استمرت ظاهرة العنف، وحل الخلافات بالاعتداءات، في حفر الباطن، وكان آخر ضحاياها أربعة طلاب من إحدى المدارس الثانوية، أصيبوا أول من أمس، فور خروجهم من مدرستهم بطعنات عدة، إثر شجار جماعي بين عدد من الطلاب، نقلوا إثرها إلى قسم الإسعاف والطوارئ في مستشفى الملك خالد. وباشر الحادثة ضابط خفر الملازم مسفر الدوسري. وقال الناطق الإعلامي في مديرية الشؤون الصحية في حفر الباطن فيصل الشمري: «إن قسم الإسعاف والطوارئ في مستشفى الملك خالد، استقبل أربعة طلاب، مصابين بطعنات في الكتف. وتم تقديم الإسعافات الأولية لهم، وغادر الأربعة المستشفى، بعد تلقيهم العلاج». ويشكل الاعتداء والعنف، ظاهرة باتت تقلق سكان حفر الباطن. وخلصت إحصائية رصدت الحوادث التي وقعت في حفر الباطن، منذ عام 1424ه، حتى العام الجاري، إلى «حدوث 30 قضية قتل، أغلبها لمراهقين. ووصل عدد المضاربات إلى 300، استخدم في أغلبها آلات حادة، مثل السكاكين والسواطير، والعصي الغليظة، والبنادق الهوائية، وأسلحة نارية. وأدى بعضها إلى القتل، فيما بعضها في حدوث جروح خطرة». وكشفت الدراسة أن «أكثر من ثلث طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية يرون اللجوء إلى القنوات الرسمية والأمن والشرطة، ضعفاً وجبناً وخوراً، إضافة إلى أن عدداً من الآباء يروجون بين أبنائهم ثقافة الانتقام، وأخذ الحق باليد». فيما أوضحت أن «40 في المئة من الطلاب يلتحقون في مدارس بعيدة، فراراً من العنف، والتحاقاً في أقاربهم، حتى وإن كانت المدرسة خارج الحي الذي يقطنه». وبناء على هذه النتائج والإحصاءات، أعد المرشد الاجتماعي خالد ساير المطيري، دراسة عن ظاهرة العنف. توصل من خلالها إلى أن «الاستعداد النفسي للعنف لدى المراهقين والشباب في حفر الباطن، ظاهر وجليّ»، مضيفاً أن «بعض المتعلمين والأكاديميين والمثقفين لديهم أفكار عنصرية، واهتمامات عشائرية وانتماء خلف القبيلة، وعدم وعي البعض الآخر في ظاهرة العنف والموقف السلبي منها»، موضحاً أن «أخطر الظواهر هي ما يقوم به الآباء والمربون، ورواد مواقع الإنترنت، من التبرير المستمر للعنف»، معتبراً ذلك «خطأ تربوي فادح، فلو سلمنا بذلك؛ لما أصبح للعقوبات والحدود أي داعٍ». وعن الأسباب، يقول المطيري: «عملي في الإرشاد الطلابي واختلاطي في عدد من القبائل والعوائل، أوضح لي أن الأسباب هي الموروث الثقافي، الذي استغل بطريقة خاطئة، إذ تم تضخيم ثقافة الثأر والانتقام والاعتزاز في القبيلة، إضافة إلى عدم الخوف من النظام، وضعف الجوانب التربوية في البيت، وشيوع تدخل الوساطة والشفاعة في القضايا الحقوقية والنفعية». لكنه يعتبر الأخطر من هذا «عدم الإحساس في هيبة الدولة، والركون إلى قوة القبيلة لدى البعض».