في منطقة الكرمة، حيث المدخل الشمالي لمحافظة البصرة، عُلّقت لافتة كبيرة في أعلى عمود إنارة ينعى فيها «لواء المنتظر»، أحد تشكيلات قوات الحشد الشعبي التي تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية»، مقاتلها بعبارة: «الشهيد البطل أحمد جلاو الذي استشهد دفاعاً عن العقيدة والوطن». وعلى بعد نحو ثلاثين كيلومتراً شمالاً، وتحديداً عند معمل الورق، نعى لواء آخر هو «كتائب درع الشيعة» بالطريقة نفسها إبراهيم بريسم الذي ظهرت صورته مرتدياً البزّة العسكرية، ممسكاً ببندقية «كلاشنيكوف». مئات اللافتات المماثلة المعلقة في الساحات العامة وعلى جدران العمارات الحكومية والمنازل، يغصّ بها الطريق الممتد على مسافة 45 كيلومتراً بين مدينة البصرة وناحية الدير شمالاً، لكن ما يميز هاتين اللافتتين تحديداً، أن القتيلين مراهقان لم يبلغا السن القانونية للانتخاب فكيف بالقتال. أحمد (16 سنة) وإبراهيم (15 سنة) يتحدران من البصرة، المحافظة التي تتصدر عدد القتلى في صفوف قوات الحشد الشعبي، بحدود الألف قتيل، وفق تصريحات مصادر قيادية في الحشد. كان الصبيان انضما إلى تشكيلات الحشد بعد أسبوع واحد فقط من فتوى «الجهاد الكفائي» التي أطلقها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في 13 حزيران (يونيو) 2014 لمواجهة تقدّم تنظيم «داعش» الذي طرق أبواب بغداد بعد سيطرته على مدينة الموصل ومناطق واسعة من محافظتي صلاح الدين والأنبار. وفيما تنفي قوات الحشد الشعبي ومعها الحكومة العراقية رسمياً انخراط أطفال وقاصرين مثل أحمد وإبراهيم في عشرات الفصائل الشيعية المقاتلة، وتعترف في أحيان قليلة بتدريبهم فقط في المدارس، إلا أن المآتم ولافتات النعي المستمرة في مدن وسط البلاد وجنوبها لا تنفك تؤكد سقوطهم ضحايا في المواقع الأمامية للقتال. نهاية واحدة يوم التحاقهما في 20 حزيران 2014، أُدخل أحمد جلاو وإبراهيم بريسم، إلى جانب العشرات من أبناء المنطقة، في دورات للتدرّب على السلاح في معسكرات تمت إقامتها سريعاً في ناحيتي الكرمة والنشوة. كانت هذه المعسكرات قبل ذلك ساحات ترابية خالية يشغلها الصبية بلعب كرة القدم. «كان عليهما التدرّب على السلاح لمدة أسبوعين متواصلين في درجات حرارة تجاوزت 45 مئوية. «قليلاً ما كنا نراه، حيث يعود إلى المنزل منهكاً من التدريب» تقول والدة أحمد. بعدها جرى نقل الصبيين إلى منطقة لا يعرفانها، هي قاطع الدجيل في محافظة صلاح الدين شمال بغداد، وكان هذا القاطع وقتها محاصراً من قبل تنظيم «داعش». القدر جمعهما مجدداً في السرية الخامسة من اللواء التاسع التابع للحشد الشعبي، وكانت نهايتهما واحدة، في هجوم شنّه التنظيم على قاطعهما في أوائل كانون الأول (ديسمبر) 2014. تصف والدة أحمد ابنها القتيل بأنه كان «مندفعاً»، تغمره في أيامه الأخيرة رغبة جامحة بالمشاركة في القتال، «كنت أتفهم تلك الرغبة، لذلك لم أمانع خضوعه للتدريبات». لكن لم يدُر بخلدها أن ولدها الصغير سيكون مقاتلاً في الخطوط الأمامية: «كنت أعتقد أنه سيؤدي دوراً يتناسب مع سنّه وقدراته البدنية في الوحدات الإدارية للحشد، أو على الأقل، في أماكن بعيدة من خطوط التماس». تلقي هذه السيدة باللائمة على وسائل الإعلام والأحزاب الدينية التي كانت تثير حماسة الشباب بعد صدور فتوى المرجعية بالجهاد الكفائي، وتقول إن محطات التلفزة الرسمية وتلك التابعة للأحزاب الدينية «أججت صدور الصغار من دون الأخذ بالاعتبار أعمارهم ولا قدراتهم البدنية والقتالية». والدة أحمد لم تتمكن من إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان ولدها، وكذلك هي الحال مع أسرة إبراهيم. فقد