واصلت قوات النظام السوري تقدمها في ريف حلب الجنوبي، أمس، ساعية إلى قطع أوتوستراد حلب- دمشق وتضييق الخناق أكثر على فصائل المعارضة التي تردد أنها تحشد لشن هجوم مضاد. وفي المقابل، تمكن معارضون من تحقيق تقدم جديد ضد النظام في ريف حماة الشمالي بوسط البلاد، فيما فشل هجوم للقوات الحكومية وميليشيات شيعية على حي جوبر الدمشقي. وفي تطور لافت، قال متحدث كردي إن تحالفاً لفصائل سورية عدة سيطر أمس على بلدة الهول معقل تنظيم «داعش» في ريف الحسكة الشرقي بعد هجوم كبير انطلق قبل أيام. ونقلت «رويترز» عن ريدرو خليل الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهي الفصيل الأبرز في تحالف «قوات سورية الديموقراطية» إن عناصر «داعش» فروا من الهول القريبة من الحدود العراقية. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان تحدث قبل ذلك عن «استمرار المعارك العنيفة» في الهول بين تنظيم «داعش» و «قوات سورية الديموقراطية» المؤلفة من وحدات حماية الشعب الكردي ووحدات حماية المرأة وجيش الثوار وفصائل غرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني، مشيراً إلى تقدم للطرف الأخير في المنطقة. وأوضح أن الاشتباكات تترافق مع قصف لطائرات التحالف الدولي على مواقع «داعش». وكانت «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت الأربعاء على حقل تشرين النفطي وبلدة خاتونية جنوب شرقي الحسكة. في غضون ذلك، قال المرصد أمس إن قوات النظام اقتربت أكثر من الطريق الدولي الذي يربط حلب بدمشق بعد يوم من سيطرتها على بلدتي الحاضر والعيس الاستراتيجيتين واللتين كانتا من معاقل المعارضة المسلحة. وأوضح المرصد أن «المعارك العنيفة تواصلت في ريف حلب الجنوبي بين قوات النظام مدعمة بحزب الله اللبناني والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من طرف آخر، حيث تمكنت قوات النظام من السيطرة على تل حدية وقريتين أخريين في المنطقة، عقب سيطرتها (أول من) أمس مع حزب الله على بلدتي الحاضر والعيس، وبذلك فإنها تقترب من الطريق الدولي بعدما سيطرت عليه نارياً (أول من) أمس». وأضاف أن الاشتباكات ترافقت مع أكثر من 30 غارة نفذتها الطائرات الحربية على مناطق في ريف حلب الجنوبي، مشيراً إلى استهداف فصائل المعارضة فرقاً إعلامية تابعة لمحطات محلية وأخرى قريبة من النظام في بلدة العيس. ونقلت «رويترز» عن التلفزيون السوري تأكيده نبأ السيطرة على قرية تل حدية في ريف حلب الجنوبي، فيما ذكر المركز الإخباري السوري (الحكومي) أن «الجيش يحذّر المدنيين من استخدام الطريق الدولي أوتوستراد حلب- دمشق، وأن أي تحرك عليه سيكون هدفاً عسكرياً». وليس واضحاً ما هي الخطوة المقبلة التي يعتزم النظام القيام بها بعد اقترابه من طريق حلب- دمشق، وما إذا كانت المعارضة ستسمح له بتثبيت أقدامه في ريف حلب الجنوبي، وسط معلومات عن ضغوط على فصائل المعارضة لشن هجوم مضاد. وفي حلب أيضاً، ذكر المرصد أن الطيران الحربي شن غارات عدة على أطراف مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» بريف حلب الشمالي الشرقي. وفي محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، أعلن المرصد مقتل ثلاثة أحدهم محام عضو في «اتحاد المحامين الأحرار»، بالإضافة إلى عمله كقاض «شرعي» في محكمة إسلامية بريف إدلب، إضافة إلى ابنه وابن شقيقه، جراء قصف طائرات حربية لقرية سرجة ومحيطها بأطراف جبل الزاوية، فيما تعرضت قرية الناجية بريف جسر الشغور لقصف من قوات النظام. كما نفذت طائرات حربية «يُعتقد أنها روسية» -وفق المرصد- غارة على بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي. وأورد موقع «كلنا شركاء» المعارض من جهته، معلومات عن قصف طائرات حربية روسية ب «القنابل الفوسفورية» مساء الخميس، أطراف قرية بينين في جبل الزاوية، ما أدى إلى نشوب حرائق كبيرة في أحراش القرية ومنازلها. وأضاف أن هذه «هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مناطق في سورية بهذا النوع من القنابل». ونفت موسكو مراراً