خرجت حفلات تخرج الطالبات في المدارس عن «المألوف»، فلم تعد تقتصر على شهادات التكريم، أو الدروع المقدمة للطالبات «المميزات». بيد أن بعض المدارس تجاوزت ذلك في الآونة الأخيرة، إلى إقامة ما يشبه حفلات الزواج «الباذخة»، من خلال التكلف والتنافس بين المدارس. وتحرص الخريجات في الأخيرة على إعداد أبيات شعرية تتضمن أسماء الخريجات، بالاتفاق مع أحد «المنشدين»، أو المؤسسات الإنشادية على أدائها، وذلك بعد منع الموسيقى والغناء في الحفلات المدرسية. وتغيب الموسيقى حتى عن حفلات التخرج التي تقام خارج أسوار المدارس، ولا يوجد عليها إشراف رسمي، من إدارات المدارس، لأن منظماتها من الطالبات، يراعين وجود أمهات، وربما معلمات وإداريات يدعوهن لحضور الحفلات، ولا يفضلن سماع الموسيقى. وتستغل بعض المؤسسات الإنشادية هذا «المنع» أو «التغييب»، إضافة إلى تنافس الخريجات على تميز حفلاتهن، في رفع أسعارها. إذ وصلت كلفة بعض هذه «الزفات»، التي أقامتها إحدى المدارس، إلى نحو 30 ألف ريال. وبرر لهم المنشد، السعر بأن له «اسماً بارزاً وشهرة فنية كبيرة». وبالتزامن مع انتصاف الفصل الدراسي، تستعد خريجات المراحل الثلاث (الابتدائي، والمتوسط، والثانوي) هذه الأيام، لإقامة حفلات التخرج، التي تتفاوت في مستواها بين «عالية الكلفة» و»المتوسطة». إلا أن بعض المدارس تطلب من طالباتها مبالغ «باهظة»، كنوع من الإسهام في إقامة الحفلة. وقد تصل أحيانا إلى 5 آلاف ريال من كل طالبة. فيما علمت «الحياة» أن إدارات تربية وتعليم في المناطق والمحافظات، طلبت من إدارات مدارس تابعة لها «إعادة أي مبالغ تم تحصيلها من قبل الطالبات، لإقامة حفلات تخرج، تقام داخل المدارس أو خارجها، بإشراف هذه الإدارات». ولم يشمل التعميم الحفلات التي تنظمها الطالبات خارج أسوار المدرسة، وهي التي تشهد إنفاقاً «باذخاً». وقالت مشرفة الأنشطة في إحدى المدارس: «على رغم أن زفات التخرج لا تنقص ولا تخل في موازنة المدرسة، مهما بلغ ثمنها، وذلك لأن الطالبات هن من يتكفلن بجمع المبلغ، من جيوبهن ودفعه، فيما لا تتحمل المدرسة والوزارة ذلك، إلا أن بعض المنشدين استغلوا منع الموسيقى في حفلات المدارس للمتاجرة بأعمالهم». وتحظر المدارس استخدام الموسيقى في حفلاتها. وأكد المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم مبارك العصيمي، في تصريح إلى «الحياة»، منع استخدام الموسيقى في حفلات المدارس «منعاً تاماً». وأشار إلى أن الوزارة «لا علاقة لها في حفلات التخرج، فلا تُلزم بها، ولا تتكفل بها»، مؤكداً أن «الحفلات تنظمها الطالبات عادة». وعزا المنشد عبدالعزيز العبدالله، غلاء سعر «زفة التخرج»، إلى «ارتفاع تكاليف الاستديو، وكذلك اسم المنشد ومكانته، إضافة إلى نوعية الحفلة»، مؤكداً أن «بعض الاستديوهات تعتبر هذه المواسم تجارة رابحة، يجب عليها أن تسوق بها أعمالها»، مضيفاً أن «الإنشاد خلال هذه الفترة يمشي في مسار منافس جداً للمجال الآخر (الغناء)، وهو ماض في وضع خطواته في المسار الاجتماعي والمهني والمراسم». وعن استغلال الإنشاد كمجال مسموح في المدارس من خلال ارتفاع الأسعار، رأى العبدالله أن ذلك «ظاهرة طبيعية، لا سيما أن ثقافة الإنشاد عصامية، غير مدعومة غالباً من المجتمع، أو الجهات الرسمية، أو غيرها». وأضاف أن «الأسعار الإجمالية يحددها كل منشد، من خلال حصر سعر الاستديو والألحان والقصيدة ومراحل العمل». بدوره، قال قائد مجموعة «شجن الإنشادية» المنشد عقيل العقيل، ل«الحياة»: «إنه في ظل ما يعانيه السوق الإنشادي من ضعف، ومن قرصنة لأعمال المنشد، وانتشارها على شبكة الإنترنت، نجد أن المورد الوحيد لمن يمارس الإنشاد هو الأعمال الخاصة». وأضاف أنه «مهما وضع المنشد من سعر، فهو لن يفيه حقه. لأن الإنشاد يمر بمراحل يجهلها من هو خارج استديو التسجيل، فهو لا يقتصر على المنشد نفسه»، لافتاً إلى أن «لكل منشد سياسة في تحديد الكلفة، وبخاصة في الأمور الفنية التي تتطابق مع الطلب»، مشدداً على أنهم يقفون في شكل دائم «ضد المبالغة في الأسعار». وأضاف العقيل، أن «لكل استديو تسعيرة خاصة، من كورال وهندسة وغيره». وأوضح أن «تواجد الإنشاد في الحفلات الرسمية وتسعيره لا يقارن بتسعيرة من يستخدم الموسيقى، للفارق المهول بينهما، على رغم استخدام المنشدين الإيقاعات البشرية». وقال: «بالنظر إلى تسعيرة الإنشاد فهي لا تساوي واحداً في المئة مما يُصرف من الشركات المنتجة لبقية الفنانين غير المصرح للمدارس الاستعانة بهم، لاستخدامهم الآلات الموسيقية».