بدأ رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون يتهيأ نفسياً وسياسياً لسحب «الفيتو» الذي كان وضعه على ترشح عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب سمير عازار على لائحة المعارضة عن دائرة جزين في ضوء رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري لكل العروض التي تقدم بها عبر قيادة «حزب الله»، لقاء موافقته على استبدال عازار وتفهم الحزب لموقفه باعتبار أن عازار هو الأقوى في جزين وأن مضي عون في موقفه سيؤدي الى تهديد وحدة المعارضة. وفي هذا السياق قالت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات المتنقلة التي يقوم بها «حزب الله» على خط بري – عون إن الأخير بات على قناعة بأن لا مفر من التعاون مع عازار وأن البديل سيكون تعريض وحدة المعارضة الى انتكاسة في جزين يمكن أن تمتد باتجاه دوائر أخرى من شأنها أن تؤدي الى تراجع الحماسة الشيعية للوائح المدعومة من «التيار الوطني الحر». ولفتت المصادر نفسها ل «الحياة» الى أن عون بدأ يستعد للخروج من المأزق الانتخابي الذي وضع نفسه فيه، بإصراره أمام القيادات الرئيسة في «التيار الوطني» على رفض التعاون مع عازار لأسباب أقل ما يقال فيها إنها شخصية. وأضافت: «أن عون بإصراره على استبعاد عازار من لائحة جزين وضع نفسه أمام خيارين: إما أن يثبت صدقيته لدى محازبيه في «التيار الوطني» وبالتالي يدافع عن موقفه برفض عازار مهما كلف الأمر، وإما أن يدخل في مشكلة مع التحالف الشيعي تتجاوز بري الى حليفه «حزب الله» الذي وإن كان يحرص على مراعاته فإنه في المقابل لم يعد يحتمل معاناته جراء عناد عون على استبدال عازار. وكشفت المصادر أن عون سيضطر الى التراجع عن رفضه التعاون مع عازار وعزت السبب الى قناعة بري بعدم التفريط به وباعتباره أقوى من أي فريق آخر في جزين. وأضافت: «أن عون بدأ يتحضر للتراجع عندما قوبلت عروضه بواسطة «حزب الله» برفض تام من بري سواء بالنسبة الى اقتراحه على رئيس المجلس تسمية نجل عازار المحامي إبراهيم عازار كبديل عن والده، أو في شأن امتناعه عن البحث في عرض آخر وفيه أن يترك له اختيار المرشح الماروني البديل». وتابعت المصادر عينها أن عون تقدم أخيراً باقتراح اعتبره قابلاً للبحث لكنه فوجئ برفض بري له مدعوماً من «حزب الله»، ويقوم على ترشح عازار منفرداً في مقابل لائحة غير مكتملة مؤلفة من زياد أسود (ماروني) وعصام صوايا (كاثوليكي) على أن يتم تبادل الأصوات بينهما. لكن بري – بحسب المصادر – رأى أن هذه الفكرة غير قابلة للحياة أو التطبيق مقترحاً إذا ما أصر عون على اقتراحه أن يشكل عازار لائحة مكتملة ويترك للناخب في جزين الخيار في الاقتراع لمن يريد. ومع أن بري يعتبر أن هذا الاقتراح يعطي الفرصة للائحة المدعومة من الأكثرية لتسجيل اختراق مستفيدة من البلبلة في صفوف المعارضة التي من شأنها أن تنذر بتبادل التشطيب فإن «حزب الله» لم يأخذ به مصراً على ضرورة التحالف وعدم السماح بالاختلاف مهما كلف الأمر. وعليه فإن عون بدأ يراجع حساباته لمصلحة إعادة النظر في قراره بعدم التعاون مع عازار، لا سيما أنه أخطأ في تقدير موقف بري ورد فعله. وأن ما حققه في بعلبك – الهرمل باستبعاد النائب نادر سكر لمصلحة رئيس حزب «التضامن» إميل رحمة لا يمكن أن يسري على دائرة جزين. ناهيك بأن استبعاد عون لسكر لقي اعتراضاً من بري و «حزب الله» الذي اضطر الى مراعاته وفاء منه لمواقفه في حرب تموز (يوليو) 2006 وإشعاراً للمسيحيين بأنه لا يفرّط بعلاقته بحلفائه حتى لو كانت التسوية على حسابه. كما أن عون باستبعاده سكر لضم رحمة الى «تكتل التغيير والإصلاح» أراد أن يصفي حساباته معه على خلفية أنه كان رأس حربة في حرب الإلغاء التي دارت بينه وبين «القوات اللبنانية» باعتبار أنه كان أحد أبرز القياديين الميدانيين في «القوات». كما أن عون لم يبد حماسة لدعم ترشيح ألبير منصور على لائحة المعارضة في بعلبك – الهرمل، وحاول أن يوحي بأن استبعاده جاء بقرار سوري خلاف ما تبين لاحقاً بأن لا علاقة لدمشق بالأمر وأن عون شخصياً، كما نقل عنه في مجالسه، لم يغفر حتى الساعة لمنصور دوره وزيراً للدفاع عندما أطيح به من القصر الجمهوري في بعبدا ولا للدور الذي لعبه في الحصول على الوثائق التي تظهر حساباته المالية المودعة في عدد من المصارف الأجنبية. كذلك فإن عودة عون عن قراره عدم التعاون مع عازار ليست مرتبطة باستكمال تأليف لائحة المعارضة في بعبدا باختيار المرشح الشيعي الثاني الى جانب مرشح «حزب الله» النائب علي عمار. إلا أن عدم الربط لا يمنع الحزب من التضحية بمرشحه الشيعي الثاني لمصلحة مرشح «التيار الوطني» رمزي كنج في حال أصر عون على ترشحه مع أن سحب بري لمرشحه في بعبدا طلال حاطوم جاء لمصلحة مرشح من الحزب أو على صلة وثيقة به، خصوصاً أن قياديين في الحزب كانوا أبلغوا منذ أيام أطرافاً سياسيين أن القيادة على وشك اختيار الدكتور بلال فرحات ليكون المرشح الشيعي الثاني. وهناك من يعتقد أنه يحق لعون ما يحق لغيره وبالتالي لا يتردد في تجاوز «الخطوط الحمر» عبر طلبه ضم كنج الى لائحة المعارضة مستغلاً مراعاة «حزب الله» له بدلاً من أن يقدر التضحيات التي قدمها الأخير للحفاظ على وحدة المعارضة.