وصف وزير الخزانة الأميركي تيم غايتنر بياناً أصدرته وزارته في شأن التخلي عن حصتها من أسهم «سيتي غروب» المصرفية العملاقة «مصداقاً» للجهود التي بذلتها الحكومة لإعادة الاستقرار إلى قطاع المال الأميركي، لا سيما «برنامج غوث الأصول المتعثرة. وأعلنت وزارة الخزانة في بيانها نيتها بيع حصتها الضخمة في المجموعة المصرفية هذه السنة وطبقاً لأوضاع السوق، وعينت مؤسسة الخدمات المالية (الشركة القابضة المصرفية) «مورغان ستانلي» مستشاراً لها، مسدلة الستار، أقله جزئياً، على واحدة من أكبر عمليات الإنقاذ الحكومي لحي المال (وول ستريت) في تاريخ الولاياتالمتحدة. وتعتبر «سيتي غروب» المؤسسة المالية الأميركية الوحيدة التي تنفرد بوجود عالمي قوي إذ تقدم خدماتها إلى نحو 200 مليون عميل في 140 بلداً. وأوضحت الوزارة أن قرار البيع يشمل كامل حصتها المقدرة بنحو 7.7 بليون سهم، ما يعادل 27 في المئة من أسهم سيتي غروب العمومية. وفي محاولة لطمأنة الأسواق، أشارت إلى أن أسلوب البيع وتوقيته وكمياته تتقرر بموجب اعتبارات تحدد أياً منها، وإن كانت شددت على أن عمليات البيع تتم طبقاً لخطة محررة متفق عليها مسبقاً، وعدت بنشر تفاصيلها في وقت لاحق من الأسبوع الجاري. واعتبر غايتر التخلي عن الحصة السهمية في «سيتي غروب» تأكيداً لنجاح المبادرات التي أطلقتها الحكومة لإعادة الاستقرار إلى قطاع المال الأميركي، وقال في تصريحات الثلثاء الماضي إن قرار بيع أسهم المجموعة المصرفية العملاقة، وهي الوحيدة من بين المصارف ومؤسسات الخدمات المالية المتعثرة التي استحوذت الحكومة على حصة من أسهمها العمومية، يعتبر «علامة على مدى التقدم الذي أحرز على هذا الصعيد». وذكر غايتر أن مبادرات الإنقاذ الحكومية حققت أرباحاً تقترب من 20 بليون دولار، مشيراً إلى أن الوزارة استعادت حتى الآن ثلثي المبالغ التي استثمرتها في المصارف. وبعدما كبّدتها مغامرتها مع الرهون العقارية الرديئة وسنداتها خسائر تتجاوز 55 بليون دولار واضطرتها إلى التخلي عن 500 بليون دولار من أصولها الثابتة، حصلت «سيتي غروب» على 45 بليون دولار من برنامج غوث الأصول المتعثرة إضافة إلى تأمين ضمانات حكومية لقيمة 300 بليون دولار من أصولها المتعثرة، لكن اتفاقات عقدتها مع وزارة الخزانة أتاحت لها إعادة 20 بليون دولار وتحويل المبلغ الباقي من أسهم ممتازة إلى أسهم عمومية. وخفض إعلان وزارة الخزانة أسعار أسهم «سيتي غروب» في جلستي تداول الاثنين والثلثاء 3 و2 في المئة على التوالي إلى أربعة دولارات و9 سنتات للسهم الواحد، إلا أن الحكومة التي استحوذت على أسهم المجموعة المصرفية بسعر 3.25 دولار ينتظر أن تجني أرباحاً تصل إلى سبعة بلايين وفقاً للسعر الحالي وقد تزيد على هذا المبلغ أو تنقص في حال كان الحظ حليف المحللين الذين توقعوا تأرجح أسهم «سيتي غروب» بين 3 و6 دولارات في الشهور 12 المقبلة. وغطت سيتي غروب مبلغ 20 بليوناً التي أعادتها إلى البرنامج بإصدار ما قيمته 3.5 بليون دولار من مزيج عقود الأسهم العمومية المدفوعة القيمة وسندات الدين، لكنها أصدرت أيضاً 5.4 بليون سهم من أسهمها العمومية بقيمة 17 بليون دولار، ما ألحق خسائر فادحة مؤكدة ومحتملة، ليس بحملة أسهمها فحسب بل بمستثمرين دوليين في مقدمهم جهاز أبو ظبي للاستثمار الذي ضخ 7.5 بليون دولار في الأسهم الممتازة ذات العائد المرتفع (11 في المئة) للمجموعة. وبادر جهاز أبو ظبي للاستثمار، الذي يعتبر أضخم صناديق الثروات السيادية عالمياً، ويضطره اتفاق مبرم بين الطرفين إلى تحويل أسهمه الممتازة إلى أسهم عمومية في فترة عامين بدأت فعلياً منتصف الشهر الماضي وبأسعار بين 31 و36 دولاراً للسهم، إلى مقاضاة سيتي غروب في «دعوى تحكيم» في نيويورك أواخر السنة الماضية، لكن المجموعة التي رفضت التعليق على المسألة أعلنت نيتها الدفاع عن ذاتها بقوة.