فيما تعيش المنطقة العربية صعوداً لحركات سياسية وأصولية متشددة، يعيش الأردن حال ازدهار موسيقي وازدياداً ملحوظاً في تأسيس فرق غنائية شبابية، خصوصاً في اطار ما يسمى «الغناء البديل» الخارج عن أحكام الموسيقى وقوانينها. وتعبّر هذه الفرق عن وجهة نظرها، في كل قضية تخص المجتمع الأردني والعربي عبر أغان تقدم في أمسيات فنية. وفي أمسية عمّانية جمعت ثلاث فرق ناشئة هي «الأخضر» و «جبل المريخ» و «بلوز وبنطلون»، قُدّمت أغان بلغة شبابية، تحاكي الواقع، بعيداً من الإسفاف اللغوي أو المفردات الرنانة. واتخذت الفرق الثلاث الموسيقى البديلة منبراً فنياً لها تطلّ من خلاله على الناس بالانتقاد والانتفاض على كل ما هو غير سوي في مجتمعاتنا العربية، أو حتى في طرح مواضيع «للفضفضة» فقط، بعيداً من أي هدف يذكر. وقدمت الفرق موضوعات أخرى حول مشاكل الشباب في العمل، لاسيما البطالة والواسطة وذلك في أغنية أخذت طابع الروك الهادئ بعنوان «حقنا على البلاطة» إضافة إلى أغنية «أبيض» التي استهلت بها فرقة «أخضر» الأمسية. ويقول محمود سلاّم عضو في فرقة «الأخضر» وعازف الغيتار في حديث الى «الحياة» إن الفرقة عزمت منذ بداية مشوارها على انتاج الموسيقى من دون كتابة الكلمات، لكنها اتفقت على أن الدمج ما بين الكلمة والنغمة سيساعد على توصيل أفكار الفرقة بطريقة أمتع، خصوصاً أن ثقافة سماع الموسيقى فقط في الأردن متدنية إلى حد ما مقارنة بالمجتمعات الأخرى. أما فرقة «جبل المريخ»، فكانت شديدة اللهجة في الانتقاد، ناهيك بروح التشاؤم التي تلف أغانيها على رغم حماسة الموسيقى وصخبها. وغنّت الفرقة خمس أغان تناولت آفة النفاق ومشكلة عدم تقبل الرأي الآخر في مجتمعاتنا ورفض كل ماهو جديد بسبب ثقافة العيب. ويقول زيد الكيلاني عازف الغيتار ومؤسس فرقة «جبل المريخ» إن أغانيها تخاطب عمّان الشرقية أكثر من غيرها من المناطق، لأنها تنتمي إلى هذا المكان، مضيفاً أن الفرقة لا تحاول أن تبلس عباءة غيرها من الثقافات بل تتمسك بما تنتمي اليه وتوصيل صوت الغالبية الصامتة. وتطرق الكيلاني إلى الصعوبات التي تواجه فرق «الهيب هوب» الناشئة عموماً، مؤكدا أن عدم تقبل المجتمع المحلي للموسيقى البديلة هو أصعب المراحل، وما تسعى اليه الفرقة جاهدة، إثبات وجودها الموسيقى الهادف أمام ناقدي هذا النوع من الفن. واختتمت فرقة «بلوز وبنطلون» الأمسية بأدائها الذي حمل هدوءاً موسيقياً بعكس ما قدمته الفرقتان السابقتان، فحافظت على هدوئها على رغم أنها لم تبتعد عن موسيقى الروك. وصنفت فرق «الأخضر» و «جبل المريخ» و «بلوز وبنطلون»، كأفضل فرق ناشئة في مسابقة أردنية محلية للفرق المبتدئة. وتلقى الموسيقى البديلة إقبالاً واسعاً من الشباب الأردني المحلي الذي يرى في هذا الفن فسحة فنية تلائم أفكاره.