قال مسؤول كبير في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) إن اشتداد الحرب في مناطق زراعة القمح سيزيد من صعوبة وصول المزارعين إلى أراضيهم وقد يعيق زراعة المزيد من الحبوب هذا الموسم، في وقت تراجعت القدرة الشرائية للفرد في سورية بنسبة 80 في المئة منذ اندلاع النزاع قبل خمس سنوات. وقال عبد السلام ولد أحمد المدير العام المساعد ل «فاو» والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، إن الظروف بالنسبة إلى المزارعين تتدهور على الرغم من أن توقعات الأرصاد الجوية تشير إلى موسم أمطار جيدة للسنة الثانية على التوالي. وأضاف: «تفاقم الصراع في سورية أكثر وازدادت حدة تأثيره على الإنتاج. الأوضاع داخل سورية اليوم صعبة للغاية بالنسبة إلى الإنتاج الزراعي وهناك الكثير من المعوقات التي تحول دون استمرار المزارعين في زراعة حقولهم، من بينها المخاوف الأمنية وصعوبة تخزين وبيع منتجاتهم». وأشار إلى «تفاقم القتال في المحافظات التي تشكل سلة الغذاء لسورية»، في إشارة إلى محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وهي محافظات تنتج وحدها 70 في المئة تقريباً من إجمالي محصول القمح في البلاد. وشهدت هذه المناطق قتالاً عنيفاً هذا العام بين «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة بتغطية جوية أميركية وعناصر «داعش» وهذا هو أشد قتال تشهده هذه المنطقة منذ بداية الحرب. كما اشتد الصراع في محافظة حلب وفي سهل الغاب الخصب في محافظة حماة وفي محافظة إدلب في شمال غربي البلاد وجمعيها أراض صالحة للزراعة. وقال ولد أحمد إن الصراع المتنامي سيعيق موسم الزراعة حتى لو كان معدل هطول الأمطار ممتازاً كما كان في العام الماضي. وحل موسم الأمطار في العام الماضي مبكراً وساهم في تعزيز إنتاج الزراعات الموسمية وسجل أفضل معدلات هطول الأمطار منذ عشر سنوات ليساهم في زيادة إنتاج القمح إلى ما يقدر بواقع 2.445 مليون طن في 2015 وهو مستوى أفضل بكثير من العام السابق الذي تميز بالجفاف. غير أن الموسم الذي شهد أمطاراً غزيرة لم يساهم كثيراً في وقف تراجع مساحة الأراضي المزروعة في عام 2015 والتي تقلصت بشكل ممنهج منذ بداية الصراع في 2011. وتشير التقديرات إلى أن مساحات زراعة القمح بلغت الآن أدنى مستوياتها منذ ستينات القرن العشرين. ولا يزال إنتاج القمح يقل 40 في المئة عن مستوياته قبل الحرب. وذكرت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام أن «القدرة الشرائية للفرد انخفضت بشكل كبير جداً» مقدراً تراجعها «بنسبة ثمانين في المئة من بداية عام 2011». وعزا مسؤول انخفاض القدرة الشرائية للسوريين الى ارتفاع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي وإلى «وجود بعض التجار الفاسدين الذين يرفعون الأسعار بنسب أعلى بكثير من ارتفاع سعر الصرف». ويرد التجار الارتفاع الكبير في الأسعار إلى العقوبات الغربية المفروضة وصعوبة الاستيراد وتقلب سعر صرف العملة المحلية بالنسبة للدولار. وارتفعت قيمة صرف الدولار الأميركي الواحد من خمسين ليرة سورية قبل بدء النزاع إلى 370 ليرة سورية حالياً. ويعيش أربعة سوريين من أصل خمسة وفق الأممالمتحدة تحت خط الفقر. وبانخفاض القدرة الشرائية للسوريين بشكل كبير، باتت أولوية المواطنين في الوقت الراهن تأمين حاجاتهم الأساسية المتعلقة بالغذاء والسكن. وأشار المسؤول السوري إلى «أن المستهلك لم يعد قادراً على تحمل أسعار السلع المرتفعة ولم يعد باستطاعته توفير سلته الغذائية بالنسبة إلى دخله المتواضع الذي تناقص بشكل كبير» مقارنة مع الدولار. وأضاف أن «الرواتب والأجور للمواطنين متدنية جداً مقارنة بغلاء المعيشة»، مؤكداً أن «الحل لا يمكن أن يكون بزيادة الرواتب لأن زيادتها بحد ذاتها من شأنها إحداث تضخم من جديد».