في الأيام الماضية استهدافها مواقع مدنية في حملتها الجوية في سورية، مؤكدة أنها تستهدف «الإرهابيين»، وفق التسمية التي تطلقها على شريحة واسعة من فصائل المعارضة المسلحة. ولم يصدر رد روسي فوري على مزاعم استخدام القنابل الفوسفورية في إدلب. وفي ريف دمشق، قال المرصد إن صاروخ أرض- أرض أطلقته قوات النظام سقط في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بالتزامن مع تنفيذ طائرات حربية يعتقد أنها روسية ثلاث غارات على المدينة التي تُعتبر معقل «جيش الإسلام». وأضاف أن عنصراً من قوات النظام قُتل في اشتباكات مع فصائل المعارضة في محيط مدينة حرستا بالغوطة الشرقية، في وقت دارت اشتباكات بين الطرفين على أوتوستراد دمشق- حمص، كما نفذت طائرات حربية غارتين على زبدين في الغوطة الشرقية أيضاً. وتابع المرصد أن الطيران الحربي نفّذ ما لا يقل عن 10 غارات على مدينة داريا في غوطة دمشق الغربية. وفي حي جوبر شرق دمشق، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام و «حزب الله» اللبناني وقوات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية و «جبهة النصرة» من جهة أخرى، «في محاولة من قوات النظام للتقدم في الحي»، وفق تقرير ل «المرصد». أما «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، فقالت إن المقاتلين في الحي أفشلوا «محاولات جديدة لقوات الأسد للتقدم على عدة محاور لاقتحام حي جوبر»، وأوقعوا في المهاجمين «خسائر ... في الأرواح والعتاد». وبث «فيلق الرحمن»، وهو أحد الفصائل الناشطة في جوبر، شريط فيديو لمجموعة من عناصره وهم يتباهون بصد الهجوم الجديد لقوات النظام أمس ويعرضون جثث قتلى من المهاجمين وعلى بذلاتهم العسكرية شعارات شيعية. ومني النظام أيضاً بنكسة أخرى في حماة بوسط البلاد، بعد تمكن فصائل معارضة من تحقيق تقدم ميداني جديد. إذ أشار المرصد إلى «استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم جند الأقصى وتجمع العزة وعدة فصائل إسلامية ومقاتلة من جهة أخرى، في محيط بلدة صوران بريف حماة الشمالي»، في محاولة من المعارضة السيطرة على المنطقة، بالتزامن مع شن الطيران الحربي غارات على بلدتي مورك وكفرزيتا وقرية الصياد بالريف الشمالي. أما «الدرر الشامية» المعارضة، فأوردت من جهتها، أن «الثوار تمكنوا فجر الجمعة، من تحرير نقاط عسكرية جديدة... بريف حماة الشمالي». ونقلت عن «مصادر ميدانية» أن «الثوار نفذوا عملية انغماسية في قوات الأسد المتمركزة في محيط مدينة مورك... وتمكنوا من تحرير النقطة الثالثة الواقعة جنوبالمدينة وقتل نحو 20 عنصراً لقوات النظام». وتابعت أن المعارضين دمروا دبابة «تي 72» لقوات النظام عقب استهدافها بصاروخ «كونكورس» في بلدة خربة الناقوس بريف حماة الشمالي. وكانت جماعة «جند الأقصى» سيطرت على مدينة مورك الاستراتيجية الأسبوع الماضي بعد معارك عنيفة مع قوات النظام. أما موقع «كلنا شركاء»، فذكر أن المعارضين سيطروا أيضاً أمس على نقاط عسكرية شمال مدينة صوران، بالإضافة إلى النقطة الثالثة جنوب شرقي مورك، موضحاً أنهم سيطروا على مزرعة حوير ومدرسة البشائر شمال صوران و «يتقدمون باتجاه تل بزام شمال مدينة صوران وقرية معان» المواليتين في ريف حماة الشرقي. وفي محافظة اللاذقية (غرب)، قال المرصد إن «اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى في ريف اللاذقية الشمالي، وأنباء عن تقدم لقوات النظام في المنطقة»، مشيراً إلى قصف قوات النظام مناطق في جبل التركمان في مقابل استهداف الفصائل الإسلامية تمركزات النظام في أطراف قمة النبي يونس. وتحدث عن قصف طائرات حربية «يعتقد أنها روسية» مناطق في محور جب الأحمر بريف اللاذقية الشمالي. وفي جنوب سورية، دارت اشتباكات عنيفة في بلدة سحم الجولان بريف درعا الغربي بين «لواء شهداء اليرموك» المبايع ل «داعش» من طرف، و «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية من طرف آخر، ما أدى إلى مقتل 5 من «شهداء اليرموك» وقيادي عسكري محلي في «حركة إسلامية»، وفق المرصد.