الفاتيكان - أ ف ب - تواجه الكنيسة الكاثوليكية في عيد الفصح هذا العام ازمة كبرى في ظل فضائح التحرش الجنسي المتعاقبة التي تهزها في عدد من الدول الاوروبية والولايات المتحدة. واقترنت الازمة الاسبوع الماضي بجدل مع اليهود في العالم حين اقام واعظ القصر الرسولي تشبيهاً غير مباشر بين حملات معاداة السامية والهجمات التي تستهدف الكنيسة والبابا بنديكتوس السادس عشر، ما اثار موجة استنكار بين المجموعات اليهودية وضحايا الاعتداءات الجنسية على الاطفال في الكنيسة، اضطر بعدها الاب رانييرو كانتالاميسا الى تقديم اعتذاره امس. وانعكس سيل الفضائح المتعاقبة حول اعتداءات على اطفال ارتكبها رجال دين وكهنة وتغاضى عنها رؤساؤهم او طمسوها، على اجواء عيد الفصح الذي يحتفل فيه الكاثوليك. وطاولت الفضائح البابا اذ اتهمته صحافة المانيا مسقط رأسه والولايات المتحدة، بالتستر على كهنة تحرشوا بأطفال حين كان رئيس اساقفة في ميونيخ ثم حين كان على رأس مجمع عقيدة الإيمان قبل وصوله الى السدة البابوية عام 2005. وقال الاب فيديريكو لومباردي الناطق باسم الفاتيكان في مطلع آذار (مارس) الماضي: «لا يمكن انكار خطورة الأزمة التي تشهدها الكنيسة». وقال برونو بارتولوني خبير شؤون الفاتيكان ان الكنيسة تمر ب «اصعب مرحلة منذ صدور رسالة البابا بولس السادس الحياة البشرية (المعارضة لكل وسائل منع الحمل) عام 1968». ودعا رئيس اساقفة المانيا المنسنيور روبرت تسوليتش مساء السبت في رسالته لمناسبة عيد الفصح الى النظر في «الجوانب القاتمة للكنيسة»، مشددا على ضرورة حدوث «انطلاقة جديدة» في وقت تكشف بصورة شبه يومية منذ اسابيع، حالات تحرش جنسي سابقة بأطفال في الكنيسة الكاثوليكية الالمانية. ورأى رئيس الاساقفة الايطاليين سابقاً الكردينال كاميلو رويني انها «فترة آلام» على صعيدين، بسبب «الاخطاء» التي ارتكبها رجال دين و «تعمد التهجم على الكنيسة». وازدادت الازمة تعقيداً يوم الجمعة العظيمة حين تلا واعظ القصر الرسولي امام البابا رسالة «تضامن» من «صديق يهودي» شبه فيها الانتقادات الموجهة الى الكنيسة وبنديكتوس السادس عشر بحملات معاداة السامية. واعتبر كاتب الرسالة ان «استخدام الصورة النمطية ونقل المسؤولية والخطأ من الطابع الشخصي الى الطابع الجماعي يذكرانني بالجوانب المشينة لمعاداة السامية». ونأى الناطق باسم الفاتيكان على الفور بنفسه عن هذا الموقف، مؤكداً انه لا يمثل موقف الفاتيكان الرسمي. غير ان التشبيه اثار استنكار المجموعات اليهودية وجمعيات للدفاع عن ضحايا اعتداءات جنسية. وذهب بعض المنتقدين الى حد مطالبة البابا نفسه بتقديم اعتذارات. واكد واعظ الفاتيكان في مقابلة اجرتها معه صحيفة «كوريري ديلا سيرا» امس، ان احداً في الفاتيكان ولا حتى البابا لم يكن على اطلاع على مضمون عظته، مضيفاً: «ان نيتي كانت ودية تماماً وليست عدائية على الاطلاق». وقال: «اذا صدمت بشكل خارج عن ارادتي حساسية اليهود وضحايا الاعتداءات الجنسية على الاطفال، فأنا آسف بكل صدق واقدم اعتذاري، مؤكداً من جديد تضامني معهم». وتوج عيد الفصح امس، بقداس رأسه البابا واعطى خلاله بركته «الى المدينة والعالم» بعدة لغات من شرفة كاتدرائية القديس بطرس. وواصل الفاتيكان السبت هجومه المضاد دفاعاً عن البابا والكنيسة. ونشرت صحيفة «اوسيرفاتوري رومانو» الناطقة باسم الكرسي الرسولي تحت عنوان: «دعاية شرسة ضد البابا والكاثوليك» «رسالة تضامن» من اساقفة «في انحاء العالم». وفي رسالته لمناسبة الفصح، خص البابا بمباركته مسيحيي العراق الذين «يتألمون»، كما ابدى قلقه على المسيحيين في باكستان «المضطهدين».