خرجت غالبية المسلسلات المصرية التي عرضت أخيراً عن المألوف، سواء على صعيد الشكل أو المضمون، إذ باتت تدور في فلك الأكشن والتشويق والإثارة والاقتباس من أعمال أجنبية، وتركز على نماذج متشابهة ومكررة تعيش في عالم العشوائيات، وتمتهن مهناً سلبية فقط، وغالبيتها دخيلة على المجتمع من عينة السرقة والبلطجة وتجارة المخدرات والأعضاء البشرية وغيرها. تعالت الأصوات المطالبة بضرورة العودة إلى النصوص الأدبية لتحويلها إلى مسلسلات تلفزيونية، لعلها تصحح المسار «المعوّج» لحال الدراما، واستجاب بعض المنتجين لهذه الدعوات، إذ يحضرون حالياً لأعمال مأخوذة من نصوص أدبية. ويأتي في مقدم هذه الأعمال مسلسل «أفراح القبة» لمنى زكي وليلى علوي ومحمود حميدة ورانيا يوسف وسيناريو وحوار محمد أمين راضي وإخراج محمد ياسين. والمسلسل مأخوذ عن رواية بالاسم ذاته للأديب نجيب محفوظ صدرت العام 1981، وتعد من الروايات ذات الأبعاد والمدلولات الخاصة التي تعتمد على حكائية صوت الشخصية، وهي تتحدث بلغة المخاطب مثيرة بذلك نوعاً من الجدل يأخذ بناصية الحديث، ويجعله يتنامى ويتصاعد من خلال موقف الشخصية، وتجسد الصراع بين الخير والشر، وتحمل إسقاطات على ما يحدث في هذه الأيام. واحتفى فيها محفوظ بالمرأة النقية ووضعها في مكانة خاصة، على عكس رواياته الشهيرة الأخرى التي تناول فيها المرأة سيئة السمعة والظروف المجتمعية التي قادتها إلى الرذيلة، كما حدث في «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«بداية ونهاية». وتعد روايات وقصص محفوظ من أكثر الأعمال التي حولّت إلى مسلسلات، ومنها «قصر الشوق» و«بين القصرين» و«قشتمر» و«اللص والكلاب» و«عبث الأقدار» و«حديث الصباح والمساء» و«السيرة العاشورية» و«حضرة المحترم». وتجسد منة شلبي بطولة مسلسل «واحة الغروب» أمام إياد نصار وروبي والعمل مأخوذ عن رواية بالاسم ذاته للأديب بهاء طاهر وسيناريو وحوار مريم نعوم، وتدور القصة حول ضابط شرطة يُنقل إلى واحة سيوة، بعدما اتهم باعتناق بعض الأفكار الثورية لجمال الدين الأفغاني، فيتوجه إلى هناك مصطحباً معه زوجته الأجنبية الشغوفة بالآثار المصرية، ويبدآن تجربة جديدة يتم فيها مزج الماضي بالحاضر، والشرق بالغرب على المستويين الإنساني والحضاري. وكانت رواية «خالتي صفية والدير» لطاهر حولت إلى مسلسل شارك في بطولته بوسي وممدوح عبدالعليم وسناء جميل وعمر الحريري وأخرجه إسماعيل عبدالحافظ. ويعكف المؤلف محمد حلمي هلال على كتابة مسلسل «سره الباتع» الذي يتولى إخراجه خالد يوسف، والمسلسل مأخوذ عن رواية للأديب يوسف إدريس، وتدور أحداثها أثناء الحملة الفرنسية على مصر بين 1801 و1805 من خلال شاب مصري يقتل أحد جنود الحملة الفرنسية، فتطارده الشرطة متخيلة أنه يسهل عليها الإيقاع به، بما أنه يملك أربعة أصابع فقط في إحدى يديه ووشماً لعصفورة على وجهه، لكن المفاجأة تقع حينما يقطع كل شباب القرية أحد أصابعهم، ويرسمون الوشم ذاته ليحموا البطل من جيوش نابليون بونابرت. وكانت رواية «البيضا» لإدريس قدمت في مسلسل لمصطفى فهمي وشيرين سيف النصر، إلى جانب روايات أخرى حولت لأفلام شهيرة ومنها «الحرام» و«النداهة» و«العيب». أما رواية «مولانا» التي أصدرها قبل فترة الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى فستحول إلى مسلسل من بطولة عمرو سعد ويتولى إخراجه مجدي أحمد علي، وتدور أحداثه في إطار درامي اجتماعي حول شخص يدعى «مولانا» عضو في جماعة الإخوان المسلمين، ويحمل العمل العديد من الإسقاطات السياسية حول جماعة الإخوان، وكيفية استقطاب عناصرها. ويحضر محمد فاضل لإخراج مسلسل «الشمندورة» المأخوذ عن رواية بالاسم ذاته للأديب النوبي محمد خليل قاسم والتي نشرها العام 1968، وكتب السيناريو والحوار لها أبو العلا السلاموني. ويعد المسلسل أول عمل درامي يناقش حياة أهل النوبة ويبرز ثقافتهم، وتدور الأحداث في فترة الثلاثينات من القرن العشرين قبل التعلية الثانية لخزان أسوان ومحاولات السلطة والاستعمار إقناع الأهالي لتنفيذ التعلية الثانية، إضافة إلى التعرض لمحاولات التهجير التي لا تزال آثارها قائمة حتى الآن. يذكر أن بعض الروايات قدمت على الشاشة على فترات متباعدة في السنوات الخمس الماضية ومنها «ذات» لصنع الله إبراهيم وبطولة نيللي كريم وباسم سمرة وإخراج كاملة أبو ذكري، و»منخفض الهند الموسمي» لأسامة أنور عكاشة التي حولت إلى مسلسل «موجة حارة» لإياد نصار ورانيا يوسف ودرة وخالد سليم وإخراج محمد ياسين.