كان العالم حتى وقت قريب، يستشهد بأحداث 11 أيلول (سبتمبر) باعتبارها واحدة من أكثر الأعمال الارهابية تأثيراً في التاريخ، لكن أحداث «الجمعة السوداء» التي طالت باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري غيرت هذا الإنطباع. وعلى عكس 11 أيلول (سبتمبر)، حاول الإرهابيون هذه المرة استغلال الرياضة لارتكاب جرائم أكثر دموية، ما يثير الكثير من المخاوف حول مستقبل المنافسات الرياضية التي يحتشد فيها عدد كبير من المهتمين حول العالم في مساحات تشكل مطمعاً للإرهابيين. وسبق هجمات باريس على مر التاريخ أحداث اتخذ فيها الإرهابيون الرياضة والمهتمين بها أداةً لارتكاب جرائمهم، وأبرزها: الإعتداء على المنتخب السريلانكي في باكستان في آذار (مارس) 2009، تعرض منتخب سريلانكا للكركيت إلى هجوم مسلح نفذه 12 ملثماً خارج استاد في مدينة لاهور الباكستانية، مستخدمين الصواريخ والقنابل اليدوية والأسلحة الخفيفة، في هجوم أسفر عن مقتل ستة من رجال الشرطة وإصابة ستة لاعبين في المنتخب السريلانكي على الأقل. وتسبب الاعتداء في إلغاء المباراة التي كانت مقررة مع منتخب باكستان وعودة منتخب سريلانكا إلى بلاده. وكانت المخاوف الأمنية تسبب بانسحاب منتخبي استراليا والهند من دورات الكركيت في باكستان، وقبل منتخب سريلانكا بعدما قدمت له الحكومة الباكستانية ضمانات أمنية. وجاء الهجوم بعد أشهر قليلة من اعتداءات مومباي التي استهدفت مستشفيات ومحطات قطارات ومطاعم وفنادق في المدينة، قتل فيها 166 شخصاً، واتهمت حينها الحكومة الهندية باكستان بالوقوف خلفه. إلغاء رالي دكار 2008 أسفرت هجمات لتنظيم «القاعدة» في موريتانيا عن مقتل أربعة سياح فرنسيين وثلاثة جنود موريتانيين قبل أسبوعين من وصول المتنافسين في رالي دكار للسيارات عام 2008، والذي تجرى ثمانية من جولاته في موريتانيا، ما استدعى إلغاء السباق لأسباب أمنية للمرة الأولى منذ انطلاقه في 1978. وكانت تهديدات أطلقتها «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» أدت الى الغاء اثنتين من مراحل السباق في 2007، بين النعمة في موريتانيا وتمبكتو في مالي. وفي حزيران (يونيو) 2005، هاجمت «الجماعة السلفية» قاعدة عسكرية في شمال شرقي موريتانيا، ما أسفر عن سقوط 15 قتيلاً في صفوف الجيش الموريتاني، وخمسة متطرفين. «أيلول الأسود» في ميونيخ في 5 من أيلول (سبتمبر) 1972، استغلت منظمة «أيلول الأسود» الفلسطينية فاعليات الأولمبياد الصيفية المقامة في مدينة ميونيخ الألمانية، لخطف لاعبي المنتخب الاسرائيلي والمطالبة بالإفراج عن 236 معتقلاً في السجون الاسرائيلية في مقابل تحريرهم. وأدى تبادل النار بين القناصة الألمان والفدائيين الفلسطينيين إلى مقتل 11 لاعباً في المنتخب الاسرائيلي وضابط شرطة ألماني وخمسة من منفذي العملية، بعد مواجهات دامت 16 ساعة. هجمات مدريد 2002 قبيل انطلاق مباراة القمة بين قطبي اسبانيا ريال مدريد وبرشلونة ضمن إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في مدريد، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من الملعب الرئيس في العاصمة الاسبانية، نتيجة هجوم تبنته منظمة «إيتا» الانفصالية. وجاء الهجوم بعد إلقاء القبض على 11 من عناصر حزب «باتاسونا»، وهو الجناح السياسي للمنظمة. لكن لم يعرف ان كانت «إيتا» استهدفت ريال مدريد تحديداً، كونه النادي المقرب للنخبة الحاكمة ومعروف ب«النادي الملكي». لكن كرة القدم انتصرت وأقيمت المباراة في موعدها وانتهت بتعادل الفريقين (1-1)، لتضاف إلى نتيجة مباراة الذهاب التي فاز بها الفريق الملكي (2-0) على حساب أصحاب الأرض، لتنته البطولة بتتويج «النادي الملكي» بطلاً لأوروبا. الهدف الذي قتل صاحبه أدخل لاعب المنتخب الكولومبي اندريس إسكوبار هدفاً في مرمى فريقه بالخطاً، في مباراة بلده ضد الولاياتالمتحدة ضمن الجولة الثانية من الدور الأول لمنافسات كأس العالم 1994 التي أقيمت في أميركا. وأودع إسكوبار في الدقيقة 35 هدفاً في مرمى فريقه، ليرجح كفة منتخب الولاياتالمتحدة في الشوط الأول، ثم أضاف المنتخب الأميركي هدفاً أخر في بداية الشوط الثاني، لينتهي اللقاء (2-1) لصالح صاحبة البلد. وعلى رغم فوز المنتخب الكولومبي بمبارياته الأخيرة في الدور الأول، إلا أنه ودع البطولة بعدما أصبح في قاع ترتيب المجموعة. لكن خطأ اسكوبار لم يعتبر حدثاً عابراً في مجتمع يرى كرة القدم قضية حياة أو موت، فما إن رجع اللاعب الكولومبي إلى بلده، حتى سقط قتيلاً بطلق ناري في الرأس، خارج ناد ليلي في مدينة ميدلين. وفسرت عملية الاغتيال على أنها عقوبة للاعب على هدفه الخطأ، ونسب البعض عملية القتل إلى عصابات للقمار كانت راهنت بمبالغ كبيرة على فوز المنتخب الكولومبي في المباراة.