خروج الجرحى وبعض عائلات العناصر». ووصفت هذه التسويات ب «اتفاقات الظلام» لأنها جاءت وسط استمرار الحصار والقصف على الزبداني وجوارها ومناطق أخرى قرب دمشق و «عدم التزام النظام» باتفاق حصل برعاية إيرانية - تركية لفك الحصار عن الزبداني. وقال نشطاء محليون إن «الحصار الكامل مستمر منذ ستة أشهر على الزبداني ومضايا وبقين المجاورة لوادي بردى، بعد حصار جزئي مفروض منذ ثلاث سنوات». وأشار «المرصد» إلى مقتل وجرح عشرات المدنيين بغارات على الغوطة الشرقية في اليومين الماضيين بالتزامن مع إلقاء مروحيات النظام 26 «برميلاً متفجراً» على داريا غرب العاصمة ومعارك عنيفة جنوب معضمية الشام قرب داريا وشن قاذفات روسية غارات على مخيم خان الشيخ قرب المعضمية بين دمشق والجولان. سياسياً، أسفرت محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره القطري خالد بن محمد العطية في موسكو أمس عن «فهم مشترك حول آلية دعم تشكيل لائحة موحدة للمعارضة» ودعم حصول مفاوضات بين النظام والمعارضة بداية العام، مع بقاء الخلاف حول مصير الرئيس بشار الأسد وتحديد لائحة ب»الفصائل الإرهابية». وجدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في بكين ضرورة طلب وقف تسلل «الإرهابيين» من دول الجوار، بالتزامن مع دعوة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال اتصال هاتفي مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى عدم التمييز بين جيد وسيء في «التنظيمات الإرهابية»، علماً أن دمشق وطهران تعتبران معظم الفصائل المقاتلين «إرهابيين».