تركت الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس الشهر الماضي، تداعيات سلبيّة على اللاجئين وخصوصاً السوريين منهم، بعدما ظهرت دعوات عدّة تطالب بوقف استقبالهم في أميركا وأوروبا، في الوقت الذي كثّفت فيه فرنسا وروسيّة غاراتهما على عدد من المناطق السورية. وذكر موقع «نيويورك بوست» أن «غالبية الأميركيين يعارضون السماح للاجئين السوريين بالدخول إلى البلاد في أعقاب الاعتداءات الإرهابية التي طالت باريس»، وكشف استطلاع للرأي أن 53 في المئة من البالغين في الولاياتالمتحدة يؤيدون وقف برنامج يسمح باستقبال 10 الاف لاجئ، بينما أيد 28 في المئة مواصلة البرنامج. وفي الوقت نفسه، قال 11 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع إنهم يفضلون برنامجاً محدوداً لقبول المسيحيين السوريين واستبعاد المسلمين، في إستطلاع شارك فيه ألف شخص. وأثار قرار حاكم ولاية ميشيغان ريك سنايدر بوقف استقبال اللاجئين في الولاية جدلا واسعاً، خصوصاً في منطقة ديترويت التي تعتبر أكبر تجمع سكاني للمهاجرين من الشرق الأوسط. وطالب حكام 24 ولاية أميركية على الأقل باتخاذ اجراءات لمنع لاجئين سوريين من الاستقرار في ولاياتهم، على خلفية اعتداءات باريس، الامر الذي أثار نقاشا واسعاً في شأن ما اذا كانت الولايات أصلاً تملك صلاحية قبول أشخاص استناداً الى جنسياتهم. وأكد رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان في مؤتمر صحافي أن «أعضاء جمهوريين في المجلس يدعون الى وقف مؤقت لبرنامج استقبال اللاجئين السوريين والعمل على صوغ خطة في شأن طريقة تعامل الولاياتالمتحدة مع المهاجرين الفارين من العنف في سورية في ضوء الاعتداءات الأخيرة على باريس». وأضاف: «الوقاية خير من العلاج، لذا أعتقد أن التصرف الأكثر حرصاً وعقلانية هو الوقف المؤقت لهذا الجانب من برنامج اللاجئين من أجل التحقق من عدم تسلل إرهابيين بين اللاجئين». ووصف اعتداءات باريس بأنها «عمل حربي». وجاء رد الرئيس الاميركي باراك أوباما في مانيلا الاسبوع الماضي معاكسا تماما، إذ قال: «يبدو أنهم (الديموقراطيون) خائفون من الأرامل والأيتام الذين يأتون الى الولاياتالمتحدة». وبحسب موقع «بي بي سي»، قالت واشنطن إن الأعداد القليلة من اللاجئين التي وصلت إلى الأراضي الأميركية تخضع لعملية تدقيق صارمة، وحذرت هيئات إغاثة تابعة للأمم المتحدة من «شيطنة» اللاجئين السوريين بعد اعتداءات باريس. من جانبها، دعت مفوضية الأممالمتحدة العليا للاجئين الثلثاء الماضي الدول الأعضاء إلى عدم التراجع عن وعودها باستقبال مهاجرين ولاجئين بعد الاعتداءات، وخصوصا السوريين الذين يصلون إلى اليونان. وقالت الناطقة باسم المفوضية ميليسا فليمينغ في تصريح صحافي: «نحن قلقون بعد ردود فعل بعض الدول التي تريد وقف البرامج السارية والعودة عن التعهدات التي قطعتها لإدارة أزمة اللاجئين»، وأضافت: «يجب ألاّ يصبح اللاجئون كبش فداء، وألا يصبحوا الضحايا الجانبيين لهذه الأحداث الرهيبة». الى ذلك، تتزايد المخاوف من إقفال حدود دول الاتحاد الاوروبي أمام اللاجئين إثر ما أعلنه محققون فرنسيون عن مرور أحد الانتحاريين عبرها. وثمة مخاوف في البلقان من أن تقيد النمسا وسلوفينيا العبور، الامر الذي يترك آلاف الاشخاص عالقين في المنطقة التي يعبرونها للوصول الى المانيا. ووسط هذه الأجواء، دعا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون العالم الى التكاتف لإلحاق الهزيمة ب«الجماعات الارهابية»، إلا أنه حذر من أعمال انتقامية في حق المسلمين، وتحديدا اللاجئين والمهاجرين، بعد اعتداءات باريس. وفي هذا الشأن، أكد وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون إجراء وزارته بعض التغييرات على برامج الإعفاء من التأشيرة سابقا هذا العام، مضيفا أن «مثل هذه البرامج مهم جدا في حالات التجارة والسفر القانونية ». وقدمت فرنسا مقترحا للاتحاد الأوروبي، تريد بموجبه تشديد إجراءات فحص جوازات سفر مواطني الاتحاد الذين يدخلون ويخرجون من منطقة «شنغن»، بهدف رصد الأوروبيين العائدين من سورية. وجاء في الوثيقة الفرنسية: «إذا اقتضت الضرورة، لا سيما في التعامل مع القضايا الأمنية التي سلطت اعتداءات باريس الضوء عليها مرة أخرى، فسنتبنى إجراءات فعالة وآمنة وعاجلة للتحكم في حدودنا الخارجية بشكل أفضل». ودعت فرنسا أيضا إلى موافقة سريعة على قاعدة بيانات أوروبية بأسماء ركاب الطائرات وهو أمر تأجل نقاشه في البرلمان الأوروبي فترة طويلة بسبب المخاوف على الخصوصية، بالإضافة إلى تشديد قواعد حمل السلاح في الاتحاد الأوروبي. يشار إلى أنه في الوقت الراهن لا يقوم حرس الحدود سوى بفحص بصري لجوازات سفر الاتحاد الأوروبي عندما يدخل مواطنو الاتحاد منطقة شنغن أو يخرجون منها. وكشف استطلاع «ديلي ميل» أن «60 في المئة من البريطانيين يؤيدون قصف سورية، والنصف يرغب في إرسال قوات برية، و53 في المئة يدعمون خططاً تمنع مواطني الاتحاد الأوروبي من السفر إلى المملكة المتحدة، و53 في المئة يرون ضرورة عدم استقبال السوريين». وبعد يومين على الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها باريس، وهي الاعتداءات التي تبناها، في بلاغ رسمي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن «10 مقاتلات فرنسية ألقت 20 قنبلة على الرقة في شرق سورية دمرت خلالها مركز قيادة ومعسكر تدريب في هذه المدينة التي تعتبر معقل داعش». وأفاد «المرصد السوري» وقوع 25 انفجاراً في مدينة الرقة ومحيطها جراء قصف صاروخي ومن طائرات حربية يرجح أنها فرنسية. الى ذلك نقل المرصد أن الطيران الحربي السوري شن غارتين جويتين ليلا على مواقع للتنظيم المتطرف في الرقة.