استعادت قوات الجيش ما تبقى من الجثمانين بعد أكثر من خمسة أشهر من وقوع المعركة، عندما تمكنت من طرد «داعش» من منطقة النباعي في قضاء الدجيل. لكن الأم كانت حاضرة في مراسم التأبين النهائية الخاصة بالحشد في مقبرة وادي السلام في النجف، وراقبت من بعيد التابوتين محمولين على الأكتاف وقد لفّهما العلم العراقي. الأحزاب استغلت الفتوى فتوى السيستاني التي جاءت بعد نحو 100 عام من فتوى الجهاد ضد الاستعمار الإنكليزي التي أصدرتها النجف أوائل القرن العشرين، كان لها بالغ الأثر في دفع مؤمنين للتطوع، خصوصاً أنها حظيت بمباركة بقية المراجع الكبار المعروفين وهم: بشير النجفي، إسحاق الفياض، محمد تقي المدرسي ومحمد سعيد الحكيم. ولم يعارضها إلا رجل الدين المثير للجدل محمود الصرخي الذي اعتبرها «بداية لحرب طائفية بين المسلمين الشيعة والسنة». ولم يرد في نص الفتوى أي تفصيل بخصوص مَن تتوجب عليه المشاركة بالقتال، إنما حصر ذلك ب «من يقدر على حمل السلاح»، إذ قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي وهو يعلن فتوى الجهاد من كربلاء إن «العدد الذي يدافع عن العراق يجب أن يحقق الكفاية، فإذا تصدى 10 آلاف مقاتل ولم يتحقق الهدف يكون 11 ألفاً ويزيد حتى يتم تحقيق الكفاية». لكن توضيحاً صدر عن مكتب السيستاني لاحقاً، وتحديداً في 14 حزيران 2014، نقلته الفضائية الرسمية «العراقية»، جاء فيه أن «الموظفين غير مكلفين بالواجب الكفائي للدفاع إلى حين توافر الضرورة لذلك». الكاتب الصحافي، محمد جعفر السوّاد، يعتقد أن فتوى الجهاد الكفائي تم استغلالها من قبل أحزاب شيعية تتنافس على النفوذ والسلطة والمال لرفع شعبيتها وتوسيع قاعدتها الجماهيرية. وقال السواد إن «هذه الأحزاب رحبت بتجنيد الموظفين والطلاب والمتطوعين من صغار السن وكل من يأتي إلى مكاتبها، لأنها أرادت زيادة قوتها وقاعدتها، والحصول من خلال ذلك على المزيد من الدعم المالي من الدولة». ولفت السواد إلى أن المرجع الشيعي أصدر بعد الفتوى سلسلة من التوجيهات للحد من حال الفوضى التي سادت، منها دعمه لمشروع قانون «الحرس الوطني» بغرض تشكيل قوة أمنية تضم المقاتلين غير النظاميين من الفصائل الشيعية أو العشائر السنية تحت مظلة الدولة، «وهو القانون الذي ما زال محل جدل سياسي بعد رفض قيادات في الحشد له واعتبار من يمرره «خائناً». السلاح ... القوة والفخر منذ 13 حزيران من العام الماضي، بدأت الأحزاب والقوى الشيعية تشكيل فصائل تستقبل المتطوعين في مكاتبها، ولو أن بعض أهم تلك الفصائل ك «عصائب أهل الحق» و «بدر» و «النجباء» و «كتائب حزب الله» و «كتائب الإمام علي» وغيرها كانت موجودة فعلياً وبعضها شارك في الحرب في سورية. وجرت الدعوة للتطوع في ظل الشعارات الدينية واستعارة الموروث العقائدي، التي شكلت أبرز المحركات التي استعانت بها الفصائل المسلحة في جذبها المتطوعين. فرفعت في بغدادومحافظاتالجنوبالعراقي رايات لأكثر من أربعين فصيلاً تحمل جميعها أسماءً بدلالات تتعلق بتاريخ المذهب الشيعي ورموزه، قدّر تعداد مقاتليها وفق تصريحات رسمية بنحو 156 ألف مقاتل، حوالى مئة ألف منهم يتقاضون مرتبات من الدولة ومعظمهم لم يتسلموا مرتبات بشكل منتظم. لكن محركات أخرى كانت حاضرة، فالتطوع شكل للكثير من المراهقين والشباب فرصة لإبراز الذات في مجتمع تفرض قوة السلاح نفسها اجتماعياً وأمنياً، ويمثل حمل البندقية مؤشراً على الرجولة ومدعاة للفخر. وتمتنع تشكيلات الحشد الشعبي عن الإدلاء بمعلومات حول عدد الأطفال المتطوعين، فهي من الناحية الرسمية لا تعترف بوجودهم أصلاً على جبهات القتال، وإن كانت تعترف في حالات نادرة وتصريحات متناثرة