عادت أسعار المساكن في السعودية إلى الارتفاع مجدداً العام الحالي، بعدما تراجعت في معظم أرجاء البلاد في عام 2009. وطبقاً لنتائج مسح البنك السعودي الفرنسي الأول لسوق العقارات السعودية سجّلت العاصمة الرياض أعلى معدّلات الارتفاع المحليّة في أسعار الشقق والفلل خلال 2010، في حين انخفضت بشكل حادّ في أحياء جدّة التي تعرّضت للسيول في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وأشار تقرير للبنك أعده كل من كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفيكياناكيس والمدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك تركي بن عبدالعزيز الحقيل إلى أنه في عام 2009، تراجعت أسعار العقارات السكنية والتجارية في المملكة بشكل طفيف جراء انحسار الطلب عليها أثناء الأزمة المالية العالمية التي انعكست سلباً على القطاعات العقاريّة في المنطقة والعالم. وقال إن الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض الطفيف في أسعار الأراضي والعقارات في المملكة تمثلت في الادخار بدلاً من الاستثمار، وشحّ القروض المصرفية وانخفاض أسعار مواد البناء وسياسة تلافي المخاطر، مشيراً إلى أن معدلات الانخفاض في أسعار العقارات السعودية كانت الأدنى في منطقة الخليج، وأنه خلافاً للقطاعات العقارية الخليجية الأخرى يمتاز القطاع العقاري السعودي باعتماده على الطلب المحلي بالدرجة الأولى، وبالتماسك الذي منع حدوث أي فقاعة. وأضاف أنه مع أن «أسعار المساكن عادت إلى الارتفاع أخيراً إلا أن أسعار الأراضي المفرزة للمشاريع السكنية والتجارية واصلت انخفاضها، طبقاً لمسح البنك الذي استند إلى بيانات أسعار العقارات في ست مدن سعودية، هي: الرياضوجدةوالدماموالخبر والظهران ومكةالمكرمة». وتابع: «وفي المقابل، استقرت الإيجارات في معظم أحياء هذه المدن، وهذا تطور مهم لأن الإيجارات المتصاعدة كانت السبب الرئيسي لمعدلات التضخم التاريخية المرتفعة، التي سجلتها المملكة خلال السنتين الماضيتين». وتوقع البنك أن ينمو الطلب على المساكن في الاقتصاد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط مدفوعاً بحجم سكانها الذي ينمو سنوياً بمعدل 2 في المئة، ويضم نحو 65 في المئة من سكان منطقة الخليج، كما أن عدد سكان المملكة الكبير نسبياً والبالغ 25 مليون نسمة، بينهم 18.5 مليون مواطن، يمثل الدعامة الأساسية لاستقرار ونمو الطلب المحلي على العقارات. وبالنسبة لأسعار المساكن، قال التقرير إن معدل انخفاض أسعار الفلل والشقق بلغ نحو 5 في المئة خلال النصف الثاني من 2009 في حين سجلت شرق مدينة الرياض أعلى معدلات الانخفاض في أسعار العقارات اذ فاقت 10 في المئة، لكن في النصف الأول من العام الحالي فإن الرياض سجلت أعلى معدلات الارتفاع في أسعار تمليك المساكن وذلك بفضل التعافي النسبي لمجمل الاقتصاد السعودي ونمو الطلب والانفاق الرأسمالي الرسمي المكثف. أما مدينة جدة فقد انخفض المتوسط العام لأسعار العقارات السكنية خلال النصف الأول من العام الحالي بسبب انخفاض متوسط أسعار العقارات السكنية بمعدل 9 في المئة في جنوبالمدينة الذي شهد السيول، وفي حين انخفضت أسعار العقارات في أكثر أحياء جدة تضرراً بالسيول ارتفعت في مناطقها الأخرى، خصوصاً في شمال المدينة، فيما تباينت أسعار المساكن في المنطقة الشرقية. ومقارنة مع مستويات النصف الثاني من عام 2009 أظهر المسح أن متوسط سعر التمليك للشقق الكبيرة التي تتراوح بين 135- 190 متراً ارتفع 11.9 في المئة في جنوبالرياض ليصل إلى 369167 ريالاً، بينما انخفض بنسبة 9 في المئة في جنوبجدة ليبلغ 455 ألف ريال. أما متوسط سعر التمليك للشقق الكبيرة في الأحياء السعودية التي استهدفها المسح، فقد ارتفع بمعدل 3.2 في المئة ليصل إلى 464167 ريالاً. ويفضل السعوديون الشقق السكنية الكبيرة والفيلات الصغيرة التي تتراوح بين 300 و400 متر على رغم أن معظمهم يفضل العيش في الفلل إذا كانوا قادرين على تحمل دفع إيجاراتها. وفي أحياء شرق وغرب وشمال وجنوب العاصمة ارتفع متوسّط سعر التملك للشقق الكبيرة إلى 