أجمع اختصاصيون في مجال التعليم والنطق، على أن الأساليب التعليمية السابقة لم تعد تجدي نفعاً مع الجيل الحالي، خصوصاً في ظل التقدّم التقني الكبير وانتشار الأجهزة اللوحية بين الأطفال، داعين إلى ضرورة مواكبة العصر، ومحذّرين من خطورة هذه الأجهزة «إن لم توظّف في شكل دقيق». وأكدت اختصاصية النطق والتخاطب سوسن المرزوق، «أن اقتناء وسائل التواصل الحديثة، مثل ال «آيباد» والهاتف الذكي وغيرهما من الأجهزة، أصبح من الضروريات في كل منزل، بل إنها تحولت لدى بعضهم إلى ما يشبه الإدمان»، محذّرة الأهل من أن تلك الوسائل «تؤثر مع الوقت في التواصل اللفظي في شكل كبير ومقلق جداً، وتصيب الأطفال بتأخّر لغوي وضعف التركيز والانتباه، وندرة اكتسابهم المهارات والمفردات، ما يجعل حصيلتهم اللغوية شبه معدومة». وقالت المرزوق: «الطفل المتأخّر لغوياً أكثر تأثراً بهذه الأجهزة من نظيره الطبيعي، خصوصاً من الناحية اللغوية»، مردفة أن «آباء كثراً لا يعلمون أن توفير هذه الأجهزة لأبنائهم وبهذه الطريقة، يلحق الضرر بهم في شكل غير مباشر». وأشارت إلى عدم رفضها المطلق اقتناء الأطفال هذه الأجهزة، لافتة إلى أهمية «منح الأجهزة الكفية (اللوحية) للأطفال، لكن في شكل معقول ومحدود، وفي فترات زمنية يفضّل أن تكون قصيرة، ومتقطعة، مع الحزم والمراقبة والمواكبة للبرامج التي يتابعها أطفالهم»، مطالبة بتوجيه الأبناء إلى «برامج تعليم إخراج الأصوات والكلمات، ومشاركتهم تلك البرامج حتى تعمّ الفائدة». وأكدت معلّمة صعوبات التعلّم زهراء المغرور، أن «واقع التعليم حالياً تغيّر، فنحن في عصر التكنولوجيا لا القلم والورق أو الكتب، ولسان حال أبنائنا في هذا العصر يشير إلى رغبتهم في مدرسة بلا ورق. كما أن تعلّقهم بالأجهزة الذكية عميق، وكلما حاولنا منعها عنهم زاد تعلّقهم بها أكثر فأكثر، وبطبيعة الحال لا نستطيع منع هذا الزحف التكنولوجي، لكن يمكننا تطويع هذه الأجهزة في ما ينفعهم ويطوّر من قدراتهم ويساعدهم في تعلّم ممتع ومفيد». ورفض معلّم الصفوف الابتدائية مهدي الأسود، ما وصفه ب «التأديب والتعليم من طريق الجبر والإكراه»، مؤكّداً أن هذا الأسلوب «لا ينتج إلا رد فعل عكسياً، ولا يؤدّي إلى نتيجة مرضية شافية، بل على المعلمين الترغيب في طريقة الحديث والتواصل، وأسلوب اليوم غير الذي عهدناه قبل 10 أعوام مثلاً». وقال: «يجب علينا أن نغيّر مفاهيمنا من طريقة التلقين إلى الاستمتاع، فمتى كان الطفل مستمتعاً بوقته وتصاحب ذلك حماسة في تعليمه سنخلق عقولاً مثل آينشتاين، وإلا فإن محاولاتنا ستكون كلّها عبثية»، منوّهاً ب«توظيف الأجهزة اللوحية كعامل جذب واستقطاب، فهي أحب ما يكون لدى الأطفال في وقتنا الحاضر». وأشار الأسود إلى أنه لتمرير فكرة ما إلى الأطفال، «يجب أن تتوافر لدينا مهارة دمج ما نريد توصيله من هذا الجهاز وإليه، لتكوين مادة ممتعة ومشوّقة، يمكن أن تمر بسلاسة، على أن نراعي عمر الطفل وما يناسبه من مواضيع، فبهذا الشكل نكون استفدنا من هذه التقنية، وهي من أساليب عدة لتعليم الأطفال في أسلوب ممتع ومشوّق». وحذّر الأسود من أن «الأجهزة اللوحية سلاح ذو حدّين، السلبي منها هو ترك الطفل يبحر وحده في عالم من الثقافات بشتى مستوياتها من دون إشراف أحد الوالدين، أو توضيح ما هو الصواب من الخطأ على المستوى العام، وعدم ملاحظة ما إذا كانت المادة المحفوظة عنده مناسبة لعمره أم لا، ناهيك عما إذا كانت تخترق أعراف الطفل والمجتمع وثقافتهما». وأضاف أن «إهمال الطفل ساعات مع الأجهزة الذكية اللوحية، اعتقاداً منا بأنه في مأمن من فرط الحركة أثناء انشغالنا عنه، خطأ كبير، لأنه ينعكس سلباً على ذاكرته وتركيزه وتكون عواقبه وخيمة، لا سيما من ناحية طول فترة العلاج».