اقتحمت قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي مقر إذاعة «راديو الخليل» في ساعات الفجر الأولى أمس، وفكّكت أجهزة البث وصادرتها. وأبلغت العاملين في الإذاعة قرار إغلاقها لستة أشهر بتهمة «التحريض»، علماً أنها الإذاعة الثانية التي تغلقها السلطات الإسرائيلية في مدينة الخليل خلال شهر وبالتهمة ذاتها، بعد إذاعة «منبر الحرية». وذكّرت هذه الإجراءات بما كانت تتّبعه سلطات الاحتلال في فترة الحكم العسكري، قبل اتفاق أوسلو الذي أسست السلطة الفلسطينية بموجبه عام 1994. إذ دأبت سلطات الاحتلال في تلك الفترة على إغلاق الصحف والمجلات والجامعات والمسارح والنقابات والمكتبات لفترات متفاوتة، أقلها ستة أشهر قابلة للتمديد وبعضها إلى ما لا نهاية، بتهمة التحريض. وأوقفت إسرائيل هذه الإجراءات بعد إقامة السلطة الفلسطينية التي تولّت إدارة الشؤون المدنية في التجمعات السكانية. وقال عاملون في «راديو الخليل» إن عشرات الآليات وناقلات الجنود ضربت حصاراً حول مبنى الإذاعة، ودهمته وصادرت الأجهزة والمعدات. وأعلن مدير الإذاعة أمجد شاور أن الجنود عاثوا فساداً فيها، وأتلفوا كثيراً من المعدات والأثاث. وبرّرت السلطات الإسرائيلية ما حصل بأن الإذاعة تقوم بدور تحريضي، وتستخدم أغاني تحض الناس على العنف وعلى إطلاق النار وإلقاء زجاجات حارقة على الجنود. وشدّدت على أن التحريض الذي مارسته الإذاعة ألهم بعض الفلسطينيين تنفيذ هجمات على أهداف إسرائيلية. ويعمل لدى إذاعة الخليل 30 موظفاً، وقال شاور: «هذه الممارسات (الإسرائيلية) لن تثني الصحافيين ووسائل الإعلام عن أداء واجبهم في نقل الحقيقة وفضح جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا». وجاء إغلاق الإذاعة في سياق حملة إسرائيلية في الخليل التي يتحدّر منها معظم منفذي هجمات الطعن وإطلاق النار على إسرائيليين. إذ دفع الجيش أمس كتيبتي مشاة إلى الخليل تنفيذاً لقرار وزير الجيش موشيه يعلون والذي اتخذه نهاية جلسة مشاورات أمنية في شأن الهبّة الشعبية الفلسطينية التي تعدّ الخليل مركزها الرئيس. وأكد الجيش الإسرائيلي أن عديد قواته المنتشرة في منطقة الخليل هو الأعلى منذ بداية الهبّة الشعبية الحالية قبل أكثر من شهرين. وأضاف أنه قرر تكثيف «عمليات التفتيش الأمني» على مفترقات الطرق في أنحاء الضفة الغربيةالمحتلة، لافتاً إلى أنه نشر كتيبتين إضافيتين من لواء «كفير». إلى ذلك، أصدرت الحكومة الفلسطينية بياناً دان إغلاق الإذاعة، وقال الأمين العام لمجلس الوزراء علي أبو دياك: «اقتحام مقر إذاعة الخليل وإتلاف محتوياتها وإغلاقها هو انتهاك للقانون الدولي والاتفاقات الدولية، واعتداء على حرية الصحافة والإعلام والرأي». ونبّه إلى أن «ما حصل جاء في إطار سعي إسرائيل إلى قمع صوت الحق، ومنع نشر حقيقة جرائمها البشعة التي ترتكبها بحق الشعب». وتابع أن الحكومة تدعو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية إلى كبح «التطرف والإرهاب الإسرائيلي»، و «جرائمه المنظمة تجاه الشعب ومؤسساته الصحافية والإعلامية».