أكد اقتصاديون أن السعودية تلعب دوراً مهماً في مجموعة ال20، نظراً للعديد من المزايا التي تتمتع بها على أكثر من صعيد سواء الاقتصادي، أم السياسي، أم الأمني، أم الديني، خصوصاً مع موقعها ومساحتها وتأثيرها الإقليمي والدولي. وتشارك المملكة في قمة مجموعة ال20 التي ستعقد هذا العام في مدينة أنطاليا التركية يومي 15 و16 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وأوضح الاقتصاديون ل«الحياة» أن المملكة أصبحت القوة الأكثر تأثيراً في الساحة الإقليمية، ومن ثم أصبحت صوت منطقة الشرق الأوسط على المسرح الدولي، فإضافة إلى كونها القوى الاقتصادية الأكبر في المنطقة، هي القوى السياسية الأكثر حضوراً وتأثيراً خصوصاً بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة منذ نهاية 2010، وكانت المملكة هي الدولة العربية الوحيدة القادرة على قيادة المنطقة ومنع تقسيمها وتفكيكها. وقال رئيس مركز الخليج للدراسات الدكتور عبدالعزيز بن صقر ل«الحياة»: «إن الاقتصاد السعودي هو الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يأتي ضمن أكبر 25 اقتصاداً على مستوى العالم ليحتل المرتبة ال24 عالمياً، كما إنه من أسرع اقتصادات العالم نمواً ومن المتوقع أن يصل دخل الفرد السعودي إلى 33.500 دولار بحلول عام 2010، وتحتل المملكة المرتبة المرتبة ال13 ضمن 181 في العالم من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، والمرتبة السابعة من حيث سهولة دفع الضرائب، والأولى لناحية تسجيل الملكية، إضافة إلى كونها تمثل بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية». وأضاف بن صقر: «تتبع السعودية سياسة اقتصادية واضحة وثابتة ترتكز على الاهتمام بالتنمية في الداخل وفي كل دول العالم باعتبار أن النمو العالمي في مصلحة جميع الدول سواء المنتجة أم المستهلكة للنفط، كما أن المملكة تعتبر النفط سلعة استهلاكية تجارية وليست أداة سياسية، ومن ثم تعمل على استقرار أسواق النفط العالمية بما يخدم مصالح الأطراف كافة. ولعل ذلك يتجلى واضحاً في تمسك المملكة بحصص إنتاج دول أوبك على رغم انخفاض أسعار النفط حالياً». واستطرد بالقول: «تعد السعودية من أكبر دول العالم في مجال المساعدات والإغاثة للدول الشقيقة والصديقة في مختلف أنحاء العالم خصوصاً عند حدوث الكوارث والأزمات، وذلك في إطار سياسة المملكة الإنسانية التي تهدف إلى التآخي والتآزر الإقليمي والدولي، وهي لا تنظر في تقديم المساعدات إلى تحقيق مكاسب أو نشر نفوذ كما تفعل دول أخرى تربط المساعدات بمصالح استخباراتية كما تفعل إيران على سبيل المثال». واستشهد بتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أوضح أن «المساعدات التي قدمتها المملكة خلال الفترة من عام 1970 وحتى عام 2005 بلغت 86 بليون دولار، فيما بلغت قيمة هذه المساعدات 40 شهراً فقط خلال الفترة من يناير 2011، إلى نيسان (أبريل) عام 2014 نحو 85 بليون ريال أي ما يعادل 22.7 بليون دولار استفادت منها عدد من الدول بينها 9 دول عربية». ونوه إلى أن السعودية لها الكثير من الرؤى والمقترحات والتوصيات في قرارات قمم دول مجموعة ال20 منذ انضمامها إلى هذه المجموعة التي أوصت بتشكيلها الدول الصناعية الثماني العام 1999، وقال: «من هذه المساهمات ما جاء في مقترحات المملكة أمام القمم السابقة لمجموعة ال20 في ما يتعلق بمواجهة الأزمة المالية التي ضربت العديد من دول العالم عامي 2008 و2009، خصوصاً في ما يتعلق بالسياسات المالية والنقدية، إذ طالبت المملكة بزيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل الحكومية لتوفير تمويل إضافي للقطاع الخاص خاصة بغرض تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة للحد من تأثير الأزمة المالية العالمية». وبين أن صندوق النقد الدولي أشاد بهذا التوجه السعودي، بل اعتبر أن المملكة من أفضل الدول أداءً بين اقتصادات دول مجموعة ال20 بعد الصين والهند خال الفترة بين 2008 