أوقفت السلطات البلجيكية خمسة اشخاص أمس، اثر عمليات مكافحة الإرهاب التي نفذت في العاصمة بروكسيل ومدينة لييج (جنوب شرق)، ما رفع الى 21 عدد المعتقلين منذ ليل الأحد. وأوضحت النيابة العامة أن خمس مداهمات اضافية حصلت هذا الصباح في بروكسيل واثنتين في لييج، وتلاها بعد ساعات أخرى في بروكسيل وشارلروا (جنوب)، توقيف 16 شخصاً ليس بينهم صلاح عبدالسلام الملاحق باعتباره شارك في اعتداءات باريس في 13 الشهر الجاري والتي أسفرت عن 130 قتيلاً. ولم تعثر الشرطة على متفجرات أو أسلحة خلال المداهمات، في حين ضبطت مبلغ 26 ألف يورو في أحد المواقع. وليل الأحد، أوقفت سيارة «بي ام دبليو» قرب لييج لإجراء فحص روتيني، قبل ان يتبين عدم علاقتها بالتحقيق في اعتداءات باريس. وفرضت السلطات لليوم الثالث على التوالي حال الإنذار القصوى في العاصمة، حيث جاب الجنود الشوارع، وتولوا حراسة مقر الاتحاد الأوروبي، في وقت لا تزال تحذر من هجمات وشيكة محتملة على غرار اعتداءات باريس. وأعلن الحلف الأطلسي الذي رفع مستوى تأهبه الأمني منذ اعتداءات باريس أن مقره في بروكسيل مفتوح، لكن طلب من بعض الموظفين العمل من منازلهم وألغيت الزيارات الخارجية. وصرح وزير الداخلية جان جامبون لإذاعة (أر.تي.إل) بأن «العاصمة لم تستسلم فالقطاع العام عمل في شكل عادي، وفتحت شركات عدة أبوابها». وقالت زينب طبارحي التي تدرس الهندسة في بروكسيل وقررت الخروج أمس في صباح شديد البرودة: «أنا ذاهبة الى منزل أصدقائي لأرعى أطفالهم اليوم. يجب أن يذهبوا للعمل والمدارس مغلقة. ألغيت محاضراتي في الجامعة وسأذهب لمساعدتهم». وتابعت: «يبدو غريباً رؤية جنود مسلحين في الشوارع، لكن هذا لأمننا لذا أنا لست خائفة، ولا أعرف سبباً لهذا الأمر». في غضون ذلك، رفعت المانيا درجة التأهب الأمني على حدودها مع بلجيكا إلى مستوى مرتفع بعد تقارير إعلامية عن مشاهدة عبد السلام في مدينة لييج. في غضون ذلك، قررت السلطات القبرصية إبعاد ستة فرنسيين أوقفتهم في مطار لارنكا (جنوب) للاشتباه في ارتباطهم «بمجموعات إرهابية» الى سويسرا التي كانوا قدموا منها السبت الماضي. وأوضح وزير العدل القبرصي يوناس نيكولاو ان الشرطة الدولية (انتربول) أبلغت سلطات بلاده أن ثلاثة من هؤلاء المشبوهين ارتبطوا بعلاقات مع منظمة ارهابية، في حين تورط الثلاثة الآخرون بنشاطات مع مجموعات متطرفة. في فرنسا، نشرت السلطات دعوة للتعرف الى الانتحاري الثالث في الهجوم قرب ستاد دو فرانس بضاحية باريس، مرفقة بصورة له. وهذا الرجل مرّ مع انتحاري آخر لم تعرف هويته بجزيرة ليروس. وحتى الآن جرى التعرف الى انتحاري واحد من ثلاثة فجروا أنفسهم قرب ستاد دو فرانس، وهو بلال حدفي الفرنسي في العشرين من العمر والذي اقام في بلجيكا سابقاً. وصرح وزير المال الفرنسي ميشال سابان الى انه يجب أن تملك اوروبا إمكان الاطلاع على بيانات نظام «سويفت» للتحويلات المالية بين 9700 بنك في 209 دول، في اطار التحرك لشن حملة صارمة على تمويل الجماعات المتشددة. وأشار الى أن نظام «سويفت له خادمان أحدهما في اوروبا وآخر في الولاياتالمتحدة، لكن أوروبا تعتمد على ذلك الموجود في الولاياتالمتحدة لاستخراج البيانات، ما يعني انها لا تستطيع استغلال بياناتها، وهو وضع لا يمكن ان يستمر». وفي برازيليا، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأن «جهاديي تنظيم داعش الذي تبنى اعتداءات باريس وحوش لكنهم 30 الفاً». وزاد: «يجب مكافحة داعش بلا هوادة، علماً انه لا يمكن تصور ألا تتمكن جبهة تضم