دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، إلى «قبضة قوية واحدة» لمكافحة الإرهاب، متهماً الغرب بإشاعة «فوضى» في المنطقة، كما لمّح الى أن بلاده ستشدد عقوباتها على تركيا، متوعداً بأنها ستندم على إسقاطها مقاتلة روسية على الحدود مع سورية في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وخلافاً لخطابات سابقة كان يتمّ التركيز فيها على هموم داخلية، شغل ملف الأزمة مع تركيا والوضع في سورية حيزاً أساسياً من الخطاب السنوي لحال الاتحاد أمام الهيئة الاشتراعية الروسية. واستهل الرئيس الروسي كلمته أمام البرلمان، بتوجيه تحية إلى الجنود الروس العاملين في سورية. وقال إن موسكو «تشغل موقع الزعامة في الجهود الدولية ضد الإرهاب»، ودعا مجدداً إلى توحيد جهود المجتمع الدولي وإقامة تحالف دولي عريض لمواجهة الأخطار المشتركة. وشدد على ضرورة عدم التعامل بمعايير مختلفة مع الإرهاب، محذراً من خطر هائل يمثله الإرهابيون، من روسيا ورابطة الدول المستقلة، الذين يحاربون في سورية. وقال إن عددهم يبلغ آلافاً و «علينا أن نواجههم ونقضي عليهم قبل أن يقتربوا من حدودنا». وأضاف: «لهذا السبب قررت موسكو بدء عمليتها الجوية ضد الإرهاب الدولي في سورية». ومن دون تسمية الولاياتالمتحدة، اتهم واشنطن وحلفاءها بتحويل العراق وسورية وليبيا «منطقة فوضى تهدد العالم بأسره»، من خلال دعمها تغيير أنظمة تلك الدول. وزاد: «يجب أن نترك كل الحجج والخلافات وراءنا، ونشكّل قبضة قوية واحدة، جبهة واحدة لمكافحة الإرهاب، تعمل على أساس القانون الدولي تحت رعاية الأممالمتحدة». وأكد بوتين أن روسيا «لن تنسى أبداً خيانة القيادة التركية ودعمها الإرهاب»، مضيفاً: «لن نستعرض القوة بالسلاح، لكننا لن نكتفي بالطماطم»، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على أنقرة، والتي قال إنها ستتسع. وزاد: «إذا كان هناك من يعتقد بأن في إمكانه، بعد ارتكاب جريمة حربية غادرة وقتل عسكريين روس، الإفلات من أي عقاب، باستثناء حظر توريد البندورة أو فرض قيود في مجال البناء، فإنه مخطئ كثيراً». وتابع في إشارة إلى الأتراك: «لن ينتظروا منا ردة فعل عصبية وهستيرية، تشكّل خطراً علينا وعلى العالم. ردة فعل للاستهلاك الخارجي وربما الداخلي. لن يحدث ذلك. تصرفاتنا قبل كل شيء مبنية على المسؤولية أمام بلادنا وشعبنا». وكرّر أنه لا يفهم الأسباب التي دفعت تركيا إلى إسقاط المقاتلة «سوخوي-24»، معتبراً أن أي خلاف تمكن تسويته في طريقة أخرى. وأضاف: «الله وحده يعلم لماذا فعلوا ذلك، وكما يبدو أن الله قرر أن يعاقب الزمرة الحاكمة في تركيا، حارماً إياها العقل والمنطق». ولفت إلى أن «لدى روسيا منذ فترة طويلة أصدقاء في تركيا، وعليهم أن يعلموا أن موسكو لا تساوي بينهم وبين النخبة الحاكمة فيها». داخلياً، أقرّ بوتين بصعوبات جدية تواجهها روسيا بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها، مستدركاً أن «الوضع صعب لكنه ليس كارثياً». وأشار إلى تأقلم قطاعات، بينها الزراعة، مع الوضع الجديد، وبدء عملية نمو متصاعدة. وتوقّع أن تكون روسيا قادرة على الاكتفاء زراعياً خلال سنوات، معتبراً أن «استقلال البلاد مرتبط بصمودها المالي». وأشار إلى قطاعات تتعرّض للاختناق في شكل كبير، بينها الإنشاءات وصناعة السيارات والآليات، داعياً إلى توقّع انخفاض طويل لأسعار النفط، والتعامل مع واقع جديد، من خلال تنويع الاقتصاد وبناء فرص جديدة. وسعى بوتين الى طمأنة المواطنين، بإشارته إلى أن البرامج الاجتماعية الحكومية لن تُقلّص، عكس تأكيدات مسؤولين اقتصاديين. وحول الوضع الأمني الداخلي، قال إن روسيا ما زالت «تحارب بقايا العصابات المسلحة الخارجة عن القانون داخل البلاد»، مضيفاً أن الإرهاب «لا يمكن أن يُهزم في بلد، في ظلّ إعادة التوطين الجديدة للشعوب، والحدود المفتوحة في العالم»، وذلك في إشارة الى مسألة اللاجئين السوريين في أوروبا. وقال: «احتجنا لنحو 10 سنين لكسر العمود الفقري للمجرمين، سحقنا الإرهاب عملياً في روسيا، لكن حتى الآن، نشنّ حرباً لا هوادة فيها مع من تبقّى تحت الأرض، لكن هذا الشر ما زال يطلّ برأسه».