بتدريبهم، بغرض حماية مناطقهم فقط في حال تعرضها لهجوم. لكن ضابطاً في «لواء أبو الفضل العباس» وهو جزء من الحشد، يشعر «بالفخر» لأن فصيله سبق تشكيلات أخرى باحتضان مقاتلين من صغار السن. وقال إن «لدينا شهداء في اللواء لم تتجاوز أعمارهم 15 عاماً». سلوكيات لا يشكل الحشد الشعبي كياناً عسكرياً متجانساً على عكس الدّارج عند تناوله إعلامياً، ويدور بين فصائله تنافس على كسب ولاء الشيعة العراقيين فضلاً عن وجود اختلافات عميقة في ما بينها من ناحية الانتماء العقائدي وجهة التمويل والتسليح والأهداف السياسية. ويقسم الباحث محمد موسى الزيدي قوات الحشد إلى ثلاث مجموعات رئيسة لديها سلوكات مختلفة في تجنيد الأطفال، الأولى موالية لإيران، أبرزها «فيلق بدر» بزعامة هادي العامري و «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، و «كتائب حزب الله» بزعامة أبو مهدي المهندس، و «سرايا الخراساني»، و «النجباء» بزعامة أكرم الكعبي، و «كتائب التيار الرسالي» بزعامة عدنان الشحماني. ويوضح الزيدي أن «هذه المجموعة هي الأقوى من ناحية التسليح والتنظيم والتدريب والأكثر تأثيراً في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهي تمتلك طموحات سياسية مستقبلية وتريد لنفسها معاملة خاصة مستقلّة عن الجيش العراقي، لذلك فهي تدأب على توسيع قاعدتها وتجنيد أكبر عدد ممكن من المتطوعين، بمن فيهم المراهقون، وتدفع لهم أعلى الرواتب مقارنة ببقية التشكيلات». ويكمل :»أما النوع الثاني من الفصائل، فهي الموالية للأحزاب الشيعية التقليدية، وأهمها «سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري، و «سرايا الجهاد والبناء» و «سرايا عاشوراء» و «سرايا أنصار العقيدة» التابعة ل «المجلس الأعلى»، و «كتائب «الغضب الحيدري» وفصيل «لواء الشباب الرسالي» التابع لحزب «الفضيلة». وتشارك هذه الفصائل في القتال وتعتمد على الحكومة في تسليحها الذي عادة ما يكون محدوداً، «وقد تم رصد حالات عديدة لتجنيد القاصرين في صفوفها، لكن على نحو أقل من المجموعة الأولى». وأخيراً «هناك الفصائل الموالية للمرجع السيستاني، وتشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي، وأشرف مكتبه وممثلوه على تأسيسها، وأبرزها «لواء علي الأكبر» و «سرايا العتبة العباسية» و «سرايا العتبة العلوية»، و «سرايا العتبة الحسينية»، و «كتائب سيد الشهداء» و «حركة أنصار الله الأوفياء». «ولا تمتلك هذه الفصائل طموحات سياسية، وقد وضعت نفسها تحت تصرف الحكومة، وهي تمتاز بضعف حضورها الإعلامي وكثرة أعداد مقاتليها وقلة تسليحهم، ويندر العثور على صغار ومراهقين في صفوفها». ويرى الزيدي أن استقطاب المراهقين من بعض الفصائل هدفه في الأساس دعائي فهي تمتلك العدد الكافي من الرجال «وجودهم يمثل دليلاً رمزياً على عمق موالاة الشارع لها، كما يوفر مادة دعائية لحثّ البالغين على التطوع، وهو ما يظهر من خلال الأفلام التي تنشرها الفصائل والتي تتفاخر بصغر سنّ المقاتلين والقتلى لديها». وعلى رغم أن «الجهاد الكفائي» الذي نصّت عليه فتوى المرجعية الشيعية ليس تكليفاً عاماً شاملاً، إنما يسقط عن الآخرين بتطوع عدد كاف من الأشخاص، إلا أن العديد من الأسر تعاملت مع الأمر باعتباره ملزماً لجميع أفرادها الذكور، كما هي الحال مع جليل عبد الهادي ، وهو متقاعد من ناحية الجدول الغربي في كربلاء. يقول عبد الهادي إنه يخشى غضب الله في حال منع أولاده الأربعة من الالتحاق بالقتال، وبينهم اثنان في سنّ ال15 وال17. ويتابع: «حتى لو قمت بمنعهم، فإنهم سيلبّون النداء ويلتحقون». وتكشف مقاطع فيديو تنشر على «اليوتيوب» عن مقاتلين يبدون