536667 ريالاً في النصف الأول من العام الحالي بزيادة 6 في المئة، وزاد السعر للشقق الصغيرة (120-135 متراً) 6 في المئة ليبلغ 442100 ريال، وبالتالي عادت أسعار تملك الشقّق في الرياض إلى مستويات 2008. وسُجل أعلى ارتفاع في متوسط أسعار العقارات في جنوبالرياض التي يقطنها ذوو الدخل المحدود، إذ ارتفع متوسط سعر تملك الشقق الكبيرة 11.9 في المئة ليصل إلى 369167 ريالاً، وزاد متوسط أسعار تملك الشقق في جميع أحياء مدينة الرياض لكن أدنى هذه الأسعار سجل في جنوبالمدينة، بينما سُجل أعلاها في الأحياء الراقية التي تقع في شمال الرياض اذ بلغ معدلها الوسطي 671667 ريالاً. كما ارتفعت أسعار تملك الفلل الصغيرة في شمال الرياض بنسبة 12.3 في المئة، وفي المقابل تراجعت أسعار تملك الفلل الكبيرة (400-700 متراً) في معظم أحياء الرياض بمعدل 11.8 في المئة في الأحياء الراقية التي تقع في شمال الرياض، وتراوحت أسعارها ما بين 791667 ريالاً في الجنوب و2.57 مليون ريال في الأحياء الراقية التي تقع في شمال الرياض. وفي جدة، انخفض متوسّط سعر تملك الشقق الكبيرة 4 في المئة، وحدثت الانخفاضات الكبيرة في أسعار هذه الشقق خلال الشهور التي تلت الفيضانات، وهبط متوسط السعر في الأحياء الجنوبية الفقيرة 9 في المئة، ليصل إلى 455 ألف ريال. وفي وسط جدة، تراجع متوسط سعر تملك الشقّق الكبيرة 4 في المئة، أما في شمال جدة، حيث خلّفت الفيضانات أضراراً طفيفة فقط، فارتفع متوسط سعر تملك الشقق الكبيرة 3 في المئة، ليصل إلى 738333 ريالاً.وفي المنطقة الشرقية، تفاوتت أسعار الشقّق والفلل، ففي الدمام ارتفع متوسط سعر تملك الشقّق الكبيرة 2.3 في المئة، ليصل إلى 296667 ريالاً، لكن متوسط سعر تملك الشقق الصغيرة انخفض بأكثر من 4 في المئة، أما أسعار العقارات في الخبر وهي الأعلى في المنطقة الشرقية، فارتفع متوسط سعر تملك الشقّق الكبيرة 3.4 في المئة إلى 351667 ريالاً. وتتفاوت الأسعار الحالية للفلل، مع أن أسعار الفلل الكبيرة انخفضت فيها جميعاً، وظلت في الدمام والظهران أرخص منها في الخبر، وبلغ متوسط سعر الفلل الكبيرة فيهما 858300 ريال و951667 ريالاً على التوالي. وفي الوقت ذاته، انخفض متوسط سعر تملك الفلل الصغيرة في الدمام بمعدل 4.4 في المئة. وتراجعت أسعار الأراضي المفرزة للمشاريع التجارية في جميع أنحاء المملكة، وانخفضت في المدن الست 8.3 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالنصف الثاني من 2009، و11 في المئة مقارنة بالسنة السابقة. وفي بعض أحياء الرياض، عادت أسعار الأراضي المفرزة للمشاريع التجارية إلى الارتفاع أخيراً، بعدما تراجع متوسط سعر المتر المربع للقطع التي تقع على شوارع ما بين 40 و60 متراً، بمعدل 12.2 في المئة خلال السنة التي انتهت في النصف الثاني من عام 2009، علماً بأن هذا السعر انخفض بمعدّل 30 في المئة في بعض الأحياء الشرقية لمدينة الرياض. لكنّ هذا الاتجاه تحول بشكل كبير خلال العام الحالي، إذ ارتفعت أسعار الأراضي المفرزة للمشاريع التجارية في 10 من أحياء الرياض، لكن أسعار هذه الأراضي واصلت انخفاضها في بقية أجزاء الرياض، بما فيها الأجزاء الجنوبية والغربية الرخيصة نسبياً، ويتراوح سعر المتر ما بين 1125 ريالاً في جنوبالرياض، وأكثر من خمسة آلاف ريال سعودي في بعض أجزائها الشمالية والشرقية. وتراجعت أسعار هذه الأراضي في الأحياء الراقية التي تقع شمال الرياض بمعدل 9.2 في المئة، وانخفض متوسط سعر المتر من 7221 ريالاً في النصف الثاني من عام 2009 إلى 682 ريالاً في النصف الأول من 2010 بنسبة 7.5 في المئة. وانخفض هذا السعر في جدة نفسها بمعدل 12 في المئة، مقارنة بمستويات النصف الثاني من عام 2008، وفي مكةالمكرمة هبط متوسط سعر المتر من 2367 ريالاً في النصف الأول من عام 2009 إلى 2280 ريالاً سعودياً في النصف الثاني منه، ثم إلى 2156 ريالاً في النصف الأول من العام الحالي. وفي الدمام، انخفضت أيضاً الأسعار بنسبة 8 في المئة، فوصلت إلى 3302 ريال للمتر، في حين هبطت في الخبر والظهران بنسبة 14 في المئة.