حين تتعرض منتخباتنا أو أنديتنا في الخارج إلى تأخير في مطارات الدول، التي تقصدها لإقامة المعسكرات أو لعب المباريات نُقيم الدنيا ولا نُقعدها، على اعتبار أننا لسنا مسؤولين عن الفوضى وعدم التنظيم، الذي تغرق فيه تلك البلدان، ولسنا مجبرين على تحمل تبعات أنظمة متخلفة تسنها دول أكثر تخلفاً، ومع الأسف عندما تحدث في بلادنا تصرفات مماثلة، نواجهها بالتعتيم ونترك المجال لضيوفنا من العرب والأجانب للتعليق على ما واجهوه، من خلال التحدث بحدة للإعلام الدولي، وخلال الأسبوع الجاري تعرضت بعثة المنتخب السوري للشباب إلى معاملة غير لائقة في مطار الملك فهد في الدمام، حين انتظر مسؤولو المنتخب ولاعبوه ومدربوه نحو خمس ساعات داخل المطار، في انتظار السماح لهم بتجاوز نقطة الجوازات، في مشهد لا يليق بمطار دولي يوازي أهمية مطار الملك فهد، ولم يكن المنتخب السوري أول المتضررين، بعدما تعرض لاعبو منتخب بيلاروسيا لحادثة مشابهة، جعلتهم يفكرون في العودة إلى بلادهم، والهرب من ذل الانتظار، بحثاً عن موافقة موظف بسيط للسماح بدخولهم إلى البلاد، وأداء مباراة ودية أمام المنتخب الوطني. وإذا كانت هذه حال المنتخبات الزائرة التي تصل الى السعودية بدعوة رسمية، فما حال الزائر البسيط الذي، يأتي لتشجيع منتخب بلاده أو للسياحة أو للعمل؟ وكم ساعة يقضيها في انتظار أن ينعم عليه موظف الجوازات بالمصادقة على تأشيرته؟ وكم لعنة يوجّهها هذا الزائر في داخله لمطاراتنا وموظفيها، خصوصاً أن في المطارات الأوروبية تستطيع النجاة باتباع الأنظمة والقوانين، وفي المطارات الخليجية بالابتسامة، وفي بعض المطارات العربية ب«دهن السير»، وفي كل مطار في العالم طريق يكفيك عناء الانتظار وسوء المعاملة، باستثناء المطارات السعودية التي لا تعرف فيها طريقاً يمكن أن يقيك بطء الحركة وسوء التعامل؟ فاتباع القوانين يعني مزيداً من التأخير، والابتسامة في وجه الموظف تعني خفة دم لا مكان لها في قاموس رجال أمن وجوازات المطار، بل وربما يؤدي الإسراف في توزيع الابتسامات إلى الاشتباه، ومن ثم الإحالة إلى التحقيق بتهمة الاستهزاء بموظف رسمي، ويبقى طريق «دهن السير» وهذه إهانة يتبارى الموظفون في النيل من فاعلها، ومن خلال تجارب سابقة في مطاراتنا الدولية، وجدت أن معاناة المواطن مع هؤلاء الموظفين والأنظمة التي تسيرهم أمر لا يطاق، وهي معاناة مخففة قياساً بمعاناة ضيوف بلادنا الذين يواجهون من التأخير والمعاملة ما يجعلنا نطالب بانتقاء موظفي المطارات، وإبعاد الذين لا يمتلكون لباقة في التعامل مع الجمهور، وبالنظر لما حدث لكثير من المنتخبات الزائرة، نجد بالفعل أن الحديث عن تنظيم السعودية لبطولات عالمية وتنظيم دخول الإعلاميين والمشجعين أمر يدعو للتندر، على اعتبار أن البعض ما زال ينظر إلى الرياضة كنوع من الترف، وأن إجراءات دخول بيليه أو بكنباور إلى بلادنا لا بد أن تمر بإجراءات دخول الحجاج والعمال نفسها، فالناس أمام نافذة الجوازات سواسية كأسنان المشط، ولا كرامة لضيف أو مضيف، حتى لو كلف الأمر أن يحلف ضيفنا ألا يعود إلى مطاراتنا. [email protected]