صغار في السن يشاركون في المعارك في مناطق شمال العراق وغربه. كما ينشر يافعون آخرون صورهم في المعارك على حساباتهم الشخصية في «فايسبوك»، ولا تترد قنوات فضائية بينها قناة «العراقية» الرسمية في نشر قصص عن مراهقين صغار يقاتلون في صفوف الحشد. في ناحية الفضلية، قضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار التي تقع على بعد 350 كيلومتراً جنوب العاصمة بغداد، كانت عائلة أبو علي، مثالاً واضحاً للتأثر بخطاب الأحزاب الدينية، فإلى جانب الأب الذي يبلغ من العمر 38 عاماً، التحق الابن ذو ال15 عاماً بكتائب «حزب الله» العراقي. يعتقد أبو علي، الذي تعرض لإصابة بالغة في معركة دارت في مصفاة بيجي في منتصف أيار (مايو) 2015، أنه كان يقتدي بأئمة المذهب الشيعي بالسماح لابنه القاصر بالقتال الى جانبه. مع ذلك تفضح عينا الرجل حزنه على ابنه البكر الذي قتل بانفجار عبوة ناسفة في تكريت في نيسان (أبريل) 2015. يتذكر أبو علي، مواقف إنسانية جمعتهما في جبهات القتال، إذ كان الابن يحرص على ألا يبتعد كثيراً عن والده. «كان يقول لي مداعباً، سأموت قبلك يا أبي، فأنا لا أقدر على تحمل مسؤولية الأسرة من بعدك». ردد الوالد هذه العبارة مرتين وانهمرت دموعه بغزارة. الطاعة واجبة على رغم التكتم الإعلامي يسهل في محافظاتالجنوب والوسط تتبع حالات متكررة لالتحاق الأبناء بجبهات القتال إلى جانب آبائهم. في حي الميلاد عند المدخل الشمالي لمدينة النجف، جنوب العاصمة بغداد، وهو من الأحياء الفقيرة، وفي بيت متواضع لا تتجاوز مساحته 100 متر مربع، تسكن سيدة مع أسرتها المكونة من خمسة أفراد، ثلاث فتيات وصبيين. كانت قبل ذلك مؤلفة من سبعة أشخاص، غير أن ربّ الأسرة، (43 سنة) وابنه كرار (16 سنة) التحقا أيضاً بصفوف «سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري، فقضيا في إحدى المواجهات المسلحة في الفلوجة في محافظة الأنبار. لم تكن أم كرار مرحبة كثيراً بفكرة مشاركة ابنها في المعارك: «ولدي كان صغير السن، قليل الوزن، لا يقوى على خوض الحروب ومواجهة صعوباتها». بيد أن زوجها الراحل لجأ في إقناعها إلى قصة معركة كربلاء التاريخية المعروفة والصغار الذين قاتلوا إلى جانب الإمام الحسين. مع ذلك تبقى والدة كرار مؤمنة «بأن طاعة المرجعية الدينية واجبة» وتبقى تتفهم إرادة زوجها فقد كان مدفوعاً بالرغبة في «حماية أهله من سكاكين داعش التي تتوعدهم بالذبح». وهو الموقف ذاته الذي تتبناه الكثير من العوائل، التي لا تجد مشكلة في تطوع أبنائها المراهقين في صفوف الحشد ومشاركتها في مواجهة «داعش»، طالما كان ذلك واجباً «دينياً ومجتمعياً» في ظل استمرار تهديد التنظيم للبلاد. أجواء الخوف من «العدو الذي يذبح ويحرق ويعدم على الشبهة» والتي سادت مناطق بغداد الشيعية كما كل مدن جنوبالعراق، كانت كافية لتجنيد آلاف المراهقين في صفوف فصائل الحشد المكلفة مواجهة عدو تساقطت أمامه تشكيلات الجيش النظامية. تلك الأرقام وإن تراجعت لاحقاً مع تراجع خطر «داعش»، «تظل كبيرة ومحل قلق» مع تعطل صدور قانون ينظم عمل الحشد ويحدد شروط التطوع فيه، وبوجود فصائل مسلحة تجد في استقطاب الأطفال فرصة لتعزيز وجودها، كما يرى الباحث سليم حمزة. حمزة ينبه إلى أن صور «الأطفال الشهداء» وقصص سقوطهم على الجبهات، سيظل لها حضور في الشارع العراقي، طالما أن الحرب لم تبلغ مراحلها النهائية «هناك أطفال تطوعوا للقتال على هذه الجبهة، وآخرون في الجبهة المقابلة جندهم داعش وأكرههم على القتال... إنهم يقاتلون ويموتون لأسباب يجهلونها». * أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج) وتحت إشراف كمي الملحم