أكد عدد من المتخصصين في القطاع العقاري أن العام الحالي هو البداية الفعلية لتهيئة السوق التمويلية للقطاع العقاري في المملكة، وذلك بعد موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) على منح تراخيص لثمان جهات تمويلية، وقالوا إن هذه الخطوة تعد أولى مراحل التنفيذ للأنظمة الجديدة على أرض الواقع. وتوقعوا ارتفاع حجم التمويل العقاري بنسبة 5 في المئة خلال الربع الثالث من العام الحالي، وذلك مع البدء في إقرار عدد من البرامج المتعلقة بالتمويل والرهن العقاري. وقال عضو مجلس الجمعية السعودية لعلوم العمران المهندس طلال سمرقندي: «في السابق كانت تمنع المصارف من الدخول في مجال التمويل العقاري حتى لا تكون هناك منافسة للشركات العقارية والأفراد، وحتى لا تزيد الأصول الخاصة بالمصرف عن 15 في المئة من رأس المال لضمان حقوق المساهمين في المصارف»، لافتاً إلى أنه بعد اعتماد نظام الرهن العقاري وبعد التوجهات في توفير المساكن للأفراد، وقيام وزارة الإسكان بالاتفاق مع المصارف في منح القرضين المكمل والموازي، سيؤدي ذلك إلى توفير سيولة كافية لتمويل المواطنين الراغبين في شراء مسكن، أو توفير التمويل اللازم لبناء وحدات سكنية على أراض يمتلكونها. وحول تحفظ المصارف والشركات الممولة قال سمرقندي: «المصارف السعودية بطبيعتها متحفظة، إذ تقدم التمويل العقاري من خلال ضمانين، الأول يعتمد على رهن العقار باسمها، فيما يتعلق الثاني باستقطاع جزء من الراتب أو التدفقات النقدية وفق صيغة اتفاق يضمن الاستمرارية، وجميع هذه الاشتراطات تقلل من حجم المخاطر المتوقعة التي ربما تواجهها في حال تعثر العميل عن السداد أو تصحيح الأسعار». وأضاف أن حجم سوق التمويل في المملكة خلال الأعوام الخمسة المقبلة سيترفع إلى 750 بليون ريال، مشيراً إلى أنه يمكن لشركات التطوير العقاري من خلال أنظمة التمويل الجديدة القيام بعمليات البناء على أراضي المواطنين الراغبين في استثمارها سكنياً، خصوصاً أن بعض المواطنين يمتلكون الأراضي لكنهم لا يستطيعون بناءها في ظل تضخم تكاليف البناء، مشيراً إلى أنه من المفترض أن تتدخل وزارة الإسكان لإعادة السوق العقارية إلى وضعها الطبيعي، ما يساعد في زيادة معدلات تملك المواطنين للمساكن، إضافة إلى تحقيق الأمن للقطاع المالي لمواجهة الأخطار التي ربما تحدث في حال تصحيح السوق العقارية الأسعار مستقبلاً. من جهته، قال رئيس لجنة التثمين العقاري في «غرفة تجارة جدة» عبدالله الأحمري إنه من المؤكد أن هذه المصارف والشركات ستسهم في توفير التمويل للقطاع العقاري، لكن لن يستطيع المواطنون أفراداً الاستفادة من هذا التمويل، ولن يستفيد منها إلا المطورون العقاريون بشكل أكبر. وأشار إلى أن خروج اللوائح التنظيمية لقطاع التمويل الإسكاني سيساعد في تحريك التمويل العقاري، بخاصة في قطاع المصارف والشركات التمويلية، متوقعاً أن ترفع اللوائح الجديدة حجم القروض العقارية، كما أن السوق التمويلية تحتاج إلى الكثير من الوقت لتصل إلى مرحلة النضج التي تتيح لها الوصول إلى التنافسية العالية بين الممولين، بخاصة أن مؤسسة النقد لم ترخص حتى الآن سوى لخمس جهات، فيما تدرس طلبات 20 جهة أخرى. من جهة أخرى، قال عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية الدكتور عبدالله المغلوث إن المصارف والشركات التمويلية ستسعى خلال الفترة المقبلة إلى ابتكار أدوات جديدة لكسب جزء من السوق التمويلية، مبيناً أن شروطها الحالية ستكون أكثر تعقيداً من الشروط المتوقع أن تسنها شركات التمويل الجديدة، مع خروج الرهن العقاري إلى أرض الواقع. وأشار إلى أن ازدواجية الصكوك هي المشكلة الحقيقية التي تواجهها السوق التمويلية خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن تحديد شرط الدفعة المقدمة ب30 في المئة لن يكون في مصلحة الباحث عن السكن، وسيزيد من معاناة السوق العقارية، إذ إن كثيراً من الباحثين عن السكن يسعون إلى التمويل لشراء منزل العمر، ما يؤدي إلى تراجع المطورين عن تشييد المساكن، وخروج صغار العاملين في السوق العقارية. وأضاف المغلوث أن ارتفاع حجم التمويل العقاري للمصارف في المملكة بنهاية الربع الثالث من العام الماضي إلى 47 بليون ريال يأتي بسبب زيادة الطلب على البرامج الإقراضية التي تقدمها المصارف، لشراء المسكن المناسب من خلال العديد من البرامج التمويلية، متوقعاً أن يرتفع حجم التمويل العقاري بنسبة 5 في المئة خلال الفترة نفسها من العام الحالي، ومع البدء في إقرار عدد من البرامج المتعلقة بالتمويل والرهن العقاري. وكانت دراسة حديثة توقعت أن تشهد السوق العقارية في المملكة خلال الأعوام الخمسة المقبلة تزايداً في النشاط العقاري، إذ تشير خطة التنمية الثامنة إلى أن النشاط العقاري سينمو بمعدل سنوي متوسط قدره 5.8 في المئة، وأن إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي ازداد من 6,8 في المئة في العام 2004 إلى أكثر من 7,2 في المئة العام الماضي. وأكدت الدراسة التي أعدها الأستاذ بقسم الاقتصاد في جامعة الملك سعود الدكتور أحمد المحيميد بعنوان: «الاستثمار والتمويل العقاري في المملكة العربية السعودية» أن هذا النمو يعكس الزيادة المتوقعة في السكان، إذ تشير الإحصاءات السكانية المتوقعة إلى أن عدد السكان في العام 2020 سيزداد بمعدل نمو سكاني قياسي، ما يحفز أصحاب رؤوس الأموال المقبلين على الاستثمار في المجال العقاري لمواجهة الطلب المتنامي على القطاع العقاري.