حذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من اعتداءات جديدة قد تضرب أوروبا في الأيام أو الأسابيع المقبلة، معلنا عن أكثر من 150 عملية دهم نفذت على الأراضي الفرنسية واستهدفت أوساط المتطرفين منذ الجمعة. وفي ليون (وسط شرق) تم ضبط أسلحة بينها قاذفة صواريخ وسترات واقية من الرصاص، وعدد من المسدسات وبندقية كلاشنيكوف بحسب مصدر مطلع على التحقيق، كما اعتقل خمسة أشخاص، في وقت تحاول فرنسا العودة إلى الحياة الطبيعية بعد ذهول وصدمة أعقبا، ليلة السبت الدامية في باريس. وأعلن وزير الداخلية برنار كازنوف توقيف 23 شخصا وضبط 31 سلاحا، خلال مداهمات على نطاق واسع ليل الأحد الإثنين، في إطار حال الطوارئ المعلنة والتي مددها الرئيس فرانسوا هولاند من 12 يوما إلى 3 شهور. وأضاف كازنوف، أنه تم "فرض الإقامة الجبرية على أشخاص تراقبهم أجهزتنا بشكل خاص". وقد أعلنت باريس أن ضحايا الاعتداءات بلغ 132 قتيلا إضافة ل 85 مصاباً في حال خطرة. وقال رئيس الوزراء لإذاعة "آر تي إل": سنعيش لوقت طويل في ظل هذا التهديد .. وعلينا أن نستعد له. وأضاف: نعلم أن هناك عمليات كان يجري وما زال يجري تدبيرها، ليس ضد فرنسا فحسب بل كذلك ضد دول أوروبية أخرى، وأكد فالس أن هذه الاعتداءات "نظمت ودبرت وخطط لها من سوريا" (يقصد تنظيم داعش) مبرراً بذلك الغارات المكثفة التي شنتها مقاتلات فرنسية، ليلة الإثنين، على الرقة معقل داعش في شمال سوريا. وقال: "هذه الحرب ضد داعش يجب أن تجري أولا في سورياوالعراق. هناك أيضا ما يجري في ليبيا، إذ إن داعش .. متمركزة وتتمركز هناك. لذلك أقول، إن هذه الحرب ستكون حربا طويلة وصعبة". ودعا رئيس الوزراء الفرنسيين إلى "أقصى التيقظ وضبط النفس وتوخي الحيطة والحذر، أجل، إن سلوك كل شخص سيتبدل في مواجهة هذا الخطر الإرهابي". وأضاف مشدداً: "إن هذه الحرب الجديدة، لأنها بالطبع ليست حربا تقليدية في فرنسا، ترغمنا على لزوم موقف، نظرة، تعبئة ... على توخي أقصى التيقظ وضبط النفس والهدوء". وقال: "لا يمكن لداعش أن تنتصر في هذه الحرب علينا، لكن هذه المنظمة الإرهابية تسعى إلى إضعافنا، إلى تفريقنا .. إلى جعل الفرنسيين ينقسمون بعضهم على البعض الآخر" معتبرا أنه "من الضروري أكثر من أي وقت مضى الحفاظ على وحدتنا". وفيما يتعلق بالمؤتمر الدولي حول المناخ المقرر عقده في 29 تشرين الثاني/نوفمبر في باريس، قال فالس: إنه سيتم تركيز الأعمال على المفاوضات مشيرا إلى أن "الحفلات الموسيقية والتظاهرات الاحتفالية ستلغى بالتأكيد". وقال: إن "جميع رؤساء الدول والحكومات في العالم سيحضرون إلى هنا وسيوجهون إلى العالم بأسره رسالة دعم وتضامن مع فرنسا". وأضاف: "لم يطلب منا أي رئيس دولة أو حكومة تأجيل هذا اللقاء، بل على العكس. أعتقد أن ذلك سيعني الرضوخ للإرهاب". وقد أعلنت فرنسا أنها استهدفت في غاراتها على الرقة السورية، مخازن أسلحة ومعسكر تدريب لداعش. وقالت وزارة الدفاع: إن عشر مقاتلات قاذفات فرنسية ألقت عشرين قنبلة على الرقة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: "دوى على الأقل 36 انفجاراً، ليل الأحد الإثنين، في مدينة الرقة، نتج بعضها عن غارات جوية، وبعضها الآخر عن انفجار أسلحة وذخائر". وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "الانفجارات هزت المدينة بأكملها"، مضيفا أن "الغارات استهدفت أيضا مناطق في شمال وجنوب المدينة". وصباح أمس، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن غارات جوية نفذها الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن دمرت 116 شاحنة نفط