أنقرة، موسكو - أ ف ب، رويترز - دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن حق تركيا في الدفاع عن أجوائها لكنه دعاها إلى التهدئة مع روسيا في أعقاب حادثة إسقاط طائرتها الحربية قرب الحدود السورية وحضهما على تركيز موسكووأنقرة على «داعش العدو المشترك». وشدد على ضرورة إغلاق تركيا حدودها مع سورية في وجه تنظيم «داعش». وجاء ذلك في وقت رفضت أنقرة اتهامات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لها بأنها أسقطت الطائرة الروسية لأنها تريد حماية وارداتها من النفط الذي يأتي من مناطق سيطرة «داعش». وقال الرئيس أوباما للصحافيين في باريس أمس: «إننا لن نرى خلال الأسابيع المقبلة تغييراً ب 180 درجة في السياسة الروسية في سورية. لقد استثمروا منذ أربع سنوات في مساعدة نظام (الرئيس) بشار الأسد ووجودهم في سورية يرتكز على موقعه. إذاً سيكون هناك بعض الوقت قبل أن يغيّروا تفكيرهم حول الموضوع السوري. وطالما هم متحالفون مع النظام، ستكون معظم جهودهم مركّزة على مجموعات المعارضة التي ستكون لاحقاً جزءاً من الحكومة الشاملة التي سنؤيدها مع أعضاء آخرين في التحالف». وتابع: «لا نتوقع أن تبدأ روسيا في ضرب داعش فقط. هذا لا يحدث حالياً ولم يحدث من قبل ولن يحدث في الأسابيع المقبلة. ولكن ما يمكن أن يحدث أنه إذا تقدّم المسار السياسي الذي أطلقه (وزير الخارجية) جون كيري بالتنسيق مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فيينا فعندها سيكون هناك احتمال أن نبدأ في رؤية مناطق وقف إطلاق نار في سورية، ما يعني عندئذ أن بعض المجموعات السورية ستجد نفسها خارج نطاق الضربات الروسية وضربات النظام، وسيبدأ الحديث بينهم، وسنرى شيئاً فشيئاً مقاتلة مستمرة ضد داعش». وقال إن تجربة روسيا في أفغانستان تجعل الرئيس فلاديمير بوتين يُدرك أن لا حل عسكرياً في سورية. وكشف أوباما أنه تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شأن إغلاق الحدود السورية - التركية لمنع تسلل المقاتلين الأجانب عبرها، وأضاف: «أن الولاياتالمتحدة تدعم حق تركيا في الدفاع عن نفسها وعن مجالها الجوي وأراضيها». وأشار إلى «اننا بحثنا كيف يمكن أن تعمل تركياوروسيا معاً لتهدئة التوترات» والتوصل إلى مسار سياسي لحل قضية إسقاط طائرة «سوخوي» روسية على الحدود مع سورية. وأكد أوباما لأردوغان أن تنظيم «داعش» هو العدو الذي يجب أن تركز عليه كل الأطراف. من جهته، قال أردوغان إنه حريص على طي صفحة الخلاف مع روسيا التي فرضت اجراءات عقابية اقتصادية على تركيا بعد اسقاط المقاتلة. وأضاف: «نحن راغبون على الدوام باستخدام الخطاب الديبلوماسي ونريد تجنب التوتر». ولم يلتق بوتين بأردوغان في قمة باريس الاثنين على رغم طلب الأخير عقد اجتماع بينهما. والتقى أوباما نظيره الروسي الاثنين على هامش مؤتمر المناخ في باريس. وقال مسؤول في البيت الأبيض بعد لقائهما «إن الرئيس أوباما عبّر عن أسفه لمقتل طيار روسي وجندي» بعد إسقاط المقاتلة الروسية الثلثاء الماضي قرب الحدود السورية. وفي أنقرة، دعا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى فتح قنوات الاتصال بين تركياوروسيا لمنع تكرار حادثة إسقاط الطيران التركي الطائرة الحربية الروسية، مؤكداً أن بلاده ستواصل جهودها لطرد