أثار أعضاء مجلس الشورى السعودي أمس جدلاً علمياً حول مقترح نظام قدمه عضوان لدرس ضرر الأشعة غير «المؤينة» الصادرة عن الأجهزة الإلكترونية، الصحية والأمنية والاقتصادية، فيما كشفت مصادر في المجلس ل «الحياة» عن مواجهة المقترح ضغوطاً لإسقاطه بشتى الوسائل لتعارضه مع مصالح دول وشركات كبرى. وقالت المصادر إنه توجد محاولات كثيرة واتصالات «غريبة» لمحاولة عرقلة هذا النظام، وتلك المحاولات قائمة منذ أعوام. من جهتها، ألمحت عضو المجلس الدكتورة فردوس الصالح أثناء مداخلة لها على المقترح، إلى أنه «موضوع حساس جداً، وكثير من الشركات نفت ضرر تلك الأشعة التي مصدرها تلك الأجهزة»، مشيرة إلى أنها لا تريد أن تدخل في تفاصيل هذا الاتهام لحساسيته. وتضاربت تصريحات الأعضاء حول أهمية المقترح المقدم من العضوين الدكتور حامد الشراري واللواء مهندس ناصر العتيبي، ما دعا رئيس الجلسة الدكتور محمد الجفري إلى أن يمنح أفضلية الحديث للمختصين حتى وإن كانوا من أعضاء اللجنة الصحية التي رفضت تبنّي النظام المقترح للحماية من الإشعاعات غير المؤينة. وكانت الغلبة لذوي الاختصاص المؤيدين في إقناع 80 عضواً بخطورة الأشعة وعدم وجود نظام في المملكة في هذا المجال، وحملت لواء التأييد المتخصصة في الفيزياء النووية الدكتورة فردوس الصالح، مستشهدة بدراسة علمية لطالبة ماجستير متخصصة في الفيزياء الحيوية بجامعة الملك سعود، قامت فيها بتعريض فئران تجارب لأجهزة «جوال» بطاقات عالية، تغيّر على إثرها سلوك الفئران إلى سلوك عدواني. بينما اكتفى الدكتور منصور الكريديس بما ذكره رئيس قطاع الأبحاث والتطوير والابتكار في مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية الدكتور ماهر العودان في تعليقه على المقترح، الذي قال فيه: «مع مرور الزمن على استخدام الموجات الكهرومغناطيسية تراكمت خبرات ومعلومات عن بعض الآثار غير المحمودة». في حين تطرق الدكتور حاتم المرزوقي إلى الضرر المهني والفني المثبت علمياً بعد أن حصرت اللجنة الحديث في الجانب الصحي، وقال: «تضارب الموجات الكهرومغناطيسية الناتجة من الأبراج وأسلاك الضغط العالي ينتج منه كثرتها وحدتها، ما يسهم في تأثير مباشر في الأجهزة الأمنية والاتصالات اللاسلكية، ولعل ما يحدث من انقطاعات في أجهزة الهاتف الجوال دليل ملموس»، مطالباً بوضع معايير قياسية وتشريعات لضبطها كما تفعل معظم الدول في العالم. بدورها، قالت الباحثة في أمراض السرطانات البروفيسورة خولة الكريع: «أود أن أوضح للعامة أن هناك فرقاً كبيراً بين الإشعاع الذي يخاف الناس منه، الذي يصدر عن الأشعة البنفسجية والسينية والمنتجات النووية، وبين الإشعاعات الكهرومغناطيسية المحيطة بالإنسان بشكل يومي»، مؤكدة أنه لم يثبت علمياً ضرر تلك الأشعة على الصحة، وأن الدراسة الوحيدة التي أثارت جدلاً حولها صدرت من جامعة بازل السويسرية، وجاء فيها أنها عرّضت خلالها خلايا بشرية لقوة 50 هيرتز من الأشعة الكهرومغناطيسية، فنتج منها تكسر في المورث البشري (DNA). واستدلت الكريع بظهور دراسات أخرى في مجلات علمية محكّمة تنتقد نتائجها من جوانب عدة، وأن قوة الإشعاع التي تعرّضت لها الخلايا تفوق بمراحل الذي يتعرض له الإنسان طوال حياته. وشاركت استشارية جراحة العيون الدكتورة سلوى الهزاع بمداخلة مكتوبة، أكدت فيها عدم وجود ضرر على العيون والشبكية من الأشعة غير المؤينة. وأسدل الستار على هذا الجدال العلمي بتحويل مقترح النظام إلى لجنة خاصة لدرسه قبل أن يعرض مرة أخرى على المجلس، وهو ما اعتبره مقدما التوصية انتصاراً جزئياً قبل أن يقر بشكل نهائي من المجلس. يذكر أن مقدمي المقترح أوردا في مسوغاتهما الضرر الأمني الناتج من عدم وجود نظام في المملكة للأشعة المؤينة أو غير المؤينة، ما يعني وجود ثغرات أمنية خصوصاً مع دول الجوار، مؤكدين أن الموضوع مهم جداً ويمس الحياة اليومية ومؤثر في البيئة ويحتاج إلى دراسة شاملة. وفي شأن آخر، وافق مجلس الشورى على تأسيس شركة استثمارية مملوكة للهيئة الملكية للجبيل وينبع لتوظيف مواردها، على أن تعمل الهيئة على إقامة مشاريع لتدوير النفايات في المدن الصناعية التي تشرف عليها الهيئة. تعليقات الأعضاء: برج جوال على «عمارة»! - الدكتور عدنان البار: «لا يمكن أن تجد دولة في العالم تهتم بالصحة لديها برج جوال على فيلا أو عمارة!». الناس مترددة - الدكتور منصور الكريديس: «الناس تتردد في شراء أراضٍ تحت أبراج الكهرباء وأسعارها أقل من غيرها». الدفع أهون من الرفع! -أكد الدكتور عدنان البار وجود إشكالية في نظر قضايا الصحة العامة، فالمعتاد أن ينتظر وقوع المشكلة ثم البحث عن مداراتها وعلاجها، وقال: «العموم يقول إن الدفع أهون من الرفع، وفي المجال الصحي نقول الوقاية خير من العلاج». «منزل و 3 شبان و فتيات» - قال عضو مجلس الشورى الدكتور سالم القحطاني في تعليقه على اتفاق للعمالة المنزلية: «بيت به ثلاثة شبان لا يحتاجون إلى سائق أجنبي، وبيت به ثلاث فتيات لا يحتجن إلى عاملة منزلية، خصوصاً إذا كانوا عاطلين وليس لديهم ما يشغلهم». - من أبرز الأجهزة الإلكترونية التي تصّدر الأشعة المايكرويف، الكيابل الكهربائية، أجهزة اتصال الجوال، وأنظمة كشف السرقات في المحال التجارية. - دول مُقرّة لنظام الأشعة المؤينة وغير المؤينة روسيا، بعض الولايات الأميركية، العراق، السويد، وسويسرا. استعرض المجلس دراسة لإجراء تجارب على فئران..