يقترع الفرنسيون اليوم في الدورة الأولى من انتخابات المناطق، في اختتام حملة طغت عليها أحداث «مجزرة 13 تشرين الثاني (نوفمبر)». وتشير الاستطلاعات إلى أنها ستؤدي إلى تغيير لا سابق له على صعيد خريطة القوى السياسية من خلال الاختراق المتوقّع للجبهة الوطنية الفرنسية (اليمين المتطرّف). وإذا صدقت هذه الاستطلاعات، فإن الحزب الاشتراكي الحاكم سيواجه في الدورة الثانية من الانتخابات المقررة الأحد المقبل، هزيمة نكراء لا تعود بالفائدة على اليمين المعارض وفقاً لمبدأ التناوب، الذي طالما ساد الحياة السياسية في فرنسا. كما ترجّح الاستطلاعات أن ترسم هذه الانتخابات صورة جديدة لخريطة القوى بحيث لا تعود مقتصرة على اليسار واليمين، بل تتحول إلى خريطة ثلاثية الأطراف تتيح للجبهة الوطنية استكمال انتقالها من موقع القوة الهامشية الذي بدأ مع تولّي مارين لوبن زعامتها، إلى موقع القوة الفاعلة في إطار المشهد السياسي. وعلى رغم إدراك الاشتراكيين أن هزيمتهم متوقعة، فهم يراهنون على صحوة من قبل الناخبين تحدّ من آثار تراجعهم، وتتيح لهم الاستفادة من التأييد الذي تنامى لمصلحتهم نتيجة ارتياح غالبية الفرنسيين لأسلوب إدارتهم للوضع عقب المجزرة التي سقط خلالها 130 قتيلاً و352 جريحاً. وفي حين تشير استطلاعات إلى أن مرشحي الحزب الاشتراكي سيحلون في المرتبة الثالثة في 7 أقاليم من أصل 17، فإن الحزب يتساءل منذ الآن عن الموقف الذي سيعتمده غداة الدورة الانتخابية الأولى للحؤول دون انتزاع الجبهة الوطنية رئاسة أي من الأقاليم (المناطق) في الدورة الثانية. وأظهر آخر الاستطلاعات أن الجبهة الوطنية تحتل المرتبة الأولى إذ تحظى بتأييد 29،5 في المئة من الناخبين، يليها حزب الجمهوريين (اليمين المعارض) مع 28،5 في المئة من المؤيدين، ثم الحزب الاشتراكي (الحاكم) مع نسبة 23 في المئة. وتظهر هذه الأرقام أن الجبهة الوطنية حققت تقدّماً بين ناخبي اليسار واليمين على حد سواء، واستفادت من استياء يساريين كثر من أداء الحكم الاشتراكي على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبطالة المستمرة في الارتفاع، فضلاً عن الاستياء من انقسامات المعارضة اليمينية والغموض الذي يحكم توجهاتها ومواقفها. كذلك عززت الجبهة موقعها نتيجة الارتياب والخوف الناجمين عن تدفّق اللاجئين إلى أوروبا والمجزرة التي تركت بصمات واضحة على أسلوب عيش الفرنسيين، وفي مقدمها حالة الطوارئ المعلنة لمدة ثلاثة أشهر. وهذا ما حمل قادة اليمين للتساؤل عن الموقف الذي يمكنهم اعتماده بين الدورتين. وكانوا رفضوا اقتراح الحزب الاشتراكي القاضي بتوحيد لوائحهما في الدورة الثانية، باعتبار أن هذه الخطوة لا تنطوي على أي ضمانة بأن الناخبين سيحجمون بنتيجتها عن الإدلاء بأصواتهم لمصلحة الجبهة الوطنية. وعلى رغم الخطورة التي ينطوي عليها الاختراق المتوقع للجبهة في ظل طروحاتها العنصرية والداعية إلى الانغلاق على الذات والتي لا تمثّل حلولاً مجدية لمشكلات فرنسا، فإن الناخبين قد يختارون عبر صناديق الاقتراع تدفيع الحزبين التقليديين ثمن عقود عدة مما يعتبرونه ازدراء ولا مبالاة حيال مشكلاتهم الحقيقية. من جهة أخرى، قتِل ستة أشخاص على الأقل بينهم ثلاثة في حالة حرجة، إثر سلسلة تفجيرات استهدفت تجمعاً دينياً حضره مئات من الهندوس في منطقة ديناجبور (شمال). وأفادت الشرطة بأن مسؤولي المعبد تلقوا تهديدات حذرتهم من إقامة تجمعات دينية، علماً أنه يندر تعرض تجمعات دينية للهندوس في بنغلادش - الدولة ذات الغالبية المسلمة لهجمات. وكان تنظيم «داعش» تبنى إطلاق النار على طبيب إيطالي يعمل في المنطقة ذاتها الشهر الماضي، ثم إيطالي آخر وياباني في هجومين منفصلين تبناهما تنظيم «داعش». كما قتِل أربعة منتقدين للتشدد الديني بالأسلحة البِيض وبينهم أميركي من أصل بنغالي.