فرنساوالولاياتالمتحدة وألمانيا وبريطانيا وروسيا وتركيا ودولاً أخرى من القضاء عليهم. ولكن في موازاة ذلك يجب ايضاً ايجاد حل سياسي للحرب في سورية التي حصدت أكثر من 300 الف قتيل وملايين اللاجئين وأثرت في المنطقة والعالم». «ديبلوماسية» هولاند وباشر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مشاورات ديبلوماسية تستمر اسبوعاً من اجل ائتلاف واسع ضد «داعش»، بلقاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون في باريس، حيث سيستضيف ايضاً المستشارة الألمانية انغيلا مركل، فيما يزور واشنطن اليوم وموسكو بعد غد الخميس. وقال في اختتام اللقاء: «سنكثف ضرباتنا وسنختار الأهداف التي تلحق أكبر ضرر بداعش»، فيما أكد كامرون انه يؤيد بشدة التصرف الذي نفذه هولاند لضرب داعش في سورية، وأنا مقتنع بأن بريطانيا يجب ان تفعل ذلك أيضاً، وهو ما سأطلبه من البرلمان، علماً ان بلاده تشارك في الغارات الجوية على العراق فقط. ويحرص كامرون على تفادي هزيمة لحقت به عام 2013، حين خسر تصويتاً في البرلمان على شن ضربات جوية على قوات النظام السوري. كما عرض كامرون وضع قاعدة اكروتيري الجوية في قبرص قاعدة في تصرف المقاتلات الفرنسية التي تستخدم حتى الآن قواعد في الأردن والإمارات. وكشف ديبلوماسي فرنسي ان هولاند سيطالب واشنطن بتكثيف ضرباتها الجوية ل «داعش» والتي يناهز عددها ال15 يومياً، في مقابل 250 ضربة يومية شنها الحلف الأطلسي خلال حرب كوسوفو عام 1999 و110 طلعات جوية خلال اجتياح افغانستان في 2001. واعتمد مجلس الأمن نهاية الأسبوع الماضي قراراً عرضته فرنسا يسمح ب «اتخاذ كل الاجراءات اللازمة» ضد التنظيم الجهادي. وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان «نحتاج إلى بعضنا البعض وتطبيق وسائل للتنسيق. ولا يمكننا فعل ذلك بلا هيكل قيادة عسكرية مشترك، لذا نحتاج إلى الحديث معاً». لكن الخبير الفرنسي اوليفييه روا اعتبر ان باريس «لا تزال وحيدة في معركتها ضد داعش، لأن القوى الاقليمية غير مستعدة لدعمها عسكرياً، فبالنسبة الى الاتراك يتمثل التهديد في المطامع الكردية، وبالنسبة الى اكراد العراق فهو اعادة تشكيل دولة مركزية قوية في بغداد تضع حداً لطموحهم بالاستقلال بحكم الأمر الواقع. اما بالنسبة الى ايران فهي تريد بالتأكيد احتواء داعش، لكن ليس بالضرورة القضاء عليه لأن مجرد وجوده يمنع عودة تحالف سني عربي مثل ذلك الذي ألحق بها ضرراً كبيراً خلال الحرب مع العراق خلال حكم صدام حسين في الثمانينات من القرن العشرين». الى ذلك، نقلت صحيفة «ذي اندبندنت» عن تقرير اعدته مجموعة عمل للحكومة البريطانية حول الاسلاموفوبيا ان المسلمين في البلاد تعرضوا الى 115 هجوماً منذ اعتداءات باريس، اي بارتفاع نسبته 300 في المئة. والهجمات التي قد تكون لفظية او جسدية وقعت بين 14 و20 الشهر الجاري، وتتعلق بمحجبات تتراوح اعمارهن بين 14 و 45 سنة. اما المهاجمون فهم من البيض الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و35 سنة. والزيادة مماثلة لتلك التي جرى تسجيلها بعد اغتيال الجندي لي ريغبي في شارع بجنوب لندن في أيار (مايو) 2013، علماً ان التقرير أورد أن الأرقام «قد لا تعكس العدد الفعلي للهجمات لأن البعض يخشى التوجه الى الشرطة». وعموماً، تشهد الاسلاموفوبيا ومعاداة السامية فعلياً ارتفاعاً حاداً في لندن منذ ما قبل اعتداءات باريس، إذ زادت بنسبة 70.7 و 93.4 في المئة العام الماضي، وفقاً لأرقام نشرتها شرطة العاصمة البريطانية في أيلول (سبتمبر).