يحرسها النور وأثر الأنبياء الذين تناوبوا في أزقتها على الهداية والمحبة والحقيقة في هذا العبث الأرضي المتوحش حيث دم ودمع وجه صخرتنا العتيقة... وازدحام الرغبات والأماني لحشود العباد في ليالي الوجد والتعبد، امام تدفق السواد ولعنة الآلات الجديدة التي تدمر وتزلزل وتمسح السمو الجليل لمدينتا اليتيمة النصرة والنجدة. هم الذين لملموا تاريخهم وشتاءهم فوق اشلائنا. هاهم بالمدّ الهائل لضيق الأفق وللافتراس والاختلال يسعون الى الاحتفال بعيد اقتلاعنا منها واقتلاعها منا. وكسر ظهر صمودنا في خيام موقتة مزروعة في الشوارع المرهقة من هذا التاريخ المجذوب الذي يذمّ الضحية ويمدح جلادها دوماً. فيا اخوتي الصامدين الباقين في المدينة ... لا تحزنوا لأن كل هذا الصمت من حولكم هو لكم، ولاتجزعوا ولا تخافوا من هذه الأزمان الجافة المتساقطة خريفاً اصفر من رؤوسكم، بل اصبروا وصابروا ورابطوا اذ لا احد سواكم يرفع عنا وعنهم عار الصمت وخطيئة القتل وتدنيس اسمى معاني ورموز الإنسانية. ويا قدس الصامدة، نعشقك وإيمانك ونتقن درب معراج النبي الكريم محمد منك، اذ هي حكمة التوحيد وأخوّة بني الإنسان وتأكيد دم يسوع، وفيك ايضاً نعشق شرفك العصي، ولو ان العشق يتجسد لأصبح مليون فارس يهبون لنجدتك وترصيع ثوبك المقدس بدمائهم الطاهرة. ولكن لا احد سواك وأبنائك هناك لكتابة المصير وقدر الصمود، فاكتب يا اخي الصامد الباقي وابتكر وابدع في أساليب نضالك ولا تقل فعلت ما يجب فعله، بل قل سأقوم بالذي ينبغي القيام به وترسخ كل الأشجار في ساحات القبلة الأولى ..فلا أحد سواك هناك في القدس. ويا قدس ابتسمي من خلف اسوارك لنتباهى بك ونطمئن بك وعليك وأنت تمارسين البقاء والاضطراب والحروب والشهداء والجيوش وتجاور الأديان وبني الإنسان، وتكتبين بثقةٍ وإيمان دورك التاريخي.. وتغمزين لنا بالخفاء: انتم باقون هنا لأنكم خرافي البريئة وطيور سمائي وسرّ بهائي ودلالي. اه يا مملكتنا ياقدس، يا كنعانية دفئاً و دَرّة تاجنا الأنقى. ثمة متسع ووقت للهدم أكثر في هذه المرحلة المشبعة بالانحطاط والسباق المحموم لالتهام المدينة المقدسة. فيا ايها الذي ينهش بها ويحفر اسألك: هل ثمة متسع ولو لإنسان واحد في هذا الزمن كي يبني معبداً واحداً للإنسانية والسماء؟ عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني سجن جلبوع المركزي -