أثار مقطع فيديو يظهر ضباطاً إسرائيليين يروّعون الطفل الفلسطيني الأسير أحمد مناصرة أثناء التحقيق معه بتهمة مشاركته في عملية طعن، غضباً عربياً كبيراً على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" احتواه وسم (هاشتاغ) «مش متذكر»، في إشارة إلى العبارة التي كررها المناصرة في الفيديو كثيراً رداً على أسئلة الضباط. وظهر الطفل في الفيديو المسرب من جهة مجهولة، في حال شبه هستيرية، وهو ينكر صوراً عرضها عليه المحققون الإسرائيليون توضح قيامه بعملية طعن، ويرد عليهم بالنفي وعدم قدرته على تذكر ما يشاهد. وثارت ردود أفعال واسعة تستنكر قسوة الاستجواب الإسرائيلي ومحاولة المحقق انتزاع اعتراف من المناصرة بأنه قام بالطعن انطلاقاً من «عنصريته ضد اليهود». وكتب محمود بسام: «أصابوه وشتموه ثم عالجوه فقط ليحققوا معه ويعيدوا اعتقاله.. ثم يقولون للعالم إن أحمد مناصرة هو المعتدي!»، وذكر محمد شخيان أن «وحوش الاستخبارات الإسرائيلية تتكاثف من أجل الحط من عزيمة الطفل أحمد المناصرة، ولكن كم أنت بطل ورائع على رغم حداثة سنك». وغرد يحيى: «كيف يمكنك أن تتذكر وأنت الذي جُمعت فيك كل أوجاع المحتل وقهره؟»، بينما أشارت كوثر البوسعيدي إلى أن «إسرائيل تنتهك قانون الطفل وحقوق الإنسان وتنتهك كل المعاهدات الدولية الانسانية في محاكمة القاصر أحمد المناصرة... أين هي دول نصرة الانسانية عنهم؟». وانتشرت العديد من الصور ورسوم الكاريكاتور التي تحمل عبارات للتعبير عن التضامن مع المناصرة، أبرزها ما كتبه الرسام الفلسطيني محمد سباعنة على صورة للطفل الأسير تقول: «مش متذكر كم تنظيم فلسطيني لدينا. مش متذكر كم دولة عربية. مش متذكر كم مسلم في العالم. مش متذكر ماذا تعني عروبة». وعلق أدهم أبو سلمية على لسان المناصرة: «مش متذكر إلا أنني فلسطيني احتل الصهاينة أرضي ودنسوا مقدساتي وحاولوا إعدامي... سأبقى فلسطيني وهم سيرحلون»، فيما غردت شيماء زيارا: «آسفين يا أحمد... نحن الذين لا نتذكر أن العرب والمسلمين يفترض أن يكونوا يداً واحدة. نسينا ذلك وانشغلنا بقتل بعضنا!». وأفاد المدير العام ل «الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال» خالد قزمار بأن الفيديو المسرب عن الطفل مناصرة هو «دليل جديد بالصوت والصورة على حالات التعذيب النفسي والبدني الذي يتعرض له أطفال فلسطين». وأوضح أن «المحققين الإسرائيليين استخدموا في شكل وقح التعذيب النفسي على الطفل المناصرة، بالصراخ وحرمانه من حقه في استشارة محام وفي اصطحاب أسرته معه»، موضحاً أن «الهدف من تسريب الفيديو هو التخويف والحرب النفسية التي تشن ضد الأمهات والأطفال، لكن على رغم كل ذلك، نجح مناصرة في هزيمة المحققين ولم يدل بأي اعتراف، بدليل أنه كان يكرر: لا أتذكر، لا أعرف». ولكن محامي الطفل الفلسطيني طارق برغوث استبعد أن تكون جهة إسرائيلية وراء تسريب الفيديو، مشيراً إلى أن إسرائيل ليست لديها مكاسب من وراء انتشاره، لأن المقطع «إدانة دامغة للكيان الصهيوني، كونه يظهر كل هذا العنف بينما يعلم المحققون جيداً أن الكاميرا تسجله، لذا علينا أن نتساءل عما يفعله الاحتلال بأطفالنا وراء الكاميرات». وذكر أن لائحة الاتهام التي قدمت ضد مناصرة ورد فيها أنه «لم يقم بالطعن بناء على أدلة ظرفية، مثل عدم وجود دماء على السكين التي كانت بحوزته، وهو دليل قاطع على أنه لم ينفذ الطعن، وأن المحقق حاول تلفيق التهمة له حتى تقدم ضده لائحة اتهام صعبة جداً». وكانت قوات الاحتلال أطلقت النار على مناصرة في 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، واستشهاد ابن عمه حسن خالد مناصرة (15 سنة)، بزعم طعنهما مستوطنين اثنين في مستوطنة بسغات زئيف شمال القدسالمحتلة. ويُجمع مراقبون على أن المشاهد التي وردت في الفيديو لم تكن مفاجئة، على رغم قسوتها، في ظل الشهادات المتتالية عن ترويع الأطفال المعتقلين التي يُفيد بها محاموهم أو الأطفال أنفسهم بعد تحررهم من الأسر.