الصورة الاجتماعية ليست أمراً عادياً بالنسبة الى أي فنان. نتحدث عن لبنان والعالم العربي تحديداً حيث لا يستطيع الجمهور فصل الفنان، عن بيئته، عن عائلته، عن بيته إلا في حدود قليلة. وتالياً فإن الفنان (أو الفنانة طبعاً) معرّض لأن تتغير صورته عند الناس سلباً أو إيجاباً بمقدار حرصه على أن تكون حياته الشخصية مكشوفة تماماً، أو بمنأى عن العيون. فللانكشاف ثمن واضح يتجاوز في بعض الحالات إطاره السلبي المعروف او المتوقع، اما النأي عن العيون، فله هو الآخر ثمن ولكن في المعنى الايجابي. وفي الحالين، فإن الفنان المتزوج هو الموضوع. أما الفنان غير المتزوج فيملك مساحة واسعة من الحرية تتيح له ان يكون خارج الضغط الاجتماعي المباشر! الفنانة ديانا حداد هي المقصودة بهذا الكلام، حصل طلاق بينها وبين زوجها المخرج سهيل العبدول، ثم الطلاق ومن دون «شوشرة»، والأهم من دون فضائح في التصاريح الاعلامية التي يمكن وصفها بالقاتلة، وتدور على ألسنة الفنانين المطلّقين عادة. بهدوء وصمت غادرت ديانا حداد وسهيل العبدول الحياة الزوجية، وكانا، كلّ من جانبه، كلما سئل عن أسباب الطلاق وظروفه ووقائعه، وردوده على ما قيل في بعض المنابر الاعلامية، يأتي الردّ بأن هذه المسألة شخصية ولا لزوم لعرضها على الناس. وقد حاول كُثر «استخراج» رأي من ديانا، فما أدلت برأي ولا بتلميح ولا بتصريح، وكذلك فعل العبدول، فاستطاعا تغيير البوصلة، وسرت تكهّنات بأن طلاق حداد والعبدول ليس طلاقاً، بل خلافات و «ابتعاد» لا أكثر. وسواء كانت هذه التكهّنات صحيحة أم لا، فإن ذلك يعني ان عِشرة العمر التي ربطت بينهما كزوجين لم تنقلب الى عداء كما حصل مع فنانين متزوجين في الأمس البعيد أو القريب، نشروا خصوصياتهم على الهواء مباشرة... وأن التكتم على أسباب الطلاق ومجرياته بينهما أفاد في الحفاظ على صورة كلّ منهما أمام مجتمعه، نقية من الغرور والمكابرة، فإذا كانت هناك عودة الى البيت الزوجي، فهي عودة غير مكلفة كتلك التي قد تحصل بعد اتهامات متبادلة وأحياناً فضائح متبادلة، واذا لم تكن هناك عودة فإن سلامة ابنتي حداد والعبدول النفسية والعائلية في المستقبل لن تشوّه بسهام الوالدين «المفترضة» ضد بعضهما بعضاً... بل قد تمرّ بأقل قدر من الأضرار المعنوية، على رغم فداحة الأضرار عليهما! طلاق ديانا حداد وسهيل العبدول تزامن مع طلاق نوال الزغبي وإيلي ديب، الزوجان الأولان لم يلجآ الى تبرير مواقفهما في الإعلام، ولا سمحا بجعل الموضوع كتاباً مفتوحاً على الأسرار الدافئة أمام الآخرين ف «للبيوت حرمات» على ما تقول الحكمة المأثورة. اما نوال الزغبي وإيلي ديب فقد احتلاَّ شاشات التلفزة وهواء الإذاعات وصفحات الجرائد والمجلات، وحوّلا الطلاق مادة دسمة لكل «محبّ» للمواد الدسمة فضائحياً، وما أكثرهم في الإعلام العربي يبحثون بين الفنانين عن «الروائح» غير العطرة أملاً في كسب «ثرثرة» عنهم في بعض المجتمع الثرثار أو الإعلام الثرثار... لا فرق. إن أسوأ ما يمكن أن يمرّ به فنانان متزوجان يعيشان صعوبات ما في حياتهما، فيضطران الى أبغض الحلال، هو أن يقودا نفسيهما الى المواجهة في الإعلام، كلّ لتبرير موقعه او لرمي التهمة على الآخر، او للتشهير بالآخر. تشبه هذه الحالة لحس المبرد الذي يتناوب عليه اثنان، من دون أن يدريا، الا بعد فوات الأوان ربما، ان الدم على المبرد هو دمهما معاً وليس دم أحدهما دون الآخر، فكيف اذا أضيفت الى دمهما المشترك، دماء الأبناء أو الأطفال التي يمكن أن «تُتَرجَم» تداعيات لا شفاء لها في النفس والجسد على مدى الحياة؟ هذا ما لا ينتبه اليه المطلّقون!