بعد نجاح تجربته الرائدة في مجلة «فلسطين هذا الأسبوع» (This Week In Palestine) باللغة الإنكليزية والمستمرة منذ سبعة عشر عاماً، قرر سني ميو في 2007 إنشاء مجلة خاصة بالشباب، تتحدث عنهم، وبلسانهم. فظهرت إلى العلن مجلة «فلسطين الشباب»، وترأس تحريرها بداية الكاتب والأديب زكريا محمد، قبل أن يتسلمها الشباب أنفسهم، ويترأس تحريرها الكاتب الشاب طارق حمدان، ويقيم في أوروبا، ثم تخرج فيها كتاب وشعراء كانوا يافعين، وبات لبعضهم حضورهم الخاص في المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي. ولعل أكثر ما ميز المجلة، إضافة إلى كونها منبراً حراً لإبداعات الشباب الكتابية، تصميمها الخاص. ومع الوقت، تطورت المجلة التي هي مشروع ربحي لشركة خاصة في الأساس، إلى مؤسسة غير ربحية تحمل الاسم نفسه (فلسطين الشباب)، وتقوم على العديد من المشاريع الثقافية، والفنية، وحتى المجتمعية، وهي مشاريع إما موجهة إلى الشباب، أو يديرها الشباب بأنفسهم، أو كلا الأمرين، وفق ما أكد ميو ل «الحياة». ومن مشاريع «فلسطين الشباب» البارزة، مشروع «لوز أخضر» مثلاً، وهو ملتقى أدبي شبابي، وكان من المبادرين إليه سائد كرزون، الناشط على أكثر من مستوى في مشاريع متنوعة لعدد من المؤسسات الفلسطينية. وجاء المشروع ثمرة تعاون بين «فلسطين الشباب» كمجلة ومؤسسة، ومركز خليل السكاكيني الثقافي في مدينة رام الله. وتقوم فكرته على تنظيم لقاءات للقراءة والمحاورة والنقد، تشارك فيها نخبة من الكتاب في فلسطين، والكتاب الشباب المشاركين بإبداعاتهم في مجلة «فلسطين الشباب». وتتم في كل جلسة استضافة ثلاثة كتاب من المشاركين في المجلة عند صدور كل عدد جديد، لقراءة ونقاش ونقد موادهم المنشورة على صفحات المجلة، فيما تكون الدعوة عامة للجمهور للحضور والمشاركة في النقاش. وتكون مشاركة الكتّاب الشباب سواء بالحضور الشخصي إلى مكان عقد اللقاء، أم من خلال تقنية ال «فيديو كونفرنس» أو عبر «سكايب» للمشاركين من قطاع غزة، أو المتواجدين خارج فلسطين. ويهدف «لوز أخضر»، وفق كرزون إلى الأخذ بيد الأقلام الشابة والمساهمة في تطوير جيل الأدباء الشباب، بالإضافة إلى محاولة التفعيل والنهوض بالحركة النقدية، وتبادل الخبرات بين أجيال الكتاب والأدباء، وتوسيع دائرة القراء وتشجيع الجيل الشاب على القراءة والكتابة. ومن بين مشاريع «فلسطين الشباب» المجلة والمؤسسة، المعرض السنوي «أشرعة للحرية»، وانطلق عام 2012، وهو معرض فني يستخدم وسائط متعددة (Multi Media) ويحمل ثيمة الحرية بمفهومها العام (الحرية في العيش، في التفكير، في الحركة، وغيرها)، ويضمّ المعرض مواد كتابية، وبصرية (فوتوغراف وفيديو)، إضافة إلى استضافة بصريات تندرج في إطار الفنون الحديثة ك «الفيديو آرت». بالإضافة إلى ذلك، هناك بانوراما صوتية للكتابات المشاركة في المعرض، ومع هذا التنوع في تقنيات التعبير، هناك تنوع جغرافي أيضاً بين المشاركين من داخل فلسطين وخارجها، ومن الجغرافيات المقطعة الأوصال في فلسطين: الضفة الغربية، والقدس، وقطاع غزة، والأراضي المحتلة عام 1948 (داخل الخط الأخضر)، إضافة إلى اللاجئين في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة لفلسطين، والمشتتين منهم في أصقاع المعمورة. وكان سبق هذا المعرض الذي تواصل لسنوات، معرض بعنوان «فلسطين في عيون الشباب»، بالتعاون مع المركز الثقافي البريطاني في العامين 2010 و2011، إلا أن هذه المعارض توقفت في العامين الماضيين لعدم توافر داعمين محليين لها، بخاصة أن «فلسطين الشباب» تنحو باتجاه الحصول على التمويل الفلسطيني لمشاريعها، وليس التمويل الأجنبي. وكامتداد لمجلة «فلسطين الشباب»، خرج في العام الماضي، البرنامج الإذاعي»فلسطين الشباب»، وهو كما وصفه ميو، الامتداد الهوائي للمجلة ويسلّط الضوء على «قضايا وهموم وتساؤلات الشباب، وطموحاتهم وتطلعاتهم، وذلك بإتاحة الفرصة لهم للتحدث والتعبير عن آرائهم وطرح أفكارهم بكل حريّة ووضوح، وذلك انطلاقاً من رسالة فلسطين الشباب نفسها: «نحو جيل ينتمي للثقافة والفن والإبداع، وقادر على التعبير عن نفسه بحرية» وفق ما قال ميو. واللافت أن البرنامج سعى الى شراكات مع إذاعات محلية، فتم بث حلقات عدة منه عبر ثلاث عشرة إذاعة محلية موزعة في معظم المحافظاتالفلسطينية. وفي الوقت الذي لا تزال تصدر فيه مجلة «فلسطين الشباب»، وتواكب تطورات الوضع، حتى إن غلاف العدد الأخير منها، حمل رسماً ل «حنظلة»، الابن الكاريكاتوري لرسام الكاريكاتور الفلسطيني الشهيد ناجي العلي يخط عبارة «إن عشت فعش حراً»، فإن عدداً من مشاريع مؤسسة «فلسطين الشباب» يتواصل، إضافة إلى تخطيطها لمشاريع طموحة، من بينها فيديو «فلسطين الشباب»، ومسرح «فلسطين الشباب»، وفكرته تقوم على مسرحة النصوص المتميزة المنشورة في المجلة، بالتعاون مع مسارح في مختلف محافظاتفلسطين التاريخية. ولكن تبقى هذه المشاريع الطموحة، وغيرها من القائمة أصلاً، رهن الدعم المالي من المؤسسات الأهلية والقطاع الخاص الفلسطيني.