أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مؤتمره الصحافي الثالث منذ توليه السلطة في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، قلقه من «إضعاف» الحكومة الباكستانية، «في ظل عجزها عن تأمين ابسط الخدمات لضمان ولاء شعب، من مدارس ورعاية صحية وأمن ونظام قضائي نزيه». ولم يستبعد تدخل بلاده إذا سقطت الدولة الإسلامية التي تملك أسلحة نووية في أيدي متطرفي حركة «طالبان باكستان» وحلفائهم في تنظيم «القاعدة». لكنه أبدى اقتناعه بعزم الجيش الباكستاني على محاربة المتشددين وضمان أمن السلاح النووي لباكستان، «لأنه يدرك جيداً أخطار سقوطه في أيدٍ خاطئة، كما يعرف أن الخطر القاتل على بلاده لا يأتي من الهند بل من الداخل». في الوقت ذاته نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي لم تكشف اسمه، إن باكستان وافقت على نقل ستة آلاف جندي من الحدود مع الهند، لمحاربة المتشددين في منطقة القبائل المحاذية للحدود مع أفغانستان. وأشار نواب أميركيون إلى عزم واشنطن الإسراع في تقديم مساعدات تتجاوز 400 مليون دولار لباكستان، من اجل دعمها في عمليات مكافحة التمرد. كما ستمنحها 1.4 بليون دولار من المساعدات الاقتصادية. تزامن ذلك مع اعتراف الجيش الباكستاني بأن جنوده يواجهون «مقاومة شرسة» في طريقهم لاستعادة بلدة بونير في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي من مقاتلي حركة «طالبان باكستان» الذين أكدوا انهم لن يستأنفوا الحوار مع السلطات في شأن تطبيق اتفاق السلام في سوات الذي أعلنوا انسحابهم منه الاثنين الماضي، «إلا إذا أمرت بتعليق عملياتها العسكرية». وفي حصيلة المواجهات، أكد الجيش استعادته ممر ملنداري من مسلحي «طالبان»، وتدمير جنوده أربع آليات للمسلحين في قمبر بازار ولالكيلا ودير السفلى، وتحرير 18 من 70 رجل أمن تحتجزهم الحركة منذ الثلثاء الماضي، مشيراً إلى سقوط أربعة متمردين، علماً أنه كان أعلن مقتل 50 مسلحاً في بونير أول من أمس. في كراتشي، كبرى مدن جنوبباكستان والعاصمة الاقتصادية للبلاد والتي يبلغ عدد سكانها 14 مليون شخص، اشتبك ناشطون من طائفة البشتون متعاطفون مع متشددي مناطق القبائل، مع مسلحين من حركة المهاجرين القومية المؤيدة للحكومة، والتي صوّت نوابها سابقاً ضد اتفاق السلام في سوات، ما أدى إلى سقوط 34 قتيلاً. على صعيد آخر، أبدى رئيس الأركان الباكستاني الجنرال أشفق كياني قلق بلاده من أن تدفع التعزيزات الأميركية الى جنوبأفغانستان متمردي «طالبان» وأعداداً من النازحين إلى دخول أراضيها عبر الحدود. ونقل قائد مشاة البحرية الأميركية الجنرال جيمس كونواي عن كياني قوله خلال لقاء ضمهما أخيراً إن «إرسال قوات أميركية إلى جنوبأفغانستان سيفضي إلى مشكلة لاجئين لا تملك باكستان وسائل مناسبة لمواجهتها، خصوصاً في ظل احتمال إرغام متمردي طالبان على الانسحاب من الجنوب إلى خطوط الإمداد في مناطق القبائل الباكستانية التي تحاول القوات الحكومية تأمينها». لكن كونواي أشار إلى أن لجوء «طالبان» إلى المنطقة «غير أكيد»، مرجحاً حديث الجنرال الباكستاني عن «السيناريو الأسوأ المحتمل». وأشار الى عدم وجود سياسة واضحة على جانبي الحدود الباكستانية الأفغانية، مؤكداً أن القيادة الأميركية ستدرس إمكان نقل قوات إلى المنطقة إذا دعت الحاجة، بعد نشر 21 ألف جندي أميركي إضافي في الشهور المقبلة.