قبل شهرين من فتح صناديق الاقتراع للانتخابات التمهيدية الأميركية في ولاية أيوا، تحيط الضبابية بالجانب الجمهوري من السباق حيث يتنافس أكثر من عشرة مرشحين، فيما تثبت هيلاري كلينتون قدمها وسط المرشحين الديموقراطيين خصوصاً في معركتها ضد اليساري بيرني ساندرز والتي قد تحسمها قبل الربيع المقبل. وتشهد المنافسة بين الجمهوريين حالياً، معركة بين رجل الأعمال ذو الخطاب اليميني والشعبوي دونالد ترامب وسائر المرشحين الذين يحاولون تكثيف الهجوم على ترامب لتفادي ارتداد تقدمه، كارثة انتخابية للحزب ضد كلينتون في الانتخابات العامة، لسهولة فوزها على المرشح الجمهوري المتشدد. ويبدو أن شعبية ترامب بدأت تتراجع هذا الأسبوع بعد هفوات له في كلامه ضد السود والمسلمين وأصحاب الإعاقة الجسدية. وبعد قيام مناصريه بالاعتداء على ناشط أفريقي أميركي في تجمع انتخابي، دافع ترامب عن مناصريه وقال إنهم كانوا محقين في طرده. وساهم هذا الأمر في عدول مئة أسقف من الأقلية الأفريقية الأميركية عن دعم ترامب، وطالبوه باعتذار علني لإهانة الناشط. وزاد الطين بلة تمادي ترامب في مهاجمة المسلمين الأميركيين وإصراره أن بعض «المسلمين والعرب» من ولاية نيوجيرسي احتفلوا بعد وقوع اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وهو ما نفته شرطة الولاية وحاكمها، وكل الوسائل الإعلامية. وانتقد المرشحون الجمهوريون خطاب ترامب التحريضي، ومن بينهم حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي الذي اعتبر أن ما يدعيه «لم يحصل وهو يدرك ذلك». وفاقم أزمة ترامب سخريته من الصحافي المعاق جسدياً في «نيويورك تايمز» سيرج كوفالسكي، وتقليده الإعاقة بحركة اليد في أحد التجمعات الانتخابية. وبعد أسبوع من الانتقادات الإعلامية، تهاوت شعبية ترامب ب12 نقطة بحسب استطلاع «رويترز ايبسوس»، وهبطت من 43 في المئة في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إلى 31 في المئة اليوم، على رغم بقاء رجل الأعمال في المركز الأول. وعلى مستوى الولايات، عكست الاستطلاعات تعادل المرشح تيد كروز مع ترامب في ولاية أيوا واقتراب روبيو منه في ولاية نيو هامبشير. وتعول المؤسسة الحزبية على التفاف المعتدلين في الحزب حول مرشح واحد لتقويض حظوظ ترامب. ويحاول روبيو تسويق نفسه كالمرشح الأقوى لمواجهة كلينتون، فيما يعمل كروز على إبراز شعبيته في صفوف القاعدة اليمينية. أما حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش فتراجعت حظوظه في شكل درامي هذا الشهر، وهو لا يتخطى اليوم نسبة ال8 في المئة من التأييد في الولايات الحاسمة والاستطلاعات الوطنية. وتبدو المواجهة داخل الصف الجمهوري بين مثلث ترامب وروبيو وكروز وقبل أسبوعين من مناظرة تلفزيونية للمرشحين. أما كلينتون، فتتحرك في هامش أوسع بكثير في الساحة الديموقراطية ولتقدمها على ساندرز في كل الولايات الحاسمة. ويرجح ذلك حسم السباق الديموقراطي في الانتخابات التمهيدية سريعاً، في مقابل توقع معركة شد حبال وتلاسن عشوائي بين الجمهوريين قد تستمر حتى الصيف، للبت بمصير ترامب ومعه حظوظ اليمين بالعودة إلى البيت الأبيض.