فرضت «الشيلات» خلال العقد الأخير حضورها القوي في أوساط الشباب السعوديين، بكلمات مُلحنة ومغناة، فأصبح لها حضورها ليس على المستوى الشعبي، بل حتى في بعض الأوساط الرسمية، التي استعاضت عن الوصلات الغنائية التي يحرِّمها بعضهم، ب«الشيلات» التي تسمى في بعض الأوساط الاجتماعية ب«الغناء المُباح». ويميل مؤرخو فن «الشيلات» إلى أنها لون حداء قديم، استخدمه القدماء لتوظيف قصائدهم بالصوت المُلحن، ولكنَّ بقاءها على ذلك الحال القديم، في وقت تحضر فيه الموسيقى، يُعد تجاهلاً للأخذ بأسباب الحداثة، وهو ما يرفضه الإنسان المتحضر بطبيعته. كما يرى بعضهم أن أداء غالبية «الشيلات»، يكون في شكل «مشوه»، بسبب الرتم الموسيقى النشاز، إضافة إلى الصراخ الذي يلغي جمال الكلمات، ولا سيما أن غالبية «الشيلات» تعتمد الألحان «المُحرفة»، أو «المسروقة» من أغانٍ تم تسجيل ملكيتها الفكرية لدى وزارة الثقافة والإعلام. ولعل «تلكؤ» هذه الوزارة في حفظ حقوق المؤلفين فنياً دفع هؤلاء إلى التعدي على حقوق الغير، ليس فحسب، إنما أيضاً تشويه أعمالهم. وقال الناقد الفني يحيى مفرح ل«الحياة»: «الشيلات لون غنائي شعبي، له مواصفاته الخاصة وشخصيته البيئية التي يعبر عنها، إلا أن إخراج هذا الفن من مكوناته الحقيقية وتحويله إلى مجال اسثمار اقتصادي أساء إليه»، مشيراً إلى أن من قاد التوجه إلى أن تحل «الشيلات» محل الأغنية «ارتكب حماقة حضارية لا تليق بالموروث الشعبي، الذي يُصنف كأحد المظاهر النهضوية لأي شعب، إضافة إلى استغلال المنابر الإعلامية للترويج لذلك، وتوافر منتجين أنتجوا «الشيلات» على هيئة أغان، بالتحايل والسطو على أنغام وجمل موسيقية وإيقاعات غنائية، ينم عن جهل فاضح». وأوضح الناقد مفرح أن الأخطر في هذا الشأن، هو «إجازة هذه «الشيلات» من باب الأغنية، وهذا منحى سلبي، فيه إساءة إلى التراث وتشويه المنجز الفني السعودي». بدوره، أوضح مضحي العنزي، وهو أحد المهتمين بالفنون، أن الشيلات «موضة ستختفي؛ لأنها لا ترتكز على أسس واضحة للإبداع، فغالبيتها يعتمد على سرقة التراث الشعبي الغنائي في السعودية»، لافتاً إلى أن هناك «شواهد كثيرة موجودة في يوتيوب ومرصودة». وقال: «لا نستطيع أن ننكر أنها مشاهدة ومطلوبة، ولعل سبب اتجاه الجمهور إليها، هو قوة قصائد «الشيلات» التي يقابلها في الوقت نفسه ضعف وشح الكلمة الراقية في الأغنية». وأضاف العنزي: «أن أكثر ما يزعج ضياع حقوق الملحنين والمطربين والشعراء في عالم الشيلات، غير المحكوم قانونياً»، مشدد على ضرورة، «تدخل وزارة الثقافة والإعلام مباشرة».