على رغم تذمر زوار معرض جدة الدولي للكتاب، الذي اختتم فعالياته أمس، من ارتفاع الأسعار، ومن أن ثمن الكتاب يخضع لمزاجية الناشرين، فإن حركة نشطة وقوة شرائية شهدها المعرض في اليومين الأخيرين، ويمكن تقدير عدد الزوار الذين توافدوا إلى المعرض بأنه تخطى حاجز النصف مليون، فيما وصلت المبيعات بحسب اللجنة المنظمة إلى 15 مليون ريال، في الأربعة أيام الأخيرة. وكانت حشود الزوار واصطفافهم أمام أجهزة البحث عن الكتب، أمراً لافتاً. وعبّر ناشرون عن سرورهم للنشاط الذي دبّ في ممرات المعرض، بعد تذبذب في مستويات حركة الشراء، مشيرين إلى أن التنظيم كان جيداً على رغم الظروف المصاحبة له، إضافة إلى إن إجراءات الدخول والخروج لم تكن سلسلة للكثيرين، و«الرقابة كان مبالغاً فيها». في حين اعتبر ناشرون أن دورة المعرض، بعد انقطاع، «كانت تجربة ليست بالناجحة، ولا الفاشلة»، مؤكدين أنه بالنسبة لهم، «لا مانع من تكرار المحاولة». واقترح هؤلاء في ما يخص الدورات المقبلة، أن تكون دور النشر التابعة لدولة من الدول، توضع في قسم خاص بها، مشيرين إلى عريضة تم إعدادها من الناشرين المشاركين، ينوون تقديمها لأمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل. وعبّر ناشرون عن تفاؤلهم بالمعرض وبفرص تطويره وتطوره في الأعوام المقبلة، «فمدينة جدة تستحق أكثر من معرض، داعين إلى الاستعانة «بشركات مختصة في تنظيم المعارض، من أجل اكتساب الخبرة والمعرفة». من ناحية أخرى، عبّر عدد من المثقفين عن حماستهم للمعرض، متطلعين، في استطلاع ل«الحياة»، إلى أن يتطور في الدورات المقبلة، وأن يشهد مشاركة واسعة من دور النشر المهمة. وأوضح رئيس مجلس إدارة نادي جدة الثقافي الأدبي السابق عبدالمحسن القحطاني أن جدة «تستحق من دون شك أن تقام فيها مثل هذه التظاهرة الثقافية المهمة، في الوقت الذي تزخر فيه بعدد كبير من الأدباء والكتاب والمثقفين»، مشدداً على الهدف الذي يسعى إليه المعرض، وهو «تلبية تطلعات وطموحات المثقفين والأدباء والزوار من مختلف شرائح المجتمع». وأبان الروائي عبده خال أن ما يشاهد من تفاعل ونجاح كبير لمعرض جدة الدولي للكتاب، «جعل زواره يتجاوزون نصف مليون زائر من مختلف شرائح المجتمع»، مشيراً إلى أن «تحويل حلم مثقفي وأدباء جدة، إلى واقع ملموس». بدوره، اعتبر الروائي طاهر الزهراني أن المعرض جيد، «سواء من ناحية التنظيم أم من ناحية حضور الدور». وقال: «الملاحظة الوحيدة هي منع بعض الدور وحرمانها من المشاركة بعد الموافقة، ثم التصريح بمبررات غير منطقية، وحدث هذا مع دارين معروفتين بثراء عناوينها، وجودة صناعتها للكتاب». في حين لفت الروائي خالد المرضي إلى أن مدينة جدة، سعيدة جداً بالكتاب، «سيل الجمهور المقبل على الكتاب عبر البوابة، دلالة قوية على تحول المجتمع نحو الوعي والانفتاح على العالم. قرأت يوماً أن أعظم تغيير يحصل في حياة الإنسان هو في اللحظة التي يتحول فيها إلى قارئ». وأشار إلى وجود إقبال وزيارات منظمة من المدارس، «حضرت دور النشر بمختلف توجهاتها، والتنوع يعني أن روافد المعرفة تتكامل وتتضافر. معرض جدة للكتاب بدا بحلة جميلة تنظيماً ومكاناً وتوقيتاً، يسعد الداخل برائحة الورق كما يسعد الخارج بنسيم البحر وأضواء الشاطئ». وأوضح خالد المرضي أن جدة عبر تاريخها وموقعها كانت «فضاءً متنوعاً للقادمين والراحلين، هي تسعد اليوم أن تقدم نفسها عبر هذه التظاهرة الحضارية الكبيرة لتكون رافداً في طريق التنوير. أن تجتمع كل هذه الدور وكل هذه العناوين، يعني أن هناك مصباحاً يرنو، يمد يداً من ضوء لكل من يبتغي الخروج من العتمة نحو فجر الحضارة. جدة تبتهج بالكتاب، هذا هو المهم ولنتجاوز عن كل شيء آخر». أما الروائي والكاتب عمار باطويل، فيرى أن معرض جدة ظهر بصورة جيدة وحضور ممتاز. وهذا الظهور تم بجهود القائمين عليه، الذين اختاروا المكان المناسب له وسهولة الوصول إليه»، مشيرين إلى أن دور نشر لفتت اهتمامه، مثل دور النشر السودانية، «إذ اكتشفت في هذه الدور أقلاماً رائعة في السرد، مثل عماد البليك وروايته «شاورما»، وكذلك أحمد ملك في روايته «الزمن قبل غارة الأنتينوف»، وغيرهما من الكتّاب السودانيين، إذ أصبح القارئ والمثقف العربي لا يعرف الرواية السودانية إلا باسم الطيب صالح أو أمير تاج السر، فعلى المثقف أن يكتشف الأقلام الجديدة الشابة، فهي تكتب الجيد والرائع». وتمنى باعمار من المسؤولين على المعرض، «الاهتمام بالجارة اليمن، فالمعرض شهد غياباً لدور النشر اليمنية. وعلى اللجنة المنظمة تسهيل إجراءات مشاركة هؤلاء الناشرين، فنحن مرآة لبعضنا البعض. لقد حضر الكتّاب اليمنيين، فيما غابت دور النشر اليمنية وهذا ما يؤسف له حقاً».