تتعدد معاني النسيان فتختلف من «النعمة» إلى «النقمة». قد يكون فرصةً أخرى تدور بين الجدوى وعدمها، أو حتى غير موجود وفق ميخائيل نعيمة الذي اعتبره «ذهولاً طارئاً لا غير»، وقد يصبح «شكلاً من أشكال الحرية» بتعبير جبران خليل جبران. في هذا الإطار الواسع من الاحتمالات، يختار إيّاد أبو الشامات مفهومه الخاص في حبكة «شكراً على النسيان»، من إخراج الليث حجّو، إحدى «خماسيات الغرام» التي تشكل جزءاً ثالثاً من سلسلة «أهل الغرام» من إنتاج «سامه» و «O3»، ومن بطولة الممثلين باسم ياخور وكاريس بشّار وجيني إسبر ومحمد حداقي وربى الحلبي وعلاء الزعبي والقديرين حسن عويتي وجرجس جبارة. وباطلاع «الحياة» على ملخص نص أبو الشامات، لا يبدو النسيان مجرد مبرر درامي لتصاعد خط الأحداث أو تغييره، بل ينساب بتفاصيل حياتية لنماذج إنسانية تمتد من الولادة حتى الموت، في العائلة والمهنة والمحيط الاجتماعي، بين الماضي والحاضر، فيظهر ككاشف أو فاضح لما تبطنه هذه النماذج عند المحك. في السطور العريضة، «رياض» (باسم ياخور) رجل يخون زوجته «ندى» (كاريس بشّار) مع المرأة الثانية «سارة» (جيني إسبر)، إلى أن تتعرض الزوجة المخدوعة لحادث يفقدها ذاكرتها جزئياً، فتبدأ رحلة البحث عن يومها في أمسها، فهل يعقل «رياض»؟ وهل تنجو «ندى» بماضيها؟ أم أن الحلّ يكمن في المستقبل؟ يصرّح ياخور إلى «الحياة» بأنّ «الخماسية تحكي عن علاقة زوجية خاصة وغريبة ضمن ظرف استثنائي، لكن من منظور وإن كان إنسانياً، فإنه بعيد عن الدراما الحزينة»، علماً أن النجم السوري عبّر عن سعادته بالوقوف أمام بشّار مجدداً بعد عشرين عاماً على ظهورهما معاً في مسلسل «عيلة 6 نجوم»، قائلاً: «»بشار من أبرز الممثلات السوريات الموهوبات والناجحات، وكما قلت سابقاً إن الدراما تبتسم لوجودها». وتوضح إسبر، مكنونات «سارة» العشيقة السريّة، التي «تحبّ رياض كثيراً، وتتقبل مسألة زواجه على رغم أنها تتضايق كثيراً، بخاصةٍ عندما تظهر مشاعره تجاه زوجته وحزنه عليها بعد الحادث، لكنها أيضاً تشعر بعقدة الذنب لأنهما كانا سبباً رئيساً للحادث الذي تعرضت له الزوجة، إلّا أن غريزة الأنثى تدفعها إلى ملاحقته كلما حاول إبعادها عنه». وتصف إسبر الشخصية ب «المرحة، الديناميكية، العقلانية، والمنظمة، إلّا أنّ الحب يدفعها أحياناً للتصرّف بالتهوّر». وتكشف الحلبي ملامح شخصية «منال» شقيقة «ندى» التي «تحاول مساعدتها دائماً في الحفاظ على زواجها من جهة، وبالتوفيق بين ندى ووالدها، الأب المتسلط والمتحكم والصارم من جهة أخرى». يبيّن هذا الخط أن الفرصة مواتيةٌ أيضاً أمام «أبو ندى» (حسن عويتي) لإصلاح علاقته بابنته. ويقول حداقي عن أدائه شخصية «فريد»، إنها «تحتوي انعطافات درامية حادة، مركبة، ومرتبطة بكل الشخصيات الأخرى». وتتقاطع هذه الشخصية مع «الطبيب النفسي» (علاء الزعبي) في حياة «ندى» من دون أن يلتقيا، مثل ما يمثلانه، الماضي الذي يتغير والمستقبل الذي ينتظر والممكن دائماً أمامنا، من خلال «ندى»، ومعادلات أبو الشامات التي ذهب بها إلى أبعاد مختبئة عادةً، وغير مألوفة في الظاهر. وفي مفارقة لطيفة وجانبية، تجمع «شكراً على النسيان» قسماً كبيراً من أسرة العمل الاستثنائي «ضيعة ضايعة»، كالشركة المنتجة «سامه» والمخرج حجّو وياخور وحداقي وجبارة الذي يؤدي شخصية «أبو موفق». يقول عن حلوله ضيف شرف: «بالصدفة تتعرف إليّ ندى، ودائماً عندما تريد الذهاب إلى أي مكان تأخذني معها، تحصل علاقة جميلة جداً، تطلب منّي خدمة وأنا ألبيها لها. الدور خفيف وشفاف. هي مشاركة لطيفة». ويتابع حجّو حالياً عمليات مونتاج «شكراً على النسيان» بعد انتهائه قبل أيام من عمليات التصوير. بالنسبة إليه، الخماسية هي ضمن «مشروع قديم وناجح، أهل الغرام»، يعمل على تقديمه اليوم في «شكل مختلف وجميل»، بخاصةٍ أنّ تقديم العمل الدرامي من خلال خماسية تلفزيونية قصيرة وسريعة تختزل 30 حلقة مليئة بالأحداث والتفاصيل، يتيح تجنّب مطبّ التكرار والرغو، ويوفر «فرصةً أكبر لبناء علاقة حب تسير بالتوازي مع الخطوط الأخرى، وفي شكل متزن وهادئ، فتصل إلى نتائج واضحة في الحلقة الأخيرة».