شنّت قوات الأمن المصرية أمس حملة اعتقالات جديدة في صفوف جماعة «الإخوان المسلمين» في خطوة اعتبرها مراقبون تهدف إلى تحجيم نشاط الجماعة ومنعها من المشاركة في الاستحقاقات التشريعية المقررة خلال الأشهر القليلة المقبلة. وأفيد أن عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بلغ 45 في 5 محافظات إقليمية. وقال محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود إن أجهزة الأمن دهمت أمس منازل لقادة الجماعة في محافظات الإسكندرية الساحلية والبحيرة (شمال البلاد) والغربية (دلتا النيل) وبني سويف وأسيوط (صعيد مصر) واعتقلت 45. وأوضح ل «الحياة» أن المعتقلين من قادة الجماعة في محافظاتهم وغالبيتهم من الأعضاء والمسؤولين في المكاتب الإدارية ل «الإخوان». وأشار إلى أن حملات الاعتقال تأتي على خلفية وقفات احتجاجية نظمتها الجماعة للتنديد بالممارسات الإسرائيلية في مدينة القدسالمحتلة، لكنها في الوقت ذاته طالت ناشطين يمكن أن يلعبوا أدواراً تنظيمية في الانتخابات المقبلة. وكانت مصادر في الجماعة قالت ل «الحياة» إنها ستدفع ب15 من اعضائها في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، لكنها أرجات تحديد الأسماء والدوائر إلى الأسبوع المقبل. واعتبر مراقبون أن التصعيد الأمني في حق الجماعة «يرسم الخريطة الانتخابية سواء كانت نيابية أو رئاسية»، وأكدوا أن تلك الاعتقالات ستؤثر في النشاط السياسي للإخوان خلال الفترة المقبلة». لكن عضو مكتب إرشاد «الإخوان» رئيس كتلتها البرلمانية النائب سعد الكتاتني اعتبر أن الاعتقالات تُكسب جماعته «مزيداً من التعاطف الشعبي وبالتالي تزيدنا قوة في مواجهة النظام». وشدد الكتاتني ل «الحياة» على أن حملات الاعتقال الأخيرة «لن تؤثر في مشاركة الإخوان في الانتخابات المقبلة»، واعتبر أنها (الاعتقالات) «تستهدف الحد والتضييق على نشاط الجماعة، كما أنها تحمل رسائل مفادها عدم مشاركتنا في انتخابات الشورى (منتصف أيار/مايو المقبل) وانتخابات مجلس الشعب (تشرين الأول/أكتوبر المقبل)». ورأى أن «النظام لا يقوى على منافسة الإخوان وبالتالي يلجأ إلى سياسة الاعتقالات»، لكنه اعتبر في الوقت ذاته أن المشاركة في الانتخابات «واجب وطني كفله الدستور والقانون في البلاد ولا يمكن الجماعة أن تتخلى عن هذا الواجب». ودعا المصريين إلى التحرك لاسترداد «حقوقهم الضائعة». ونبّه الكتاتني إلى أن حملات التصعيد الأخيرة «تردم أي حظوظ للتسوية مع النظام»، واستنكر ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية في مصر في شأن ترتيبات تجرى لعقد صفقة بين جماعة «الإخوان» والحزب الوطني (الحاكم) تنص على عدم خوض «الإخوان» انتخابات الشورى وكذلك عدم مساندة تحركات المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي في مقابل حصول «الإخوان» على نحو 25 مقعداً برلمانياً في انتخابات مجلس الشعب المقبلة. وتساءل الكتاتني: «كيف يتحدثون عن عقد صفقات والنظام مستمر في سياساته الإقصائية؟». وقال «إن مبدأ الصفقات مرفوض تماماً لدى الإخوان المسلمين». في المقابل، لاحظ الخبير في الحركات الإسلامية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي أن حملات التصعيد في حق جماعة الإخوان «بدأت مبكراً»، واعتبر أنها «ترسم الخريطة الانتخابية في البلاد سواء على صعيد الانتخابات التشريعية أو الاستحقاق الرئاسي الذي يجرى في خريف العام المقبل». وأكد ل «الحياة» أن الاعتقالات تعطي «مؤشراً على أن الانتخابات المقبلة ستشهد متغيرات كبيرة على عكس ما حدث في عام 2005». ورأى أن حملات الاعتقال ستؤثر بلا شك في نشاط الإخوان خصوصاً على الصعيد السياسي، لكنه في الوقت ذاته لن ينهي نشاط الجماعة. وقال إن السياسة التي ينتهجها النظام مع جماعة الإخوان ترتكز على «التحجيم وليس الإقصاء النهائي».