أكد نائب وزير البترول والثروة المعدنية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أن «أنماط العرض والطلب تشير إلى أن الأساسيات الطويلة الأجل لقطاع البترول لا تزال قوية ومتماسكة. وأعلن في كلمة خلال اجتماع الطاولة المستديرة السادس لوزراء البترول والطاقة لدول آسيا الذي تستضيفه قطر، أن «الأشهر الماضية كانت غير عادية بالنسبة إلى السوق البترولية». ورأى أن «حدّة انخفاض الأسعار وسرعته، دفعتا بعض المحللين حول العالم إلى رد السبب في ذلك إلى نظريات المؤامرة والمشاكل الجيوسياسية، فيما اعتبر آخرون أن التغييرات الراهنة هيكلية في طبيعتها تدخلنا في «نظام بترولي جديد»، بحيث تستقر الأسعار عند المستوى الحالي أو حتى أدنى لفترة طويلة، ويتجهُ منحنى كلفة البترول إلى الانخفاض، ويضطلع منتجو الزيت الصخري الأميركي بدور المنتج المرجِّح، ولا تؤدي منظمة «أوبك» دورها في تحقيق استقرار السوق أو يتضاءل هذا الدور على أحسن تقدير». فيما «أعلن البعض وفاة أوبك، لكن عندما ننظر إلى الواقع، سنجد أنّ لكل دورة من أسعار البترول في الماضي تحليلها الخاص، وهذه الدورة لا تختلف عن سابقاتها». وأوضح أن «هذه التحليلات على رغم العيوب الجوهرية التي تكتنفها، تهيمنُ على الطروح المتعلقة بالطاقة، وتؤدي إلى تشكيل توقعات السوق وقناعاته». وقال «لكن بالنسبة إلى دولة رئيسة لديها احتياطات ضخمة من البترول، ومنتجة ومصدِّرة لكميات كبيرة مثل المملكة العربية السعودية، فإن تركيزنا ينصب دائماً على الاتجاهات الطويلة الأجل. وأشار إلى أن «أحد العيوب الجوهرية في تحليل الدورة الحالية للسوق يتمثل في ميله إلى مقارنة الانخفاض الحالي في الأسعار بما حدث في منتصف ثمانينات القرنِ الماضي». واعتبر أن «هذه المقارنة مضلِّلة، لأن الأوضاع الراهنة للسوق تختلف جذرياً عما كانت عليه في تلك الفترة». إذ ذكّر بأن «الاستهلاك العالمي للبترول عام 1985، كان يزيد قليلاً على 59 مليون برميل يومياً، فيما بلغت الطاقة الإنتاجية غير المستغلة آنذاك مستوى تاريخياً تجاوز 10 ملايين برميل يومياً أي نحو 17 في المئة من الاستهلاك العالمي». في حين أن «استهلاك البترول خلال العام الحالي يُقدر بنحو 94 مليون برميل يومياً، والطاقة الإنتاجية غير المستغلة ومعظمها في المملكة العربية السعودية بنحو مليوني برميل يومياً فقط». ويعني ذلك أن «معدل الطاقة الإنتاجية غير المستغلة يبلغ 2 في المئة فقط من الاستهلاك العالمي للبترول، ما يجعل قطاع البترول واحداً من القطاعات القليلة في العالم الذي يعمل بطاقة إنتاجية غير مستغلة ضئيلة، علماً أن الطاقة الإنتاجية غير المستغلة تُعد وثيقة تأمين ضد التغيُّرات غير المتوقعة في أوضاع السوق البترولية، وعاملاً مهماً وأساسياً للحفاظ على استقرار أسعار البترول والاقتصاد». وشدد على أن «العالم يحتاج إلى كل مصادر الطاقة، لتلبية الزيادة المتوقعة في الطلب». ورأى أن الصناعة البترولية ومنظومة الإمدادات «تتأثر بالتقلبات الحادة في الأسعار، إذ أُلغي خلال هذه السنة 200 بليون دولار من الاستثمارات في هذا القطاع، كما تخطط الشركات العاملة في قطاع الطاقة لخفض استثماراتها للعام المقبل. ولم يستبعد عبدالعزيز بن سلمان أن «يفضي خفض النفقات الاستثمارية إلى تأثيرات كبيرة وطويلة الأجل على إمدادات البترول المستقبلية». ورجّح أن «تنخفض إمدادات الدول المنتجة من خارج «أوبك» عام 2016، أي بعد عام واحد فقط من خفض الاستثمارات، وسيكون بوتيرة أسرع بعد العام المقبل». وعن فترات التقلّبات، قال «ثبت أن الأسعار المرتفعة للبترول غير مستدامة كما رأينا خلال عام 2008. ولكنّ هذا أيضاً يعمل في الاتجاه المعاكس، إذ إن الفترة الطويلة من انخفاض أسعار البترول ليست مستدامة أيضاً، لأنها ستؤدي إلى تدنٍ كبير في الاستثمارات وفي مرونة الصناعة البترولية، وهذا سيؤثر في أمن الإمدادات مستقبلاً، ويمهد لارتفاع حادّ آخر في مستويات الأسعار». وشدد على أن المملكة «تلتزم باعتبارها منتجاً مسؤولاً وموثوقاً ذا رؤية طويلة الأجل، مواصلة الاستثمار في قطاع البترول والغاز، وبصرف النظر عن تراجع الأسعار، وتعمل على اتخاذ خطوات واضحة تقلّص كثافة استهلاك الطاقة في النشاطات الاقتصادية». ولم يغفل أن المملكة «اتخذت أيضاً خطوات لتنويع استخدامها لمصادر الطاقة». وأكد أن المملكة «تؤدي أدوارها الاستباقية لاستقرار السوق البترولية وستظلّ، عبر الاستفادة من علاقاتها وتعاونها المستمر مع المنتجين والمستهلكين، وعبر مشاركتها الفاعلة والبناءة في «أوبك» ومنتدى الطاقة الدولي».