تباينت ردود الفعل بين معارض ومؤيد لعرض جزء جديد من مسلسل «ليالي الحلمية» بمجرد الإعلان عن تعاقد ورثة الراحل أسامة أنور عكاشة مع المؤلفين أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين والمنتج محمود شميس على تقديم جزء سادس سيتولى إخراجه مجدي أبوعميرة ليعرض خلال شهر رمضان المقبل. واعتبر الفريق المعارض الأمر مخاطرة ومغامرة، وطالب بالحفاظ على سمعة «ليالي الحلمية» وما حققه من نجاح غير مسبوق في العالم العربي على المستوى النقدي والجماهيري، وذهب بعض هؤلاء إلى أن أصحاب الجزء الجديد «مفلسون» ولا هم لهم سوى الربح واستغلال نجاح العمل، وقالوا أنهم يداعبون الإعلانات مسبقاً، في حين يرى الفريق المؤيد أنه يجب عدم الحكم على جزء جديد قبل رؤيته مجسداً. وجاء في مقدم المعارضين آثار الحكيم التي قدمت في «ليالي الحلمية» شخصية «زهرة» قبل الاعتذار عن دورها، لتكمله بعدها إلهام شاهين، موضحة أنها لا توافق على تقديم جزء سادس من المسلسل ولا تنصح بذلك. واعتبرت تقديم جزء جديد مجرد استثمار لنجاح الأصل، وأن ما يحدث لا يزيد على كونه «سبوبة» فقط. وأكدت المؤلفة والناقدة ماجدة خيرالله على أن قانون حق المؤلف ينص على معاقبة من يحذف أو يضيف من أي عمل فني، من دون إذن كتابي من صاحبه شخصياً، وليس ورثته، وهذا قبل إتمام وتصوير العمل الفني، ولكن بعد تصويره وخروجه إلى الناس لا يحق لأحد الاقتراب منه أو من أي من شخصياته، وأكدت أن ما يحدث ليس حرية إبداع، لأن المسلسل تم إنتاجه وتقديمه بالفعل، على عكس العمل الروائي الذي يمكن تقديمه أكثر من مرة، مع المحافظة على كل مكوناته وشخصياته وفلسفته وقيمته. وشبهت الأمر بتمثال صممه نحات، وجاء آخر تحت بند حرية الإبداع وعبث به، رغم أنه من الأولى أن يصمم آخر يخصه، ولا يعيش على إبداع وجهد الآخرين. ويرى المؤلف هشام أبوسعدة أن أسامة عكاشة لم يكن أبداً مؤلف مسلسلات، بل كان مفكراً يكتب تاريخ مصر على الشاشة العربية، مؤكداً أنه رفض الفكرة حين أخذت رأيه نسرين عكاشة قبل شهرين، وقال المنتج عادل الميهي إن ما يحدث يعد افلاساً وفقراً فنياً، وأن أصحاب الجزء الجديد يستسهلون لعدم قدرتهم على الإبداع والخلق الفني. أما الفريق المدافع، فجاء في مقدمهم أيمن بهجت قمر الذي اعتبر كتابة مشروع درامي من أي عمل سابق حق أصيل لأي مؤلف طالما وافق الورثة وتنازلوا عن الرواية. وأكد أن «الجاهل» و»عديم الثقافة» هو فقط من يحكم على العمل قبل مشاهدته، مشيراً إلى أن أحداث «ليالي الحلمية 6» ستحمل مفاجآت. أما المؤلف محمود الطوخي، فقال: «ككاتب وسيناريست، أتصور أن «ليالي الحلمية» الجديدة، ستتعرض إلى النقلة التي انتقلتها مصر عبر السنين، فحي الحلمية لا يزال موجوداً، ولأبطال «الحلمية» أبناء وأحفاد، أي أنه يمكن أن يبقى أبطال الملحمة الخالدة مجرد صور على الجدران أو أسماء على شواهد قبور أو مجرد ذكريات، وأكد أنه يدرك أن أيمن قمر وعمرو ياسين والمنتج أذكى كثيراً من إعادة «ليالي الحلمية» ذاتها». وأشار المؤلف عمرو سمير عاطف إلى أن عكاشة رحب قبل وفاته بأن يتولى أي سيناريست آخر إكمال المسلسل، معتبراً أن تقديس الأعمال الفنية أمر مؤسف، ويتناقض مع طبيعة الفن الذي يستلزم التغيير والتجريب في شكل عام، «فكرة تقديم جزء جديد من الحلمية فكرة جريئة. توقع الفشل والشعور بالضيق أمر مرفوض بالنسبة إليّ تماماً. ويجب الانتظار قبل التسرع في الحكم». وطالبت نسرين أسامة عكاشة باحترام حق الغير في التجربة، وتقدير إيجابية المبدع في محاولة الرقي برسالة الفن، وأن يبعد الجميع عن عقله فكرة أن والدها كان مفكراً يكتب تاريخاً، وينظر إليه كمبدع أبدع إبداعاً أصبح تراثاً ملكاً لكل مبدع آخر ينهل منه، ووقتها سنصبر على المبدعين الجدد وننظر إلى نتاج فكرهم بنظرة مختلفة تماماً، ومن دون تحفز أو رفض، واعتبرت ما يحدث من نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة الجزء الجديد من المسلسل فرصة كبيرة لمعرفة العقول. يذكر أن «ليالي الحلمية» أشهر المسلسلات الدرامية الاجتماعية، ويعد أبرز أعمال الثنائي الأشهر في الدراما العربية أسامة عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ، وصورت حلقاته التاريخ المصري الحديث من عصر الملك فاروق، وحتى مطلع التسعينات من القرن العشرين، وأرَخَ لتاريخ مصر الحديث عبر «حي الحلمية» الذي كان في بدايته حي باشوات، ثم تحول إلى حي شعبي يقيم فيه البسطاء من عامة الناس. وبرع جميع المشاركين فيه، خصوصاً أن عكاشة رسم الشخصيات بمهارة، وأتاحت قماشة كل شخصية استخراج طاقات فنية كبيرة ممن جسدها، وفي مقدمهم يحيى الفخراني «سليم باشا البدري» الأرستقراطي ابن الباشاوات، وصلاح السعدني، العمدة «سليمان غانم»، وصفية العمري «نازك هانم السلحدار»، وكانت شخصية «أحمد حسنين باشا» التي جسدها أحمد مظهر هي الشخصية التاريخية الوحيدة بالمسلسل الذي شارك فيه عشرات الفنانين والفنانات من مختلف الأجيال، وفي الوقت الذي رسخ فيه أقدام بعضهم في الدراما، منح الفرصة لآخرين لإثبات قدراتهم الفنية، وكان فرصة ذهبية لعدد من الوجوه الجديدة.