تابعة لداعش شرق سوريا. وقال البنتاغون في بيان: إن غارات جوية نفذها الائتلاف الدولي، الأحد "دمرت 116 شاحنة نفط (لداعش) قرب مدينة البوكمال" الواقعة في محافظة دير الزور في سوريا والحدودية مع العراق. وتأتي هذه الغارات بعد تبني تنظيم داعش اعتداءات باريس التي نفذها ثمانية انتحاريين. ولم يتمكن المرصد من تحديد الخسائر البشرية الناجمة عن هذه الغارات. وقال: "يفرض (داعش) استنفاراً أمنيا في المدينة، ومن الصعب تأكيد المعلومات عن حصيلة القتلى من المستشفيات الموجودة هناك". وتعد مدينة الرقة المعقل الأبرز لتنظيم داعش، وتمكن من السيطرة عليها في كانون الثاني/يناير 2014 بعد معارك عنيفة مع ثوار سوريا الذين كانوا استولوا عليها من قوات النظام السوري في آذار/مارس 2013. وكانت الرقة المحافظة السورية الأولى التي يخسرها نظام بشار الأسد منذ بدء الثورة الشعبية السورية في منتصف آذار/مارس 2011. وأعلنت وزارة الدفاع الكندية، أن مقاتلاتها "اف 18 هورنيت" أغارت على موقع داعشي بالقرب من حديثة غرب العراق، ووجهت إليه "ذخائر دقيقة التوجيه". وقالت في بيان: إن المقاتلات الكندية شاركت في "شن غارات جوية للتحالف دعما للعمليات الهجومية للقوات الأمنية العراقية". وتأتي هذه الغارات الكندية بعد الجدل الذي نشأ في البلاد بسبب تعهد رئيس الحكومة الجديد جاستن ترودو إنهاء مشاركة بلاده في الضربات الجوية في العراقوسوريا، والأصوات التي تعالت في أوساط المعارضة المحافظة تطالبه بالتراجع عن هذا القرار بعد اعتداءات باريس. وفي إطار حالة الاستنفار التي تهيمن على أجهزة الأمن في دول أوروبا على وقع اعتداءات باريس، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن أجهزة الأمن البريطانية أحبطت سبعة اعتداءات منذ حزيران/يونيو. وقال ل "بي بي سي": أجهزتنا الأمنية والاستخباراتية أحبطت ما يقارب سبع هجمات، خلال الأشهر الستة الأخيرة، مضيفا أن اعتداءات باريس كان يمكن أن تقع هنا. وقال كاميرون: إنه يرغب في شن ضربات جوية على داعش لكنه لا يزال بحاجة لإقناع المزيد من النواب البريطانيين بذلك. وأضاف: "لطالما قلت إنه من المنطقي أن نفعل ذلك. داعش لا تعترف بحدود بين العراقوسوريا، ويجب علينا نحن أيضا ألا نعترف بها لكننا بحاجة إلى دعم هذا الرأي. أريد نقله إلى البرلمان وإقناع المزيد من الناس." وتابع: "لن نتمكن من إجراء هذا التصويت ما لم نر أن البرلمان سيقر هذا التحرك لأن الفشل في هذا سيكون مضرا. الأمر لا يتعلق بالإضرار بالحكومة وإنما بالإضرار ببلدنا وسمعتنا في العالم." وتشارك بريطانيا في حملة القصف بالعراق لكن كاميرون خسر تصويتا في البرلمان عام 2013 لتوسيع القصف حتى يشمل سوريا. وذكر كاميرون أنه سيتصرف بشكل مباشر وعلى الفور إذا تعرضت المصالح البريطانية للخطر، وأشار إلى هجمات شنتها طائرات بدون طيار أسفرت عن مقتل متشددين بريطانيين في أغسطس / آب. وبدأت الشرطة البلجيكية، صباح أمس، عملية جديدة على نطاق واسع في حي مولنبيك بمنطقة بروكسل الذي انطلق منه عدد من المشتبه بهم في اعتداءات باريس. وقال مراسل "فرانس برس": إن عددا كبيرا من عناصر الوحدات الخاصة الملثمين الذين ارتدوا سترات واقية من الرصاص انتشروا حول مبنى يلتقي عنده شارعان في منطقة سكنية في مولنبيك. ووجهت الشرطة نداءات عدة عبر مكبر الصوت إلى السكان لإخلاء المكان. كما فرض طوق أمني واسع ومنع الصحافيون من الاقتراب. ونشط عناصر من الإطفاء وفرق إزالة الألغام. وقالت النيابة العامة: إن السلطات قامت بمداهمات وعمليات توقيف في هذا الحي الشعبي الذي يقيم فيه عدد كبير من المهاجرين.