سدد الثري الأميركي دونالد ترامب ضربة شبه قاضية لعائلة بوش وطموحها للعودة إلى البيت الأبيض عبر جيب بوش حاكم ولاية فلوريدا السابق والذي يواجه أزمة كبيرة في الاستطلاعات، فيما تبدو المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون المستفيد الأكبر من تململ الجمهوريين لتثبيت موقعها في صدارة منافسيها الديموقراطيين. بوش الذي وصفته الصحف الأميركية في بداية العام بالمرشح الأقرب للفوز بلقب الجمهوريين، تراجع اليوم للمرتبة السادسة بفعل أداء هزيل في المناظرات، وهجوم لاذع عليه وعلى عائلته من ترامب الذي ينافس بن كارسون على الموقع الأول بين المرشحين الجمهوريين. وفي محاولة لالتقاط أنفاسه أمام ترامب، ووصف بوش الثري الأميركي بأنه «مثير للفتن» مؤكداً انه لن ينزل إلى مستواه. وفي وقت بدت حملته في أسوأ أوضاعها قبل شهرين على التصويت، أطلق بوش أثناء تجمع في فلوريدا أطلق شعاراً جديداً هو «جيب يستطيع إصلاحه»، وقال: «لست هنا لتدمير الناس بل لجمعهم. سأفعل ما بوسعي لكسب هذه الانتخابات، لكن هناك أموراً لست مستعداً لفعلها». وزاد: «لن أتخلى عن مبادئي ولن أتخلى عن رسالتي المتفائلة، لن أرتدي لباس شخص مثير للفتن غاضب، ولن أنتقص من الناس لأشعر بأنني كبير». وسخر من النصائح التي قدمها له معلقون ومحترفون في العمل السياسي بعد تدهور شعبيته المستمر في استطلاعات الرأي وأدائه الرديء في مناظرات تلفزيونية. المرشح الجمهوري الذي اتبع حمية غذائية وأنقص وزنه قبل أن يترشح إلى الانتخابات الرئاسية هذا العام، أضاف ساخراً: «لو كان (ابراهام) لينكولن حياً هل كنتم لتتصوروا الحماقات التي يمكن أن يواجهها؟ مستشارون يقولون له إن عليه أن يكون حليق الذقن ومعلقون تلفزيونيون ينصحونه بعدم اعتمار قبعته». وخلص إلى القول: «لا أستطيع أن أكون أمراً أخر غير نفسي والزعامة أمر آخر». إلا أن تراجع بوش بهذه السرعة وهذا الشكل، حول أنظار المتبرعين الجمهوريين إلى السناتور ماركو روبيو الذي يحل في المرتبة الثالثة وقد ينقذ الحزب الجمهوري من خسارة شبه حتمية في حال التصويت لترامب أو كارسون بسبب تطرفهما ومواقفهما الأقرب لليمين المتشدد، ما يجعلهما عرضة أمام مرشح ديموقراطي قوي ومعتدل. وأمام هذا الواقع، رسمت المرشحة الديموقراطية الأقوى داخل حزبها هيلاري كلينتون ابتسامة عريضة قبل مناظرة الديموقراطيين يوم الجمعة، وبدت المستفيد الأكبر من انقسامات الجمهوريين وتضعضعهم بين اليمين والخط المعتدل. وأعطى استطلاع «أن بي سي» وصحيفة «وول ستريت جورنال» تقدماً لكلينتون بفارق 31 نقطة على منافسها بيرني ساندرز فيما تقدم كارسون بين الجمهوريين ب29 نقطة وبعده ترامب (23 نقطة) ثم روبيو (11) وتيد كروز (10). أما بوش فلم يحصد أكثر من نسبة 8 في المئة من التأييد. ويثير تقدم ترامب وكارسون المخاوف داخل المؤسسة الجمهورية بسبب مواقفهم المتشددة والبعيدة عن ميول الناخبين المستقلين الضروريين لحسم السباق في 2016، إذ يؤيد ترامب إغلاق المساجد في الولاياتالمتحدة وبناء جدار مع المكسيك فيما يدعو كارسون إلى عدم قبول أي رئيس مسلم للولايات المتحدة، وإلى تنفيذ ضربات بطائرات من دون طيار على الحدود مع المكسيك. وساهمت هذه المواقف في تراجع شعبية الحزب الجمهوري بين الأقلية اللاتينية والعرب الأميركيين. وسيبدأ التصويت مطلع العام المقبل في ولاية أيوا في الانتخابات داخل الحزب الواحد قبل اختيار مرشحين للتنافس في الانتخابات العامة والتصويت بعد عام في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.