و2010». واستطرد بالقول: «كما أن المملكة صادقت على إصلاحات صندوق النقد الدولي عام 2010، ووافقت على زيادة حصتها وبذلك تكون استكملت الخطوات كافة المتعلقة بإصلاحات 2010 في ما يتعلق بالحصص والحوكمة بالصندوق». وأردف قائلاً: «أسهمت المملكة بخطوات متقدمة في مجال مكافحة الفساد في إطار مجموعة ال20 وصادقت على اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وانضمت إلى مواجهة المخاطر الدولية من خلال إسهامها في دعم موارد صندوق النقد الدولي لمواجهة المخاطر الاقتصادية والمالية العالمية، انطلاقاً من كون المملكة مساهماً رئيساً بالمؤسسات المالية العالمية، ما يؤكد دورها الريادي في مجموعة ال20 والاقتصاد العالمي». وشدد باصقر على أن السعودية أسهمت في تخفيف الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمي العام 2008، من خلال ما يمتلكه استثماراتها في الخارج، إذ لديها ثاني أكبر صندوق استثمارات سيادية عالمية، باعتبار أن مؤسسة النقد العربي السعودي لديها أصولاً موزعة على مختلف دول العالم». وذكر أن السعودية تدرك الدور المحوري الذي تضطلع به في استقرار أسواق النفط الدولية، ولذلك فإن سياسة المملكة متوازنة في هذا الصدد وتراعي مصالح الدول المنتجة والمستهلكة، وفي سبيل تحقيق ذلك تقدم المملكة كثيراً من التضحيات، ومنها الاحتفاظ بطاقتها الإنتاجية الإضافية، حرصاً منها على نمو الاقتصاد العالمي. وأكد بن صقر أهمية دور دول مجموعة ال20 في دعم الاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة، خصوصاً أن هذه المجموعة تملك 90 في المئة من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، وتملك 80 في المئة من حجم التجارة العالمية تمثل ثلثي سكان العالم، ونأمل من القمة التي تستضيفها تركيا بأن تسعى من خلال قرارتها إلى تحريك نمو الاقتصاد العالمي بما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وكذلك دعم الدول الفقيرة والنامية، لاسيما دول العالم الثالث، والدول العربية التي اجتاحتها ما يسمى بثورات الربيع العربي. الحارثي: النفط على رأس أولويات القمة أشار رئيس مركز أرك للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الحارثي ل«الحياة» إلى أن أجندة اجتماع مجموعة ال20 تتضمن الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية، ولعل من أبرزها أسعار النفط، والأحداث السياسية في منطقة الشرق الاوسط وتحديداً الملف اليمني والسوري. وقال: «للسعودية مكانة مميزة خصوصاً في أسواق النفط العالمية، فهي تحتل المركز الأول كمصدر ومنقب عن النفط إضافة إلى الأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط التي ألقت بظلالها على الحركة الاقتصادية في المنطقة». ورأى الحارثي أن الاجتماعات ستناقش العديد من الملفات السياسية والاحداث في منطقة الشرق الأوسط لاسيما وأن الاقتصاد والساسية تربطهما علاقة طردية، مضيفاً أن من أبرز الملفات التي ستناقش الملف السوري إضافة إلى الملف اليمني، على رغم أن كليهما ليسا ملفات اقتصادية، ولكن أصبح هنالك تاثير واضح وملموس للملف السوري على وجه التحديد في اقتصادات العالم كافة. وتوقع أن يكون من ضمن البرنامج اجتماعات ثنائية على مستوى رفيع، بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورئيس الحكومة التركية طيب أردوغان، وزاد: «إن التقارب السعودي التركي مهم في هذه الفترة لاسيما مع التمدد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وما نجم عنه من ارتفاع وتيرة الأحداث السياسية في المنطقة». ولفت إلى أن السعودية لديها انفتاح على استقطاب الاستثمارات الخارجية والتجارية عما كان عليه في الماضي، وهو يعطي إشارة إلى مدى المرونة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي حالياً، وقال: «من المتوقع أن تكون المرحلة المقبلة مرحله شراكة مع اقتصاديات العالم في مجالات جديدة، من أبرزها المجال الصناعي بحيث يكون هنالك تعدد في مصادر الدخل».