تعبر الأكلات الشعبية عن هوية المنطقة التي تنتمي إليها، إذ تستخلص عناصرها ومكوناتها المستمدة من عبق حضارتها على التكيّف مع البيئة المحيطة سواء كانت صحراوية أم جبلية أو ساحلية. وتسافر حاسة الشم بالزائر عبر تلك المسافات الممتدة في قرية الجنادرية، وكأنه يتنقل بين مناطق المملكة لتذوق أشهى الأكلات الشعبية، ففي المنطقة الوسطى تتربع على رأس القائمة وجبتها الرئيسية «الكبسة» التي لا تخلو منها أي سفرة سعودية، ويشاركها الريادة «المرقوق» و«الجريش». وبالانتقال لمناطق المملكة الأخرى، تطالعنا وجبة «الحنيني» كأشهر المأكولات في منطقة حائل، إذ تعتبر وجبة غنية تمد بالطاقة، ويتم تناولها بكثرة في الأجواء الباردة، و «الكليجا» التي تتميز بها منطقة القصيم، إلى جانب أكلات المنطقة الجنوبية، وفي مقدمها «المشغوث» المكون من الدقيق الممزوج باللبن الطازج، وتقدّم ساخنة مع حبيبات التمر والعسل والسمن، و «المبثوث» وهو دقيق مخفوق مع اللبن الرائب مصحوب بالسمن، يتناول ساخناً، إضافة إلى «الحنيذ» و«العريكة». وبالتوجه لدكان العم حسين (70 عاماً) الذي تنبعث منه روائح الطبخ الشهية والتي تملك منطقة جازان حقوق إبداعها، تحدث عن خبرة طويلة معظمها اندثر إلا أنه يصرّ على التمسّك بها، وقال: «منطقة جازان زاخرة بالكثير من الموروثات الشعبية سواء الحِرف أم الأكلات الشعبية وغيرها، ومن أبرز تلك الأكلات «المحشوش» و «المشرشر» وهما وجبتان رئيسيتان تتكونان من اللحوم والشحم التي لم تعد تناسب كبار السن مثلي في هذا الزمن، لأنها مشبعة بالدهون، ووجودي هنا للتعريف بهذه الأكلات التي لا أشك في إعجاب الزوار بها». وفي ما يخص المنطقة الشمالية، فما إن تتوجه إلى ركنها حتى تبادرك رائحة أكلاتها الشعبية مثل «المجللة» و «الجمرية» و «المرقوق»، وقال العم منصور الذي يقوم على إعداد طبق «المنسف»: «الكثير من أهالي تبوك يحرصون على تزيين موائدهم بالأكلات الشعبية، وعلى رأسها «المنسف» الذي يُطبخ فيه اللحم مع اللبن ثم يوضع على الأرز ويغطى بخبز الشراك ويزين ببعض المكسرات، إضافة إلى «المرقة» لإعطائه نكهة رائعة». وبينما تتسم الأكلات في أجنحة المنطقة الغربية بنكهة خاصة، فمن أشهر المأكولات «المطبّق» وهو فطير فيه حشو من اللحم، إضافة إلى «المعصوب» وهو أقراص صغيرة من الحنطة الخالصة (الحب الأسمر)، ويُزرع بالطائف، إلى جانب «المنتو» و «اليغمش» و «الفرموزا» وغيرها، يوجد على الساحل الشرقي «الهريس» وهو أشهى أكلاته وأكثرها شهرة، ويكثر استهلاكه على الموائد الرمضانية، و «العصيدة» ويكثر تناولها بالشتاء لاحتوائها على سعرات حرارية عالية، و«الرشوفة» التي تشتهر بصفتها وجبةً رئيسةً للسيدة التي وضعت مولدها.