أكدت دراسة مغربية أنجزتها المندوبية السامية في التخطيط (وزارة التخطيط) أن تحسن المستوى التعليمي للمجتمعات، يؤدي إلى زيادة المردود الاقتصادي لرأس المال البشري ويمدّ معدل الأمل في الحياة، فضلاً عن الارتقاء المعرفي والمساهمة في التنمية الشاملة. وأفاد الوزير أحمد الحليمي العلمي في تقديم خلاصة الدراسة في حضور ممثلين عن البنك الدولي والمنظمات الدولية، بأن الاستثمار في رأس المال البشري يعتبر أحد مفاتيح التغلب على التخلف، ومحاربة الفقر والسعي نحو التقدم، بالاستناد إلى العلاقة بين سنوات التحصيل المدرسي ونوعية النشاط الإنتاجي والمردودية الاقتصادية لرأس المال البشري، الذي يُقاس بحجم الإنفاق على مجالات التعليم والتكوين والصحة والتجربة المهنية. وهي العناصر التي يحتسبها البنك الدولي لتحديد القيمة النقدية لرأس المال البشري. وارتفع هذا المؤشر نحو 16 في المئة في المغرب من 1991 إلى 2013 وبلغ 2983 نقطة بعدما كان يُقدّر بنحو 2681 في نهاية القرن الماضي، حيث تحققت أكبر نسبة زيادة في رأس المال البشري بين 1999 و2013. وقال الحليمي: «على رغم أن المغرب ضاعف معدلات الإنفاق على التعليم والتكوين ثلاث مرات، فلم يواكب هذا الإجراء تطور مماثل في عدد الحاصلين على شهادات ومؤهلات عليا، إذ لم تتجاوز النسبة 30 في المئة من الذين بلغوا مرحلة الثانوية العامة أو الجامعة، أي أقل من المتوسط العالمي الذي بلغ 47.5 في المئة، على رغم أن الإنفاق على التلميذ ارتفع من 5088 درهماً (520 دولاراً) إلى 12062 درهماً (1230 دولاراً) سنوياً خلال الفترة التي غطتها الدراسة». وأضاف أن «المغرب فشل في التعليم وهو من أسباب ارتفاع بطالة الخريجين». وُيقدر المعدل الوطني للبطالة في المغرب بنحو 9.4 في المئة لكن النسبة تزيد على 20 في المئة بالنسبة لحملة الشهادات العليا، إلى درجة أنه كلما ارتفع مستوى التعليم تراجعت حظوظ إيجاد عمل. وأظهرت الدراسة أن معدل البطالة انتقل من 2.3 في المئة لدى الأفراد غير الحاصلين على أي مستوى تعليمي إلى 18.2 في المئة بالنسبة لمن قضوا بين 10 و12 سنة في المدرسة. وتنخفض النسبة إلى 17 في المئة لمن قضوا بين 17 و19 سنة من التحصيل المعرفي، وهو مكلف للأسر، ما يجعل التعليم يستنزف ربع موازنة العائلات. ويفضل الكثير من الفقراء وسكان الأرياف العمل المبكر والانخراط المهني على مواصلة التعليم من دون أفق مضمون. وغالباً لا تستطيع الأسر الفقيرة والمتوسطة الدخل مواصلة الإنفاق على تعليم الأبناء بسبب ارتفاع النفقات. وأفادت الدراسة بأن الاستثمار في التربية والتعليم له آثار إيجابية في فرص الدمج المهني والدخل الفردي ويساهم في التماسك الاجتماعي والإنصاف الاجتماعي وتكافؤ الفرص. ويعتزم المغرب إطلاق خطة جديدة للتعليم والتربية تمتد حتى عام 2030 لإصلاح المنظومة الحالية، التي تبدو متجاوزة بالنظر إلى التحولات السريعة في نمط الاقتصاد وسوق العمل والمعارف المطلوبة لذلك. وتقدر نفقات التعليم العام المقبل بنحو 53 بليون درهم تضاف إليها نفقات عائلية تقدر بنحو 20 بليون درهم، ما جعل المغرب ينفق سنوياً نحو 8 بلايين دولار على التعليم والتحصيل لتغطية نحو 7 ملايين تلميذ وطالب، ويحتل في المقابل مراتب متأخرة في تصنيف قيمة الشهادات الجامعية، ويؤثر سلباً في سوق العمل ونفسية الطلاب.