بعد اعتداءات باريس التي أسفرت عن وقوع 130 قتيلا، أثير جدل في ألمانيا والعالم بشأن تدفق اللاجئين الذين يتوقع أن يصل عددهم في المانيا الى حوالى مليون لاجئ، وكثرت التساؤلات والمخاوف من تداعيات هذه الهجمات على اللاجئين عموما والسوريين منهم على وجه الخصوص. فبعد تبني "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) هجمات باريس، وظهور جواز سفر سوري قرب جثة أحد منفذي الهجمات، وحالة الاحتقان الشعبي، بدات تظهر في الدول الاوروبية ردود فعل معادية للاجئين، يخشى في حال تطورها ان تهدد امن ومستقبل وجود اللاجئين السوريين في ألمانيا. وبدأت ألمانيا منذ 10 تشرين الثاني (نوفمبر) بمراجعة سياستها في استقبال اللاجئين، إذ صرحت وزارة الداخلية الألمانية أن اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا ربما يرسلون إلى دول أوروبية أخرى. وكانت المانيا قررت في آب (أغسطس) الماضي التخلي عن قواعد دبلن الخاصة بالاتحاد الأوروبي بالنسبة للاجئين السوريين، والتي تلزم المهاجرين بطلب اللجوء في أول دولة يصلون إليها. إلا أنها واجهت منذ ذلك الحين، صعوبات في التعامل مع أكبر موجة من المهاجرين إلى القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية. وتزايدت في الأيام القليلة الماضية الدعوات بين الساسة المحافظين للحد من تدفق المهاجرين، وشمل ذلك اقتراحاً بإلغاء حقوق لم شمل الأسر لبعض اللاجئين السوريين. وذكروزير المال الألماني فولفغاغنغ شيوبله إن "على المانيا أن تعلم العالم بأنها وصلت إلى أقصى حدود قدرتها على مساعدة الأعداد الكبيرة من المهاجرين المتدفقة من الشرق الأوسط وافريقيا وآسيا الى أوروبا". وحذرت وزارة الداخلية الألمانية من احتمال أن يكون عدد من المتطرفين اندسوا بين طالبي اللجوء في ألمانيا. لكن لم يتم تأكيد اي من الحالات بعد، على رغم ورود حوالى 120 تحذيراً، غالبيتها من أجهزة أمن أجنبية. ووفي حادث ليس بعيدا عما حدث في فرنسا، اعتقلت الشرطة الالمانية في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) في مدينة آخن غرب البلاد، امرأتين ورجلا من دون الإفصاح عن جنسياتهم. وفي اليوم نفسه، ألغيت المباراة الدولية الودية في كرة القدم بين المانيا وهولندا في هانوفر "لأسباب امنية" بعد الاعتداءات التي ضربت باريس. ولم تكن هذه المبارة الوحيدة التي ألغيت، إذ ألغيت أيضا مباراة دولية ودية بين بلجيكا واسبانيا. وجاء قرار التأجيل بطلب من مركز "الازمات الوطني"، التابع لوزارة الداخلية البلجيكية، جراء ارتفاع وتيرة التهديدات الارهابية الى اعلى درجة اثر الهجمات على العاصمة الفرنسية. واعتقلت السلطات الألمانية جزائريا في مركز للاجئين في غرب البلاد، بعدما قال أمام مهاجرين آخرين أن قنبلة او قنابل عدة ستنفجر في باريس بعد اربعة ايام. ولم يعرف ما اذا كان الرجل البالغ من العمر 29 عاما على علم فعلا بالاعتداءات الدامية التي ضربت باريس أو أنه كان يسعى إلى "لفت الانتباه". ويعبر اللاجئون السوريون الى المانيا عن قلقهم من تطور الاحداث واحتمال انعكاسها على اوضاعهم ومستقبلهم. ويقول نبيل (27 عاما)، وهو سوري من مدينة الرقة، أن العثور على جواز سفر سوري قرب جثة أحد منفذي هجمات باريس ما هو سوى "مؤامرة"، مضيفا ان "فرنسا معروفة بوجود المتشددين". ويختم قائلا: "أشعر بقلق من الرأي العام." وقال باسل (49 عاما) الذي كان يعمل مدرسا خاصا لعلوم الكمبيوتر في أبو ظبي قبل أن يصل الى ألمانيا الشهر الماضي: "هناك طبعا قنابل موقوتة تاتي مع اللاجئين، لكن السؤال هو: ما الذي سيحدث لنا؟ كيف سيفكر الناس فينا؟ سيظنون أننا العدو".