عناصر «داعش» من المنطقة الواقعة على الجانب السوري من الحدود بين البلدين. وقال أوغلو في مؤتمر صحافي قبل أن يسافر الى شمال قبرص في زيارة رسمية: «ندعو روسيا مجدداً إلى فتح قنوات الاتصال العسكري لمنع وقوع حوادث مماثلة. دعونا نبقي القنوات الديبلوماسية مفتوحة». وأضاف: «يجب أن نجلس ونتحدث بدل ترديد مزاعم لا أساس لها». وزاد: «يجب أن تعلم السلطات الروسية ان المقاتلات التركية ليست من انتهك المجال الجوي الروسي». وأضاف: «حين تكون هناك حرب دائرة قرب حدودنا ويتدفق اللاجئون الى تركيا، فإن تجاهل الانتهاكات للمجال الجوي سيكون تصرفاً غير مسؤول». وتابع: «من غير الممكن التستر على انتهاكات للمجال الجوي عبر اتهامات عارية عن الصحة تستهدف تركيا مثل مزاعم شراء نفط من داعش». ورفض أردوغان الاثنين بشدة تصريحات بوتين عن شراء تركيا نفطاً من «داعش» مبدياً استعداده للاستقالة اذا ثبتت هذه الاتهامات التي وصفها بأنها «تشويه سمعة»، مضيفاً أن تركيا تستورد حاجاتها من النفط «بطرق قانونية». وقال أردوغان أيضاً إن حكومته ستتصرف «بصبر لا بعاطفة» قبل اتخاذ أي إجراءات رداً على قرار روسيا فرض عقوبات على تركيا. وتابع: «دعونا نتركهم (الروس) يستخدمون ما لديهم من أوراق إن شاءوا وبعدها إذا كانت لدينا أوراق فسنستخدمها أيضاً». وكان أردوغان يتحدث في تعليقات بثتها قناة «سي إن إن تورك» على هامش قمة المناخ في باريس حيث فشلت محاولات لجمعه مع بوتين. وبعيداً من النشاط الديبلوماسي المكثف نُقل جثمان الطيار الروسي اللفتانت كولونيل اوليغ بيشكوف (45 سنة) من تركيا الى روسيا الاثنين بعدما تسلمته السلطات التركية الأحد في حضور مندوبين عن السلطات الروسية، اثر نقله من محافظة هاتاي الحدودية (جنوب) الى أنقرة. وقتل الطيار لدى هبوطه بالمظلة بعدما قفز من الطائرة. اما مساعده، الكابتن قسطنطين موراختين، فقد تم انقاذه في عملية قامت بها القوات الخاصة الروسية والسورية. وفي بروكسيل، أعلن الأمين العام ل «حلف شمال الاطلسي» (ناتو) ينس ستولتنبرغ الثلثاء ان الحلف يعد اجراءات دعم جديدة لتركيا داعياً في الوقت نفسه أنقرةوموسكو إلى تهدئة الازمة الناجمة عن إسقاط الطيران التركي المقاتلة الروسية. وقال ستولتنبرغ امام وزراء خارجية الحلف ال 28 في بروكسيل: «سنعمل على اجراءات اضافية لضمان أمن تركيا». لكنه شدد على أن هذا الأمر «غير مرتبط بحادث الاسبوع الماضي (إسقاط الطائرة) وانما بدأ قبل سنوات كجزء من التزامنا بحليف». ولم يحدد طبيعة الاجراءات الجديدة لكنه قال ان الحلف ساعد على مدى سنوات تركيا في مجال دفاعاتها الجوية. وأعلنت روسيا هذا الاسبوع انها نشرت صواريخ «اس-400» للدفاع الجوي في قاعدتها في اللاذقية في سورية بعد إسقاط الطيران التركي مقاتلتها الاسبوع الماضي. وفي العام 2012 ومع تفاقم النزاع السوري، نشرت دول «حلف الاطلسي» بطاريات صواريخ باتريوت على طول الحدود الجنوبيةلتركيا لمنع أي توسع لرقعة النزاع. وتم سحبها تدريجياً لكن بطارية واحدة بقيت في مكانها تؤمنها اسبانيا رغم انه كان يفترض سحبها في نهاية السنة. وكرر الأمين العام ل «الاطلسي» دعوة روسياوتركيا إلى تهدئة الأزمة بينهما وايجاد سبل لضمان عدم تكرارها. وقال: «التركيز الآن يجب أن يكون على كيفية وقف التصعيد وتهدئة التوتر».